القائمة الرئيسية

الصفحات

موريتانيا والرهان المغربي على الوهم في ملف الصحراء الغربية


بقلم: عبد الله ولدبونا _خبير استراتيجي
يواصل المغرب حملاته الدعائية المغرضة ضد موريتانيا ، وحملاته الواهمة فيما يخص الملف الموريتاني الصحراوي .
عشرات الكتاب من فئة الذباب الرقمي من جنسيات عديدة يراكمون في المجال السمعي البصري مواد من كل نوع تتحدث عن تغير جيو استراتيجي كبير في الموقف الموريتاني من الصحراء الغربية ومن جبهة البوليساريو ، ويوظفون في ذلك بعض الأحداث أو الإجراءات السيادية الموريتانية ، لأخراجها كدليل على افتراءاتهم، لكنه نمط مغربي معهود فالمغرب يصنع الوهم ويعيشه.
والحقيقة الراسخة هي أن موريتانيا هي يرسم مسارها السيادي وثوابتها التي لم تتأثر سابقا بنزق وطيش المغرب ولا بعنترياته ،  ولا بغيره من الدول "الحليفة" التي تنشط في الإقليم في دور تكميلي للحلف المغربي الصهيوني.
الثوابت الموريتانية كما هي 
_اعتراف راسخ بالجمهورية العربية الصحراوية
_فتح المعابر للصحراويين ليدخلوا ويخرجوا بهوية الجمهورية العربية الصحراوية من مخيماتهم قرب تيندوف وكلما يتمتعون به من امتيازات كما هي.
_ دعم الحل السلمي برعاية الأمم المتحدة
_ الحياد الإيجابي 
بحيث لا تخدم أي جهد حربي لصالح طرف من الأطراف.
لن يستطيع المغرب محاصرة الصحراويين من جهة الحدود الموريتانية ولا منع حركة المدنيين الصحراويين بين موريتانيا والمخيمات الصحراوية ولن تلعب له انواكشوط دور الدركي
ولن تسمح موريتانيا بمهاجمة جيش الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية من أراضيها، ولن تخدم احتلال المغرب للصحراء الغربية.

جيش التحرير الشعبي الصحراوي  بخبرة نصف قرن في النضال المسلح وحرب العصابات  وتاريخ طويل من الانتصارات على الجيش المغربي يعرفون جيدا كيف يحددون طرقهم العملياتية داخل أرضهم المحتلة باتجاه أرضهم المحتلة ، وهو حق تكفله كل قوانين العالم.

انتشار الجيش الموريتاني في نقاط تماس مع الجزائر والبوليساريو هو جزء من خطط أمنية لمواجهة كل التحديات بتلك المنطقة الحساسة وليس انتشارا موجها سياسيا ضد البوليساريو كما يحلو للمغرب أن يروج.

والتنسيق الميداني عبر كل القنوات الرسمية مفتوح ونشط بين غرف العمليات الموريتانية الصحراوية والموريتانية  الجزائرية.

الوفد الصحراوي السامي الذي زار موريتانيا واستقبله الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني  كانت زيارته ناجحة وخرج من اللقاء مرتاحا لما سمع من الرئيس الموريتاني من حرص على علاقات دافئة ومميزة بين الموريتانيين والصحراويين ، وحرص على استدامة تلك العلاقات .

وكان الموقف الموريتاني واضحا وصريحا وهو أن موريتانيا جزء أساسي من الحل لا جزء من عقدته.

ولقد سعدت شخصيا بلقاء الوفد الصحراوي عالي المستوى ولمست لدى الشخصيات الوازنة فيه رؤية واعية وتقديرا فخما للرئيس ولد الغزواني وارتياحا عميقا لمخرجات اللقاء به.

في البعد الاستراتيجي
يبدو المغرب في وضع هجومي منذ العام 2020 بخرقه لاتفاقية وقف إطلاق النار ونشر جيشه في المناطق العازلة وبعض المناطق المحررة وتوظيفه العملياتي للمسيرات القتالية ضد المدنيين الموريتانيين والصحراويين والجزائريين من سائقي الشاحنات  ، وإطلاقه جملة من المبادرات التكتيكية  الإقليمية التي تستهدف عزل موريتانيا والجزائر  وعمله الجاد على تطويق الجزائر مع حلف متعدد الجنسيات ، مستغلا المتغيرات في دول جنوب الصحراء .

في وقت تبدو الجزائر في حالة انكفاء دفاعي أو انغلاق    على خط دفاعية صارمة ، وقد يكون ذلك  عاملا من العوامل المؤثرة على البوليساريو ، لكنه تأثير محدود.

لكن التجارب تقول إن الضغط على حركات التحرر هو مايزيدها قوة ويدفعها إلى تطوير أدائها وفاعليتها القتالية ، والأمثلة التاريخية عديدة وكذلك في الوقت الراهن ، فقد أدى حصار غزة إلى انفجار الطوفان في وجه "اسرائيل" وحلفائها وسقطت أكذوبة التفوق والردع الاستراتيجي.

وسيكون الضغط على البوليساريو ومساراتها العملياتية محركا نفاثا لتطوير  جيش التحرير الصحراوي الذي يمتلك من أسباب القوة ما لا تمتلكه حركة مقاومة اليوم ، إذ هناك دول داعمة للحق الصحراوي   كالجزائر وجنوب افريقيا وغيرهما سبق أن جعلا الكفة الصحراوية تفرض ثقلها ميدانيا وعالميا.

لن أتفاجأ إذا توسعت الرقعة العملياتية الصحراوية لتبرز من جبهات أوسع خارج الحيز الميداني المألوف.

فخاخ مغربية لموريتانيا

لم يتوقف المغرب عن حبك الفخاخ لموريتانيا منذ عقود ويحاول إذكاء توتر بينها مع البوليساريو لكنه فخ مكشوف لن يقع فيه الطرفان
ويحاول التأثير على تسارع التعاون الاستراتيجي بين انواكشوط والجزائر
في لعبة مكشوفة كذلك.

الحل بيد الجزائر

إن أفضل خطة للدفاع هي الهجوم فالمغرب يهاجم لا لأنه الأقوى ، بل لأن الجزائر تركت له مساحات لعب فارغة  فباشر استغلالها.

السياسة أحيانا تكون كلعبة كرة القدم ، إن عليك أن تحصل على الكرة أولا وأن تستغل المساحات المتاحة للحركة بها وتمريرها حسب الخطة 
وعلى الفريق الخصم أن يغلق مساحات اللعب وأن يضغط على من لديه الكرة لانتزاعها منه وإفشال خطة الهجوم.

لقد تخلت الجزائر عن الكرة وهي الأقدر على الاستحواذ عليها ، وتخلت عن مساحات شاسعة في الملعب مكنت المغرب من التحرك كثيرا ، واعتمدت الجزائر خطة دفاع المنطقة على حافة مرماها وهي تمتلك أجنحة كاسحة ولاعبي وسط ارتكاز  ممتازين ورؤوس حربة هجومية  لا قبل لأي دفاع بهم .
فلماذا كل ذلك !

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...