القائمة الرئيسية

الصفحات

الشهيد الولي مصطفى السيد، القائد، الإنسان

 


حيث تمتزج الرمال بعراقة التاريخ، وتتعانق الجبال مع صوت الحرية، برز اسم، على مسمى: الولي مصطفى السيد، كوميضٍ في ليل الاستعمار، وكحلمٍ صادق في ذاكرة وطن يبحث عن ذاته. لم يكن مجرد قائد عابر في لحظة صراع، بل كان تجسيدًا لحكمة البدايات ووضوح الغايات. جمع بين البساطة الثورية والرؤية الفكرية، فكان كما تغنى به الشعب:
"يا ولي الجماهير، يا زعيم الثوار"
فكان صوت الجماهير حين يصمت السلاح، وسلاحها حين يخون الصوت.

ولد في قلب الصحراء، من رحم المعاناة، لكنه أبى إلا أن يكون ابن الأمل. رأى في الجماهير محرّك التاريخ، وفي الأرض مرآةً للكرامة. ومنذ خطواته الأولى في درب النضال، اختار أن يكون ابنًا للفكرة، لا للظرف.

ولهذا قال عبارته الخالدة:
"إذا أرادت القدرة الخلود للإنسان، سخّرته لخدمة الجماهير."
في هذه الكلمات، وضع جوهر مشروعه النضالي: الإنسان الذي لا يخلده المجد، بل يخلده العطاء، والولاء للقضية، والتضحية من أجلها.

لم يكن يرى الحرية هبة، بل حقًا يُنتزع. ولذلك صدح في إحدى خطبه:
"إذا أردت حقك، يجب أن تسخى بدمائك."
فالثورة عنده لم تكن صخبًا عابرًا، بل مشروع بناء ووعي. ولهذا قال أيضًا:
"الثورة ليست حالة غضب، بل مشروع حياة."
مشروع يرى الوطن كفكرة قبل أن يكون أرضًا، وكقيمة قبل أن يكون خريطة.

وكان الولي شديد الوضوح في رؤيته: رفض التسوّل السياسي، واحتقر المساومات، وآمن بأن الوحدة قوة، والكرامة لا تتجزأ.
فقال بصوته الذي لم يخف قط:
"لن نطلب من أحد أن يمنحنا حقنا، بل سنأخذه بأيدينا."

قال في خطاب آخر:
"الثورة في الساقية الحمراء ووادي الذهب أعلنت: لأنه موجود شعب، حتمًا موجود شعب."
كان يؤمن أن وجود الإنسان ووعيه هو ما يمنح المعنى للأرض، وأن الشعوب لا تُقاس بعددها، بل بقدرتها على الصمود، والبذل، والإصرار.

بهذه القناعة، كان الصحراويون يمشون حفاة نحو الشمس، لا يحملون في جيوبهم سوى الإيمان.
لكن هذا الإيمان كان أقوى من كل سلاح، لأنه إيمان بمشروع كرامة لا يُهزم، وبروح لا تعرف الانكسار.

وفي التاسع من يونيو 1976، ارتقى الولي شهيدًا في قلب نواكشوط، تاركًا جسده بين الرمال، وروحه في ضمير شعبه، وصوته في ذاكرة القضية. لم يكن استشهاده نهاية، بل كان لحظة عبور من الأرض إلى الفكرة، من الحياة إلى الخلود.

قال الولي:
"إذا أرادت القدرة الخلود للإنسان، سخّرته لخدمة الجماهير."
وقد عاش هذه العبارة حرفًا حرفًا، حتى آخر طلقة، وآخر نفس.
كانت إرادة لا تعرف الخوف، وعزيمة لا تنكسر.

ففي زمنٍ تتنازع فيه المصالح على مبادئ النضال، يبقى الولي مصطفى السيد شاهدًا حيًّا على زمن نقي، لم يُخدش فيه الحلم، ولم تُشوّه فيه الكلمات.
لقد قضى، نعم، لكنه لم يغب.
فالأفكار لا تُدفن، والدماء التي تُسفك من أجل الكرامة تكتب التاريخ، لا تمحوه.
وإذا كان لبعض القادة تمثال، فقد حُفر للولي مكانٌ في ضمير شعبه، في الرمل، في الذاكرة، وفي المستقبل الذي يُكتب الآن.

إلى الذين يمشون اليوم على درب الولي،
لا تحملوا اسمه فقط، بل احملوا روحه.
لا ترددوا خطبه، بل اجعلوها منهاجًا.
فالحرية لا تُستعاد بالنصوص، بل بالفعل... وبالدم، حين يجب.
 سلامة مولود اباعلي

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...