قلنا في مقال سابق أن اجتماع مجلس الأمن القادم، يوم 16 ابريل، قد يكون عاصفا؛ هناك مؤامرة تقودها إسبانيا لمحاولة فرض الحكم الذاتي في مجلس الأمن، وهناك رسالة بيدرو سانتشيز الى ملك المخزن في مارس 2022م التي سيقدمها دي مستورا كوثيقة رسمية، وهناك مواقف الدول التي تسمى نفسها " مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية" التي يبدو إنها إما مؤيدة للخطة الإسبانية وإما صامتة بما في ذلك روسيا.
هل مطلوب من موريتانيا لعب دور جديد؟
بالإضافة إلى هذا يجب أن لا يغيب عن مِجهرنا الجار الموريتاني الجنوبي. فهذه الدولة هي قطعة مهمة جغرافيًا في الكثير من المشاريع الخطيرة التي تحاك في المنطقة حاليا؛ أولا، تعول عليها إسرائيل والمغرب والإمارات في اتساع رقعة التطبيع، يعول عليها المخزن والامارات في مشروع الاطلسي، يعول عليها المخزن في خنق الجزائر، تعول عليها فرنسا في التشبث بالساحل وأفريقيا الغربية، تعول عليها الدول الإفريقية المجاورة في الغاز مستقبلا. الذي يهمنا الآن، كصحراويين، في كل هذا هو تفسير زيارة دي مستورا، غير العادية، إلى موريتانيا. أولا، موريتانيا طرف ملاحظ، بحكم الجوار، في قضية الصحراء الغربية، ومجلس الأمن يطلب، دائما، من المبعوث الشخصي زيارتها والتشاور معها. في الماضي كان موقف موريتانيا واضحا ومختصرا ولا غبار عليه، وهو أنها محايدة وتدعم الأمم المتحدة. الآن، بسبب الضغوط الكثيرة عليها، هل يمكن أن تواصل الاحتفاظ بموقفها التقليدي المريح؟
زيارة المبعوث الشخصي دي مستورا إلى موريتانيا هذه المرة حملت وراءها الكثير من علامات الاستفهام. في الماضي كان يتم استقبال المبعوث الشخصي من طرف الرئيس أو وزير الخارجية لعدة دقائق، يسمع منه الجواب الروتيني عن الحياد ودعم الأمم المتحدة، ثم يتوكل على الله، ويركب الطائرة ويختفي في السماء. الآن، خلال هذه الزيارة، لم يحدث هذا. تم استقبال دي مستورا من طرف أضلاع المثلث القوي في الدولة، كل واحد على حدة: الرئيس، وزير الدفاع، وزير الخارجية. حسب معلوماتي الضيقة لم اسمع في الماضي أن وزير الدفاع الموريتاني استقبل المبعوث الشخصي ما عدا هذه المرة. ما هو تفسير هذا؟ هل سترتكب موريتانيا خطأ وتخرج من الحياد المريح، تحت الضغط والإغراء، وتتخذ قيادتها قرارا سيئا مثل الذي اتخذته سنة 1975م؟ هل ناقش دي مستورا كل الجوانب العسكرية والدبلوماسية والعامة مع القيادة الموريتانية، وناقش معها السلبيات والايجابيات، والنتائج التي يمكن أن تترتب عن أية خطة إذا كانت ستتخذ قرارا خطيرا بالخروج عن الحياد؟
في كل الحالات لا نتمنى أن ترتكب موريتانيا غباوة مثل غباوة سنة 1975م، ونتمنى أن تنظر بعيدا، فالذين خدعوها سنة 1975م هم الذين يريدون خداعها الآن. من جهة أخرى، لا يجب أن يحس الصحراويون بالقلق فهم الذين يتحكمون في ريتم الوضع، ولن يضرهم حياد دولة مهما كانت من غيره.
السيد حمدي يحظيه