بلغت مملكة المخزن التي تتحكم في المغرب، مرحلة من التآكل والتفسخ والتحلل لم يعد ممكنا معها الدواء أو الرجوع إلى الوراء أو إصلاح الوضع، أو، على الأقل، العودة به إلى الحالة العادية.
فما يحدث الآن في المغرب، من حراك ومظاهرات يومية وحالات ثوران ورفض للتطبيع، هو مقدمة لانفجار برميل البارود أو مؤشر على الطوفان الشعبي الذي ينتظر الشرارة فقط.
كل التحليلات تصب في اتجاه أن ما يحدث، الآن، في المغرب، من بوادر ثورة شعبية واسعة، من الصعب كبحه أو التحكم فيه، وكل العلامات توحي بأنه مقبل على التدهور قريبا.
هناك الكثير من الأدلة التي توحي أن النظام الملكي في المغرب وصل إلى مرحلة الموت السريري، وبدأ الدم يتجمد في أطرافه، وعما قليل يتجمد في قلبه ومخه. فحين يتحول نظام إلى عصابة منظمة بلا أخلاق ولا مبادئ، ويبني سياسته على القذارة، وعلى الابتزاز وعلى السرقة وعلى الرشوة، فمثل هذا النظام انتهى سياسيا حسب نظريات رجال علم الاجتماع، ودخل مرحلة التخبط والمغامرة والفوضى. من السياسات والأخطاء التي قام بها المخزن، والتي جعلت المحللين يتوقعون سقوطا سريعا للنظام المغربي نذكر ما يلي:
أولا: خطأ لعب دور وظيفي لإضعاف الجزائر
نعرف أن المغرب، منذ سنة 1974م، قام بأدوار وظيفية قذرة كثيرة لصالح الغرب، مثل دور محاربة الشيوعية، ودور شرطي الغرب، ودور حماية الضفة الأخرى من الإسلام المتشدد، ومن الإرهاب، ودور الجندي المثالي في المشاركة في الحرب على العراق وأفغانستان. حين وجد المغرب نفسه مكشوفا، وبلا دور وظيفي له على الساحة الدولية، وبلا حماية، حاول أن يخلق دورا وظيفيا له في المنطقة، وهو أن يكون مخلبا للقوى الحاقدة على الجزائر والساعية إلى لي ذراعها وزعزعتها. فمثلما قام المغرب بدور وظيفي في أثناء فترة الإرهاب الذي ضرب الجزائر في التسعينات من القرن الماضي، فقد عاود الكرة مرة أخرى، مؤخرا، بدعم الربيع العربي، وبمحاولة إدخال السلاح والمخدرات من الحدود، وبالاستقواء بالكيان الصهيوني. لكن بما أن الجزائر استوعبت الدروس الماضية، فقد اتخذت خطوات سيادية ضد المغرب للمحافظة على أمنها القومي مثل: غلق الحدود، قطع العلاقات، قطع المنافع الاقتصادية، فرض التأشيرة. بدل أن يكسب المغرب فوائدا من لعب دور وظيفي ضد الجزائر، خسر دوره، وخسر مصالحه الكثيرة مع الجزائر. مباشرة، بعد اتخاذ الجزائر للإجراءات التي ذكرنا ضد المغرب، بدأ الصراخ، وبدأت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وبدأت كرة الثلج تتدحرج نحو الأسفل.
ثانيا: التحالف مع المجرمين ومع شركات التجسس والمخدرات
من مظاهر الإفلاس السياسي عند المخزن، وتحوله إلى نظام ظهرت عليه علامات السقوط، هو وضع يده في يد المجرمين والعصابات وشركات المخدرات والجوسسة. فحتى “تنقذ” المملكة نفسها من السقوط والإفلاس، لجأت، كالعادة، إلى الطرق القذرة وهي محاولة الابتزاز والتجسس على الدول ورؤسائها. نذكر الآن ثلاث عمليات قامت بها المملكة توحي بأنها فقدت ثقتها في نفسها، وفقدت مصداقيتها وتحولت إلى عصابة تبني سيادتها على الأعمال القذرة: أولا، باعت فلسطين المقدسة واعترفت بالقدس عاصمة للصهاينة مقابل تدوينتين غير قانونيتين من طرف ترامب والمجرم نتنياهو يعترفان لها بالحكم الذاتي في الصحراء الغربية. ثانيا، تجسّست على رئيسي دولتين بواسطة برنامج “بيغاسوس”، وانتزعت منهما، بعد ابتزازهما طبعا بمعلومات مسروقة من هواتفهم، تأييدا فرديا للحكم الذاتي في الصحراء الغربية. هذا النوع من الأفعال لا تقوم به الدول التي تحترم نفسها، ولا تقوم به حتى الجماعات الخارجة عن القانون .
ثالثا: بيع المغرب كبلد للكيان الصهيوني
حتى يحاول حماية نفسه من الفيضان الذي يقترب، باع نظام مملكة المخزن بلده – المغرب – كله للكيان الصهيوني علّه ينقذه ويوفر له حماية لم يوفرها لنفسه – الكيان-.
فبعد شهرين من التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني، تفاجأ المغاربة بأن بلدهم وبرلمانهم وحكومتهم اجتمعوا وسمحوا، بواسطة قانون وقعه الملك بيمينه، بترويج وبيع المخدرات وتقنين استهلاكها. بعد تلك الخطوة، لم يتفاجأ أحد بأن أربع شركات صهيونية وضعت يدها على كل الأراضي الصالحة لزراعة المخدرات في المغرب. ولم يفرض الكيان الصهيوني على المخزن أن يسمح ببيع المخدرات فقط، لكن فرض عليه، أيضا، رغبة منه في “ازدهار” السياحة المغربية، أن يقنن الدعارة والرذيلة حشاكم. ورغم أن المخزن باع فلسطين وباع بلده للكيان الصهيوني بطريقة مباشرة، منذ أربع سنوات، إلى أن النتائج جاءت عكسية، ودخل نظام المخزن في النفق المظلم. فحسب بعض الدراسات المغربية نفسها، فإن أكثر فترة شهدت المظاهرات في تاريخ المغرب هي الفترة ما بين سنوات 2022م إلى الآن، وللمفارقة العجيبة فهذه السنة هي السنة التي استنجد فيها المغرب بالصهاينة وأطلق عليهم اسم سنة الإنقاذ.
رابعا: حفلة رمي الأبرياء في البحر
من وسائل وسياسات الابتزاز القذرة التي تبرهن أن مملكة مخزن مراكش أصبحت عمياء ومنهارة، وتبحث عن أي شيء يمكن أن تبتز به الغرب أو تضغط عليه به لتحصل على الأموال، نجد سياسة رمي الأطفال المراهقين في البحر. فكلما احتاجت المملكة الأموال تقوم بتجميع مئات الأطفال والقُصر ورميهم في البحر عراة ليلتهمهم السمك أو يموتوا غرقا.
عمّا قريب سيخرج الوضع عن السيطرة
الشارع المغربي الآن أصبح ساحة نِزال ومظاهرات يومية، وبكل تأكيد أن أكثر بلد تخرج فيه مظاهرات حاليا، في العالم، هو المغرب، والتوقعات تسير في اتجاه أن ساعة الصدام بين الشعب المغربي الثائر ونظام الشر المخزني أصبحت قريبة. فإلى الآن نجح المخزن في سياسة الانفراد بشرائح المتظاهرين واحتوائهم، واللجوء إلى مهدئات ظرفية، لكن مثلما يتوقع المحللون سيأتي اليوم الذي يتحرك فيه الشعب المغربي موحدا، ويتخلى عن المظاهرات التي تطالب بمطالب صغيرة مثل مظاهرات الطلاب أو الأطباء أو المعلمين وينتقل إلى الطوفان. فالمغاربة الآن يحسون بالغبن وبالجوع، ويحسون أن وطنهم أصبح في يد الصهاينة وفي يد عصابات المخدرات والأموال الفاسدة، ويحسون أن زمن المجاعة الحقيقية يقترب. إذن، الثورة الشعبية قادمة بعد أن فشلت كل محاولات تأخيرها، ومحاولة تهدئتها، وقد لا يكون دافعها سياسيا، بل اجتماعيا، وتكون ثورة جياع لا يستطيعون الحصول على الخبز فقط.
بقلم : السيد حمدي يحظيه- الشروق اونلاين