القائمة الرئيسية

الصفحات

انقطاع الكهرباء عن إسبانيا… المخزن و”إسرائيل” في قفص الاتهام!


فجأة، بدون سابق إنذار، غرقت إسبانيا في ظلام دامس لمدة عشر ساعات تقريبا، وبما أن هذا يحدث لأول مرة، بهذا الشكل، ويسبّب مثل هذا الكم من الخسائر المالية التي بلغت الملايين، فقد اعتبره الشارع الإسباني هجوما عدائيا من جهة خارجية. ضجّت شبكات التواصل بتساؤلات منطقية، مثل: بما أنه لم يحدث فيضان ولا إعصار ولا عواصف، ولم يتم تدمير مفاعل الكهرباء في إسبانيا، فهذا يعني أن هجوما “سيبرانيا” هو المحتمل؟ بعد هذا التساؤل المنطقي، انتقل الشارع الإسباني إلى توجيه أصابع الاتهام إلى المخزن بدرجة أولى وإلى الكيان الصهيوني بدرجة ثانية، وهناك من اعتبر تعاونهما، معا، في العملية منطقيا تماما للقيام بهذا العمل.
بسبب سلوكه الإجرامي، وسوابقه في التخابر، واتهامه بالتجسّس على الحكومة الإسبانية ورئيسها سانشيز مرة ماضية بواسطة برنامج “بيغاسوس”، أصبح المغرب المتعاون مع الكيان، حسب تفكير الإسبان، متهما في أي عملية إجرامية تحدث في إسبانيا. بعد التساؤلات وتحديد الفاعل -المخزن والكيان الصهيوني- بدأ الشارع الإسباني يقيّم الخسائر: خلال هذه الساعات التي قطعت فيها الكهرباء عن إسبانيا، خسرت الحكومة وشركاتها ملايين الدولارات، واختلّ نظامها اليومي، وهذه الخسائر التي حدثت خلال ساعات فقط بلغت، حسب بعض التقديرات، خسائر أوكرانيا خلال شهر كامل من الحرب مع روسيا.

جريدة إسبانية: الأدلة متعدّدة على أن المغرب وراء عملية قطع الكهرباء
انتقل اتهام المخزن بالوقوف وراء العملية -قطع الكهرباء- من الشارع، وشبكات التواصل الاجتماعي إلى الصحافة المكتوبة، فقد كتبت جريدةEl distrito الصادرة يوم 29 أفريل، بقلم الصحفي راول سانتشيز، مقالا تقول فيه إن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى تورط المغرب في هجوم سيبيراني على شبكة الكهرباء الإسبانية، حسب الصحفي المذكور، فإن الدلائل التالية تشير بوضوح إلى المخزن كفاعل:
أولا: عمليات استهداف ومسح واسعة النطاق للموانئ الصناعية في مراكز الطاقة الرئيسية في إسبانيا.
ثانيا: تتطابق التوقيعات الرقمية مع الأدوات التي كانت تستخدمها المجموعات المغربية في السابق.
ثالثا: العقد المصدرية المتصلة بالبنية التحتية للشبكة الموجودة في شمال إفريقيا تم استهدافها بشكل كبير.
رابعا: أنماط الهجوم مماثلة لتلك المستخدمة في عمليات الاختراق للقطاعات الأوروبية الإستراتيجية على مدى السنوات الخمس الماضية.
وتذهب صحف أخرى إلى الحديث على أن البرنامج الذي استهدف شبكة الكهرباء الإسبانية هو برنامج متطوّر جدا، ويشبه البرامج التي استهدفت برنامج إيران النووي، وهذا لا يستبعد أن إسرائيل، انطلاقا من المغرب وبالتعاون معه، هاجمت إسبانيا بواسطة مثل هذا البرنامج.

لماذا اتهم الكيان والمخزن؟
بالنسبة للكيان، لم ينس أن إسبانيا تزعمت الدول التي دافعت عن غزة، واعترفت بالدولة الفلسطينية، وحرّضت الدول الأخرى على الاعتراف بها، كما ألغت صفقات شراء أسلحة إسرائيلية في الأيام القليلة الماضية.
بالنسبة للمخزن، فهو يحس أن هناك تغيّر كبير في الموقف الإسباني من قضية الصحراء الغربية، ومؤخرا، يوم 17 أفريل، طار وزير الخارجية المغربي إلى مدريد ليسأل عن سبب التغيّر في الموقف الإسباني. ورغم تصريحات الوزير الإسباني المطمئنة للمخزن، إلا أن هذا الأخير يحس أن هناك برودة في الموقف الإسباني من دعم الحكم الذاتي، والمؤشرات هي كالآتي: عودة العلاقات الاقتصادية مع الجزائر بسرعة كبيرة، وهذا يفسّره المخزن على أن هناك شيء ما يحاك تحت الطاولة، في الخفاء بين الدولتين؛ الحديث عن ورقة مسربة داخلية عن مؤتمر الحزب الاشتراكي الإسباني، المنعقد في ديسمبر الماضي، تتحدث عن اتفاق طلائع الحزب على أن حل قضية الصحراء الغربية يبقى، حصريا، بيد الأمم المتحدة؛ تأسيس مجموعة “اشتراكيون من أجل الصحراء الغربية” في داخل الحزب الاشتراكي نفسه؛ رفض أكثر من نصف الحكومة الإسبانية لموقف بيدرو سانشيز من قضية الصحراء الغربية.
إذن، هناك تقاطع لأحقاد للكيان الصهيوني مع أحقاد المخزن في إلحاق ضرر كبير بإسبانيا، وهذا ما حدث، فعلا، باستهداف شبكات الكهرباء بتلك الطريقة العنيفة.

الإحراج الكبير للحكومة الإسبانية
بما أن ما حدث من انقطاع للكهرباء في إسبانيا، لم تتسبّب فيه قوة قاهرة أو إعصار أو تدمير للمفاعلات التي تنتج الكهرباء، فإن الهجوم الخارجي بواسطة برنامج تخريبي، واتهام المخزن والكيان الصهيوني بالتنفيذ، انطلاقا من المغرب، هو الأقرب للتصديق وللمنطق، وهو الأكثر تفاعلا وترجيحا.
كل هذه الأسباب تجعل الحكومة الإسبانية مطالبة بالتعجيل بعرض الأسباب الحقيقية لما حدث لتفادي مثل هذا العمل مستقبلا، فإذا حاولت الحكومة إدعاء أن أسبابا تقنية هي وراء قطع الكهرباء، فهذا يحتم معاقبة المسؤولين، وهذا إجراء صعب التطبيق، أما إذا تأكّدت الحكومة وأعلنت أن هجوما سيبيرانيا هو السبب، فهذا سيجعل المعارضة والشارع يطالبان بمعرفة الفاعل واتخاذ إجراءات منه.
بعض المحللين يقولون، إنه إذا تم التأكّد أن هجوما “سيبيرانيا” هو السبب، فستعزيه الحكومة، مثلما حدث مع التجسّس الماضي ببرنامج “بيغاسوس” الصهيوني، لمجهول، وهذا خوفا من تداعيات المواجهة مع إسرائيل والمخزن المدعومين، بقوة، من الولايات المتحدة الأمريكية.
بقلم الكاتب : السيد حمدي يحظيه 
المصدر: الشروق أونلاين 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...