من يشارك في مؤتمرات العدو، أو يجلس على موائد النظام المغربي تحت لافتات "التمثيل الصحراوي"، إنما يضع نفسه في صف العدو، ويعلن صراحة أنه خرج من دائرة الانتماء إلى وطنه. فهؤلاء لا يمثلون الشعب الصحراوي، ولا يعبرون عن قضيته، بل هم مجرد واجهات يستخدمها الاحتلال المغربي لتلميع صورته في المحافل الدولية، وإيهام العالم بوجود "تعددية" زائفة تخدم أجندته الاستعمارية.
الخونة هم أدوات، بيادق يتم تحريكها على رقعة السياسة الملوثة. قد يمنحهم الاحتلال مناصب، ألقاب، جوازات سفر حمراء، أو حسابات بنكية مُنتفخة، لكنه لا يمنحهم كرامة، ولا احتراماً، لأنه يدرك جيداً أن من خان شعبه، لا مبادئي له، ويمكن أن يخونه هو أيضاً. فكيف يُؤتمن من باع تاريخه، وتنكّر لدماء الشهداء، ووقف ضد حلم و تطلعات البناء شعبه، في الحرية والاستقلال؟
فالوطن ليس للبيع… والشعب الصحراوي ليس قطيعًا ...
من يظن أن الشعب الصحراوي يمكن خداعه، أو التأثير عليه ببعض الوجوه الكاذبة، فهو واهم. هذا الشعب الذي صبر على القهر، وجاع في المخيمات، وواجه الرصاص بالصدور العارية، لا يمكن أن يُغرى بالمظاهر، ولا أن يُشترى بالمال. هو شعب حر، أنجب أبطالا ومجاهدين، وحمل قضيته على أكتافه لعقود، دون أن ينحني أو يساوم. وأبناء هذا الشعب يعرفون جيداً أن الوطن لا يُمنح، بل يُنتزع، وأن من يساوم على ترابه لا يستحق أن يدفن فيه.
نقول للخونة: سيأتي اليوم الذي تُحاسبون فيه أمام التاريخ، وأمام هذا الشعب الذي تآمرتم عليه. سيُذكر كل اسم، وستُفتح كل صفحة. لن تنفعكم مناصبكم، ولا صوركم في المؤتمرات، ولا تصريحاتكم المأجورة. ستبقون وصمة عار في جبين الوطن، وسيرتكم ستُروى للأطفال كأمثلة على الانحطاط والخذلان.
في المقابل، نرفع رؤوسنا بكل فخر بأولئك الذين ما زالوا يرابطون في المخيمات، ويُعذبون في سجون الاحتلال، ويُحاصرون في المدن المحتلة. هم نبض الوطن الحقيقي، هم الذين يكتبون التاريخ بالدم، لا بالكلمات الفارغة. هؤلاء هم من يستحقون أن تُعلّق صورهم على الجدران، وأن تُروى قصصهم للأجيال، لأنهم لم يخونوا، ولم ينحنوا.
فالخيانة موقف… والوفاء أيضًا موقف. وفي قضايا الشعوب، لا مكان للحياد. إما أن تكون مع وطنك، أو مع جلاده. والخونة قد يعيشون لحظة مجد زائف، لكن الأوفياء وحدهم يخلّدهم التاريخ.
سلامة مولود اباعلي