القائمة الرئيسية

الصفحات

من يحرض مالي على اختلاق أزمة مع الجزائر؟

 


لكل صراع دولي  تداعياته على الإقليم ؛ والصراع الدولي المحتدم في دول جنوب الصحراء في طور التفاعل ، وقد أدى لسباق تسلح ترعاه دول عديدة ، وقد حصلت جمهورية مالي على حصتها منه؛ خاصة سلاح المسيرات .
فلدى جمهورية مالي مسيرات متنوعة امريكية وروسية وصينية وتركية وإماراتية من نوع نسر 1وهنتر2
لكن الجيش المالي لم يصل بعد إلى القدرة الكاملة على التشغيل العملياتي الكامل للقوة الجوية المسيرة لديه.
وتشترك دول عديدة في الإدارة العملياتية للمسيرات بمالي والتدريب عليها  ؛ منها الإمارات  والمغرب .
ويحرص الروس على حصتهم من إدارة مسيراتهم.
لكن تحديات جدية متوقعة الحدوث 
دائما على الحدود الجزائرية المالية الطويلة البالغة زهاء 1360 كيلوميترا ؛ والتي لم ترسم بصورة عملية بين البلدين .
حدود صحراوية صعبة وبها نزاع مزمن ومقاومة مسلحة للحركات الأزوادية كما قد تتواجد في عمقها من الطرف المالي جماعات مسلحة وعصابات تهريب الممنوعات .
وتؤثر فيها الطبيعة الصحراوية الجافة والحارة ذات العواصف على تقنيات المسيرات الحساسة ؛ فقد سجلت حالات عديدة بذلك خاصة على المسيرات التركية التي سقطت إحداها بصاروخ جزائري .
ورغم احتمال وجود التباس في المجال الأرضي للحدود بفارق قد يتراوح بين 5   و10كيلو متر أحيانا إلا أن التغطية الرادارية الجوية تكون أدق ؛ فالبيانات المنشورة على موقع وزارة  الدفاع الجزائرية تحدد بدقة معطيات المسيرة المالية وأين كانت نقطة اختراقها الأول ثم عودتها للأفق المالي ثم التفافها الهجومي مرة أخرى باتجاه الأفق الجزائري لتتلقى صاروخا أصابها إصابة مباشرة.
ومعلوم تقنيا أن زاوية الإصابة وسرعة المسيرة واتجاه قوة الدفع للصدام مع الصاروخ وعوامل أخرى قد تدفع أجزاء الطائرة للسقوط الحر باتجهات مختلفة وعبر مسافات  معينة .
الأكيد أن الرادار الجزائري سجل الاختراق الأول بعمق 1.6 كيلومتر وعودة المسيرة عنه ثم اتخاذاها وضعا هجوميا نحو الأفق الجزائري وتم تدميرها ؛ ولا يعتبر موقع السقوط  الكلي أو الجزئي داخل الأراضي المالية دليلا علميا على إصابتها خارج المجال الجوي الجزائري كما ادعى بيان الجيش المالي .
لكن تدمير الجزائر للمسيرة التركية الاستراتيجية سبب صدمة كبرى لدول عديدة كانت تنفخ فيها كعامل  تأثير تكتيكي يمنحها تفوقا عملياتيا.
المغرب مثلا اقتنى حوالي 30طائرة من نفس النوع على دفعات كان أولها قبل 3 سنوات تقريبا وكان أول دفعة بعدد 10 مسيرات اكنجي .
لكن التجربة أثبتت تأثير المناخ الصحراوي العاصف والمشبع بالغبار على كل التقنيات الحساسة لبيرقدار التركية وكان يتم استدعاء طواقم صيانة كل أسبوعين من الشركة الأم في تركيا  وكانت العملية مكلفة فتم اتخاذ قرار بإعداد ورشة صيانة لهذا النوع من المسيرات التركية في الرباط  لتخفيض فاتورة الصيانة المكلفة عبر إرسال فرق صيانة متكررة إلى المغرب.
المغرب نفخ في القصة وأعلن عن بناء مصنع تركي كامل بخط إنتاج ضخم للمسيرات القتالية ضمن الحرب النفسية ضد الجزائر ودول الإقليم.
الجزائر. حشرت حلف المسيرات في الزاوية بتدمير المسيرة التي واكبتها دعاية كبرى .
ومايجري الآن هو محاولة استثمار لملف المسيرة المدمرة للتسويش على الجزائر .
الانظمة الانقلابية الهشة في مالي والنيجر وبوركينافاسو  مرتبكة تماما بسبب عجزها عن تسويق ذاتها داخليا وعجزها عن مواجهة خطر الجماعات المسلحة ونزع فتيل الحروب الأهلية داخلها وصدمتها من التقارب الروسي الآمريكي الذي  خفض مستوى الصراع الدولي في مالي ؛ وأصبحت هذه الأنظمة عرضة لتلاعب  دول وظيفية بها   لاستغلالها في نزاعات وصراعات ليست مؤهلة للدخول فيها.

وتبدو الجزائر متقدمة في الاستعداد الكامل للردع العسكري والأمني على كل حدودها الأطول إقليميا مع سبع دول هي
تونس بحدود 1010كيلومتر
ليبيا بحدود 982 كيلو متر
النيجر بحدود 951 كيلومتر
مالي بحدود 1350 كيلومتر
موريتانيا بحدود 461 كيلو متر
الصحراء الغربية بحدود 39كيلو متر
المغرب بأطول حدود 1739كيلومترا.
مع حدود بحرية طويلة مع أوروبا
مما يجعل الحدود الدولية الكلية للجزائر أطول من 7500كيلومتر
لكنها مغطات كلها بشبكات دفاع جوية وبرية وبحرية وتغطية رادارية  دقيقة.
وتبقى الحدود الجزائرية الموريتانية  هي الأكثر أمنا وسلامة فهي مرسمة ومعلمة بين البلدين وتحرص موريتانيا على تغطية عسكرية وأمنية ممتازة لهذه الحدود وتنسق في الأمن الحدودي مع الجزائر .
وبذلك يتضح أن هناك من يدفع مالي وحلفها الانقلابي لاختلاق أزمة مع الجزائر  لا داعي لها وإنما هي لمنع الجزائر من تنفيذ استراتيجيتها للتنمية والاستقرار بالإقليم وبدول جنوب الصحراء،
استراتيجية لا يشاركها فيها واقعيا وعمليا إلا موريتانيا.
وتلعب دول عربية وظيفية للكيان الصهيوني دور إشعال فتيل الأزمات مع الجزائر لصالح تلابيب.
وعلى نخب الإقليم الواعية التصدي لكل مخططات إقحام إقليمنا في دورة حروب وخراب لاقدر الله .
وتحتاج الأطراف المتآمرة إلى الانتباه لحقيقة أن لعبتهم ضد الجزائر والإقليم يمكن نظريا ردها لهم ؛ فلو أن الجزائر وجنوب افريقيا وروسيا والصين وأكثر من 50دولة داعمة للمقاومة الصحراوية والدولة الصحراوية قررت دعم البوليساريو في حرب غبر متناظرة مع المحتل المغربي لوجد المغرب نفسه مغلقا جوا وبحرا وبرا ولتأثر العبور العالمي من مضيق جبل طارق ولوجدت أوروبا الغربية والجنوببة  كل مصالحها مهددة ولا انقلبت موازين النفط والغاز الخليجي والاستثمارات الخليجية والأوروبية  في المغرب .
فبمجرد أن تضرب البوليساريو موانئ ومطارات المغرب العسكرية والمدنية بالمسيرات والصواريخ  ستتغير كل المعادلات بالمغرب العربي وجنوب أوروبا.
وهذا يعني ان مفتاح السلم والتنمية والاستقرار بهذه الجهة من العالم بيد الجزائر وحلفها القاري والعالمي الواسع فلا تدفعوا الجزائر للمواجهة فذلك ستكون فاتورته خطيرة على الجميع  

بقلم : الخبير الاستراتيجي عبد الله ولد بونا
7إبريل 2025

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...