المؤتمر الشعبي العام:
في الجوهر هو محطة وطنية جامعة ( لم للشمل ) : سياسية وديمقراطية بامتياز، ولها أهميتها الخاصة والفريدة كونها تتوج مسار خلاق وهي مصب لثلاثة روافد لا غنى عنها: سياسي، تقييمي - تقويمي، ديمقراطي " تجربة وطنية تستوجب المراجعة والتحيين " في شقيها المتعلق ببرنامج العمل الوطني والانتخابات ( ثمة من يقترح آلية وطنية للغرض).
مخرجات المؤتمر:
نظريا، يفترض أن تكون ثمرة لمخاض سياسي ينطلق من القاعدة: مناضلات ومناضلين، أعضاء خلايا التنظيم السياسي ويتدرج نحو الاعلى : عراف، أمناء سياسيين، أمناء محليين، ملتقى الأمناء والمحافظين، ندوة الأطر( الأمانة، الحكومة، الأركان، المجالس الوطنية، شخصيات وطنية، أعضاء السلك الدبلوماسي، تمثيليات المنظمات الجماهرية، تمثيل للنخبة الوطنية من الاكاديميين والجامعيين والدكاترة وخريجي الأكاديميات العسكرية، ومدعوين... ) ويشترط أن يكون مقياس الانتقاء أو التعيين واضح ويسند لهيئة تنظيمية يكون من مهامها: اثبات العضوية على أساس المقاييس المحددة.
أن يكون المؤتمر: عادي أو مؤجل أو استثنائي ليس هدف في حد ذاته.
فالهدف هو أن يتوج سلسلة من النقاشات الواسعة والشاملة على أن تفضي الى تحقيق عملية سياسية تؤطرها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وتوجهها لإنجاز تشريح واقعي وموضوعي لما عليه حالنا " واقعنا الحالي" وابراز ما انجز ومالم ينجز من برنامج العمل الوطني الصادر عن المؤتمر السادس عشر للجبهة.
على ضوء هذا التقييم ( مكاسب نثمنها و نقاط ضعف نعالجها ) ترسم الآفاق والبدائل، وفي هذا السياق فانه لابد من مساءلة الاخفاقات (يبدو أن النقد يزعج بعضنا وهناك من ينتقد بسلاسة ولا يساهم بتقديم بدائل مقنعة).
الندوات والمؤتمرات في أدبيات الجبهة تعرف على أنها محطات للتقييم والمساءلة وللاقتراح، تصدر عنها مواقف وقرارات وتوصيات ورسائل وتجرى خلالها عمليات انتخابية أحيانا، يحكمها قانون وضوابط معلومة ( لكل هيئة نظامها الداخلي تقترحه الهيئة وتتدارسه الامانة الوطنية: تثريه، تصادق عليه أو تلغيه ).
مرجعيتنا تكمن في القدوة والجهد الجماعي والحشد الجماهيري المسلح سياسيا والمشارك بزخم وعن قناعة.
السؤال المفتاح: ماذا نريد ؟
الوقفة أو الموقف الاستثنائي ( تحديث، عصرنة، تأقلم و مواءمة في البنية التنظيمية وفي الرؤى) للاهتداء الى صيغ وأساليب تنظيمية ترقى : بالأداء ( الذي تعوزه المنهجية والتقييم ) وبالأدوات التنظيمية - هيئات التنظيم وقياداته - ( التي تفتقر للتفاعل البيني - أخذا وعطاءا -) وبرنامج العمل الوطني في صيغته الحالية ( الذي لا يمكن اعتباره استراتيجية ... ) الى ما تستوجبه المرحلة أو الظرف من وحدة الصف ووحدة الرؤى، واستشراف موضوعي للأفق وبعث الأمل والثقة، والتأسيس لنقلة جيلية حان وقتها كضمانة حياتية لاستمرارية وتواصل المقاومة والكفاح - حرب شعبية طويلة الأمد -، وفي سياق متصل فان السانحة مواتية بأن نذكر بقيم وأهداف وأسس ذلك الانجاز العظيم والاستراتيجي المتمثل في الوحدة الوطنية ( جبهة داخلية متماسكة ومحصنة) بنفس الروح والزخم والبعد والأهمية التي أراد لها الشهيد الولي رحمه الله، وقد كانت فعلا حدثا وطنيا مفصليا ومصدر قوة لا ينضب لمسيرتنا.
مربط الفرس في هذه الحالة ليس تأخير أو تقديم، مربط الفرس يكمن في ماذا نريد وكيف نحققه ؟ وما هي المنهجية والصيغ والآليات الكفيلة بذلك ؟ بما فيها الأجواء الايجابية والأرضية الخصبة الضروريين أيضا ؟
الاستثناء لا يكمن في عامل الوقت - على الأقل الآن- ليس ثمة بوادر فرصة أو فرص يتعين أن لا نتركها تمر أو تضيع، الاستثناء يكمن في صنع الحدث الذي يؤسس للاستثناء، ما بعد المؤتمر هو المهم ويجب استحضار وتقييم كل التجارب الوطنية والأخذ بتجارب غيرنا.
هل تدارسنا التحولات الكبرى في تجربتنا ( من لجنة تنفيذية: قيادة جماعية لحركة التحرير – الواقع - ومجلس قيادة الثورة : بمثابة مجلس رئاسي للدولة – المشروع - ومؤتمرات شعبية للرقابة ( ديمقراطية مباشرة ) وندوات سياسية ( فضاء سياسي وتثقيفي للأطر ) الى ما عليه نحن الآن ...، وماهي الخلاصات الكبرى التي يجب الاسترشاد بها في نقدنا للتجربة الوطنية ؟ أين الخلل ؟ وماهي البدائل المتاحة المستنبطة من تجربتنا الوطنية ؟
في مثل هذه الصائفة من سنة 2022 تم تشكيل "مجموعة عمل"، ومنذ سنوات بل عقود شكلت خلايا للتفكير ومجموعات عمل، ولم يكن تشكيلها جزافيا أو اعتباطيا أو عن جهل للأوضاع، بل كان لدواعي محسوسة: اما لمواكبة أوضاع طارئة واما لمعالجة مناحي ضعف وأوجه قصور ذاتية، أما آن لنا أن ننفض الغبار عن هذه التجارب ونعاود قراءتها ونسترشد بمضامينها ؟ ونحن نناقش و نتابع أوضاعنا في اطار مختلف هيئات ومؤسسات التنظيم، أو نتلقى أو نستمع ولو عن بعد لأصداء وتداعيات أراء أخرى ومنها وثيقة صادرة عن بعض الأطر " بعنوان عريضة " - بغض النظر عن مَنْ كتبها وتوقيتها - شكلت رسالة لاشك أن التنظيم التقطها وله قراءته وتأويله بخصوصها.
ليس من المصلحة ولا من الحكمة تجاهل أو معاندة أو شيطنة أو الصاق التهم بالرأي الآخر، أظن أن الحكمة تقتضي تلقيه برحابة صدر وتصويبه في الاتجاه البناء "استثماره بأدوات تنظيمية ".
ولا بد من لفت الانتباه الى ما يعرفه العالم من تحولات وتغييرات متلاحقة، وما تعرفه منطقتنا بالتحديد من وجود وتراكم " عناصر مشتعلة " مبعث للغليان والتهديد بما هو أخطر، فضلا عن ما هو متوقع من مواقف دول نافذة مثل: فرنسا، أمريكا، بخصوص قضيتنا؛ وهي عوامل تستدعي أن نتساءل عن كيف نتفاعل أو نتعامل مع هذه المستجدات: لسبقها أو لمرافقتها أو للوقاية منها ولتفادي مخاطرها ؟، ناهيك عن حيثيات وتفاصيل الواقع الوطني وما يعج به من افرازات خطيرة تعد مصدر عدم اطمئنان.
أسئلة مطروحة: تنتظر محطة وطنية تؤطر وتوجه النقاشات الحالية وتشكل فضاء صحي سليم، تتزاحم فيه العقول الوطنية ( الناقد منها والمادح)، لاستخراج عصارة الأفكار البناءة والضرورية، تمهيدا وتحضيرا للموقف التنظيمي الواعي بمعطيات وحقائق المرحلة الداخلي منها والخارجي.
وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والتوفيق
لشعبنا وقيادتنا ولتنظيمنا الجامع
لمشروعنا الوطني الطموح
ابراهيم محمد محمود بيدالله
تنويه: الحلقة الاولى كانت بتاريخ: 07/06/2022