ولعل أبرز نموذج تاريخي قريب هو تحالف مسليمة الكذاب وسجاح ؛ الذي سفك الدماء وأهلك الحرث والنسل وناصب المؤمنين العداء ؛ وقويت شوكته واتسعت جبايته حتى أدال الله دولته في معركة اليمامة الشهيرة.
واليوم يطل حلف الأفاكين هذا بصورة أبشع في تحالف بين الرباط وتلابيب ؛ بين كيان غاصب في فلسطين يدنس شرف الأقصى ويسفك دماء الفلسطنيين وكيان هزيل في المغرب يدنس لجنة القدس بالتكامل الاستراتيجي مع العدو الصهيوني ويستبيح أرض وعرض وثوابت الشعب الصحراوي العظيم.
كيانان مغتصبان لسيادة شعبين عربيين تقر قرارات الأمم المتحدة أنهما تحت استعمار استيطاني غاشم .
المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية وفلسطين التاريخية تتغول على شعب عظيم؛ قدره المقاومة ؛
وتتغول المستوطنات المغربية على آديم الصحراء الغربية الطاهر محاصرة بدو الصحراويين كما تحاصر تلابيب بدو النقب وغيرها؛
تغير تلابيب ملامح الهوية الفلسطينية في كل فلسطين وتعمل الرباط على نفس المشروع في الصحراء الغربية
تضايق تلابيب الفلسطينيين في أرزاقهم وتغرق تجمعاتهم بالمخدرات والخمر والمواخير والعملاء لخلخلة ثوابتهم وقيمهم ؛ وتغعل ذلك الرباط في مدن الصحراء المحتلة.
إنها النسخة طبق الأصل من الاحتلال الهمجي لأراضي ومقدرات الشعوب.
وتشترك تلابيب والرباط في فكرتين توسعيتن؛ فإعلام الصهاينة المخابراتي يثير دائما مشروع ضم الأردن إلى الكيان الصهيوني أو مشروع توطين الفلسطينيين في الأردن أو سيناء ؛ والمغرب يطرح إعلامه المخابراتي مشروع التمدد إلى نهر السنغال جنوبا وتمكبتو جنوب شرق وضم جنوب وغرب الجزائر ؛ وفكرة توطين الشعب الصحراوي العظيم في موريتانيا أو شمال موريتانيا ؛ رغم هشاشة الجيشين الصهيوني والمغربي ؛ فتلابيب رغم تفوقها التقني تعاني من تطور سلاح المقذوفات ومن صآلة مساحة الكيان ؛ بينما تعاني الرباط وهن أعمق في كل بنية نظامها العسكري والأمني والسياسي ولاتمتلك مصادر اقتصادية ذاتية لخوض حرب دفاعية طويلة الأمد فكيف بحرب توسع تتحدى جيوشا أقوى ومساحات أكبر
وأخيرا تحتفي الرباط الصهيونية “باعتراف” تلابيب “بسيادة” الرباط على أراصي الجمهورية العربية الصحراوية ” وتعترف الرباط بسيادة تلابيب على الأقصى وفلسطين ؛ وكأن شهادة اللص للص والكذاب للكذاب والمجرم للمجرم تكفي لإثبات ملكية ما سرقا معا واغتصبا معا!
ولعل الصورة التي تتشابه فيها الرباط وتلابيب شبها كاملا هي صورة هشاشة النظام وخيبة الأحلام التوسعية وفشل فكرة أن التفوق العسكري يصنع نصرا.
فتلابيب لم تحقق أي نصر استراتيجي على المقاومة الفلسطينية رغم التفوق العسكري ووحشية الحروب والعمليات الخاصة ضد المقاومة في فلسطين والجوار ؛ بل ازداد مؤشر حشر تلابيب في الزاوية حتى صارت تخشى استخدام القوة المفرطة ؛ في ظل حكومات هشة وشارع منفلت ؛ وتلك وجهة نظر منشورة لقائد أركان صهيوني سابق.
والرباط لم تستطع تحقيق نصر استراتيجي على البوليساريو
فقوة الصحراويين وخبراتهم ترتفع في كل دورة مواجهة.
ونفس الواقع المتسول لاتفاقيات وفق إطلاق النار من طرف تلابيب هو الواقع في المغرب ؛ فلقد تسول وقف إطلاق النار مع الصحراويين عام 1989ووقع عام 1991.
وتتسول الرباط الآن وقفا للحرب الصحراوية الاستنزافية ضدها بعد خرقت الرباط ملحق الاتفاقية بأحداث الكركرات وانتشار الجيش المغربي حتى حدود موريتانيا ؛ وهو انتشار يرى فيه الموريتانيون خطرا على عاصمتهم الاقتصادية ؛ فالمغرب ليس محل ثقة عند الموريتانيين .
لكن المغرب كما هي طبيعة الصهاينه نكاث للعهد مراوغ خبير في التهرب من الاتفاقية الدولية تماما كتهرب تلابيب من كامبديفد وأوسلو.
لكن الفرق لصالح تلابيب فهي دولة متسولة كالمغرب تجد دعما سخيا من صناعها ؛ بينما لا يحصل المغرب على تلك الأولوية في التمويل والتسليح ؛ وتغرقه القضية الصحراوية أكثر في بحار الخيبة والهزيمة.
إن تحالف سجاح ومسيلمة الجديد مهزوم مسبقا ؛ فالفلسطينيون أثبتوا أنهم شعب الجبارين ؛ فتلك غزة خلقت توازن رعب يمنع الصهاينة من النوم وتلك جنين تصنع كبرياءها ومجدها ؛ وتلابيب في ارتباك وخوف ؛ و54%من شباب “اسرائيل” يخططون للهجرة منها و 95%من شباب المغرب لم هاجر أصلا ؛ وكتائب صهيونية تعلن التمرد على قياداتها وكتائب مغربية تهرب من الميدان إلى عرض البحر.
وكما تزداد المقاومة الفلسطينية قوة وعزيمة تزداد قوة وعزيمة جيش التحرير الصحراوي الذي يرغم كل يوم الجيش الملكي المغربي على الهروب من خطوط دفاعه تحت وابل النيران.
ولو أدخل الصحراويون طائراتهم المسيرة للمعركة لكان وضع المغرب كوضع تلابيب تحت نيران غزة وجنين
فبماذا تحتفل الرباط ؟
إنه تعلق الغريق بقشة .
إن المستقبل لا شك هو للشعوب المظلومة والمستعمرة ؛ ولامستقبل للدول التوسعية والأنظمة الفاشلة كما هي في الرباط وتلابيب.
المستشار عبد الله ولدبونا
انواكشوط بتاريخ 18 يوليو 2023