من كتابات انسانية سابقة ل عبداتي الرشيد تسلط الضوء على جوانب مشرقة من حياة أناس بسطاء منسيون رحلوا عن عالمنا، فرصة في هذا الشهر الكريم للترحم عليهم.
اليوم الرجل الطيب .. البندري حظية هنون ..
..............
سائق السيارة الزرقاء، الرجل اللطيف الذي لم يؤمن يوما بنظرية أن النوايا الطيبة لا تكفي بل إكتفى بها وعاش بها سعيدا بسيطا
" .. أعتقد أن اللّطف هو الصفة الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان، أنا أضعها في المقدمة، قبل الشجاعة أو الكرم، أو أي شيء آخر .. " .. روالد
في يوم كيومنا هذا غادر البندير يحظية هنون عالمنا السيء وأشرقت شمس ذلك اليوم لتضيء نهارا حزينا من دونه.
طيلة حياته جسد البندير حظية الصورة الرائعة للإنسان الذي عاش ورحل وفيا لعهد قطعه للشهداء وللوطن، رحل البندير رحيل الكبار مناضلا شهما مخلصا، لقد رحل بعد أن عاش وتقاسم المعاناة مع أهله وناسه وشعبه كرجل بسيط فكان رحيله مشرفا كقصة حياته.
غادر البندير الطيب عالمنا بعد رحلة حياة شاقة وحزينة لعب فيها الرجل دور البطل وظل يطارد الآمال والأحلام محاولا إصطياد الزهور والورود الجميلة ومحققا الثنائية الرائعة والمزيج المفقود، رجل جيد نافع وصاحب قلب أبيض طيب لطيف.
فمن منا لا يعرف هذا المتواضع، من منا لا يتذكر إبتساماته وكلماته الطيبة، من منا صغيرا كان أو كبيرا لم يتوقف عليه الراحل يوما وهو يقود السيارة الزرقاء كلون السماء في الطرق الطويلة والشاقة، من منا لم يستمتع بحديثه الممزوج دائما بملامح حزينة تشير الى أعماق رجل رائع حالم ومجتهد.
لقد عرف الفقيد بلطفه وشجاعته، عرف بوقوفه الى جانب الناس في المحن وفي الآلام وكذلك في اوقات الأفراح والإحتفال.
كان رجلا وطنيا قل نظيره ناكرا لذاته قوي الإيمان يتنقل ويقطع المسافات الطويلة والطويلة جدا دون كلل ولا ملل، ينشر قضية شعبه معلقا علم بلده على سيارته، ضاحكا، مقدما صورة الرجل الصحراوي الوطني المقاتل الساحر المسالم القوي الرقيق.
إمتلك الراحل قدرة كبيرة في التسلل الى القلوب، يحتلها، يسكنها، لقد كان البندير من النوع الذي إذا رأيته ينشرح قلبك ويصفى ضميرك ويرتاح بالك.
وختاما قيل .. " .. جودة العمل لا تأتي صدفة ابداً، إنها نتاج نوايا حسنة، وجهد صادق، وتوجيه ذكي، واخراج متمرس .. " ..
وكذلك كان البندير حظية هنون إنسانا مجتهدا في عمله طيبا خلوقا، كان الراحل عظيما تثيره الشفقة تجاه الأغبياء من حوله الذين إفتقدوا طيبة القلب وحسن التربية وسمو الأخلاق، لم يؤمن يوما بنظرية أن النوايا الطيبة لا تكفي بل إكتفى الرجل بها وعاش سعيدا يوزع الإبتسامات بسخاء، ينشر الأمل والحب والحنان في كل شبر تطأه قدماه ويترك رائحة الطيبة تعطر الأماكن والقلوب التي سكنها او مر بها يوما قيد حياته الحافلة بالصبر والمعاناة والآلام ولكن بالأمل والسمو والرفعة والشجاعة والرضاء بقضاء الله وقدره.
عزاؤنا دائما من بعد رحيل إنسان رائع أن الدنيا دار فناء لا دار بقاء وأن الذين أحببناهم لا يرحلون إلا ليسكنوا القلوب أكثر وأن بقاءنا من بعدهم سيمنحهم كنزا لا يفنى، دعوات لهم بالرحمة والغفران لا تفارق ألسنتنا وصلواتنا ونحن نركع للواحد الأحد نرجوه دائما وندعوه ان يتقبلهم مع الأنبياء والصديقين والصالحين.
عبداتي الرشيد