البشير لحلاوي هو رجل أهَّله القدر ليكون بطلا ويدخل التاريخ. ازداد في منتصف الاربعينات بوادي الساقية الحمراء، غير بعيد عن حاسي معطلا. بدأ يحفظ القرآن ويتفقه، وحين أصبح يافعا قرر أن يغادر ليتعلم الفرنسية. عاد إلى عائلته سنة 1970م، لكنه لم يستقر، وكان يفكر في القيام بعمل ما عظيم. التحق بمدينة السمارة، وكان يتنقل بينها هي ومدينة العيون. انضم سريا إلى الحركة الطليعية التي أسس بصيري نهاية 1969م. بسبب نشاطه أُلقي عليه القبض أكثر من مرة وسُجن مدة شهر، ومُنع من مغادرة السمارة. حين بدأت إسبانيا تمنح بطاقات التعريف استطاع هو أن يحصل على بطاقة كي يغادر إلى تندوف. في تندوف انضم مع الأوائل إلى خلايا فرع التنظيم السياسي السري، ومنه التحق بجبهات القتال ضمن مجموعة الشمال. كان رجلا ديناميكياً، لا يرتاح ولا ينام، ولا يترك سلاحه، وكان هو حارس مجموعته. في الاجتماع الذي سبق المعركة التي استشهد فيها يوم 8 مارس 1974م، اقترح عليهم اقتراحا، وهو أنه إذا جُرح أحدهم، وكان غير قادر على الحركة عليه أن يطلب من رفاقه الانسحاب، وأن يتكفل هو بتغطية انسحابهم. من الصدف أنه هو كان في موقع الحراسة حين وقع الهجوم عليهم، وأُصيب في الطلقات الأولى. ترك رصاصه في جيبه، وحين نفذت ذخيرة رفاقه، طلب منهم المغادرة، وبدأ هو يطلق النار لتغطية انسحابهم. أدار معركة لوحده مع العدو، وحين انتهت ذخيرته، لم يتجرأ أحد على الاقتراب منه. كانوا يعتقدون أنه لازال في جعبته بعض الرصاصات، وأنه ينتظر اقترابهم منه ليقتل بعضهم قبل القبض عليه. رمى عليه جندي قنبلة يدوية اصابته شظايا منها في العمود الفقري. ألقوا عليه القبض وهو لازال حيا، ونقلوه إلى جديرية، لكنه استشهد في الطريق. من الصدف، أيضا، أنه جُرج في نفس المكان الذي ازداد فيه ودفن قربه في مقبرة جديرية. في كتاب، البوليساريو، عشر سنوات من الكفاح، الصادر عن وزارة الإعلام الصحراوية سنة 1983م، وجدنا هذا النص عن البشير لحلاوي:" البشير لحلاوي، بطل الثورة، اتخذ خطوات عديدة في البداية مع القادة السياسيين في البلدان المجاورة. لقد ذهب إلى حد طرق باب الاستعمار الإسباني. لكن دون جدوى. كل هذا أقنعه بأن الحرية لا يمكن أن تتحقق إلا بالبنادق. ولد بشير لحلاوي عام 1944 في الساقية الحمراء، ونشأ في البادية. اضطر لمغادرة بلاده في أعقاب التحالف الاسباني الفرنسي. عندما اندلعت الحرب بين المغرب والجزائر عاد إلى هناك. ثم اضطر مرة أخرى لمغادرة موطنه عام 1967م، واستقر في الجزائر حتى اندلاع الكفاح المسلح. تم دمجه على الفور في المجموعة الثانية من المسلحين الذين انضموا إلى A.L.P.S. شجاعته دفعته للبقاء على الدوام في جبهة الطليعة رغم قلة السلاح والوسائل العسكرية. سقط في ساحة المعركة في 8 آذار / مارس 1974م. هذا الشهيد الأول، مهّد الطريق لتضحيات مستقبلية من أجل الحرية والاستقلال. وهو الأكبر بين إخوته، متزوج لكنه لم ينجب. كان يتكلم قليلا، وكان دائما أول من يهاجم خلال عملية عسكرية. يحتفل شعبنا في الثامن من آذار من كل عام بذكرى استشهاد هذا الشهيد الأول.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه