ان الشباب الذي يستعرض مهاراته في السياقة في ميادين النبقة والغبار بين البلديات والدوائر لا يمكن ان نعتبره سلكوهم سلوكا فرديا بل ظاهرة اجتماعية ونفسية تتحدث عن مجتمع يمر بمرحلة انهيار القيم في ظل تحولات اقتصادية وسياسية وثقافية متسارعة يعيش فيها تغير اجتماعي ينتقل فيه من سياق تقليدي الى واقع شبه حضري.
ان هذا السلوك الطائش لايتحمله فقط المراهقون فهم من خلال هذا التفحيط يفرغون مكبوتات نفسية واجتماعية متراكمة منذ الطفولة ويعبرون عن واقع اجتماعي وسياسي وتربوي واقتصادي مريض، فالشاب المفحط هو مجرد مريض في مستشفى كبير من المرضى اسمه المجتمع كما يوضح الغياب التام لمؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع الصحراوي.
ظاهرة التفحيط ومؤسسات التنشئة الاجتماعية:
ظاهرة التفحيط والأسرة:
تتحدث ظاهرة التفحيط عن خلل في النظام التربوي والاخلاقي داخل الأسرة الصحراوية فالشاب من خلال سلوكه وتفاعله مع أفراد المجتمع يعبر عن العائلة وكلما كان الشاب ذو تربية حسنة واخلاق عالية كان ذلك انعكاس للأسرة والعكس صحيح وهذا يستدعى القيام بحملات تحسيس وتوعية واسعة حول أهمية دور الأسرة في تكوين شخصية الفرد في المجتمع.
ظاهرة التفحيط والمسجد:
يظهر انتشار هذا السلوك في بيئة اسلامية يودي فيها المسجد دور المربي والمرشد والموجه عجز هذه المؤسسة الدينية في خطابها الارشادي ويطرح تساؤلات عن قدرتها في التأثير والنصح والتبليغ ومدى وعيها وتفاعلها مع الظواهر الاجتماعية.
ظاهرة التفحيط والمدرسة:
لم تعد المدرسة التى تعيش تحت ضغط تسلط الأسرة والواقع الاجتماعي الجديد تضطلع بدورها الايجابي في تربية النشء و غرس مبادئ وقيم المجتمع الصحراوي في الاطفال والمراهقين من الشباب وتبين الظاهرة التراجع الخطير في دور المدرسة كمؤسسة مهمة في عملية التنشئة الاجتماعية وضبط الاجتماعي.
ظاهرة التفحيط والسلطة:
يفترض ان تكون السلطة الحارس الامين والعين المسؤولة واليد الصارمة في الحفاظ على الفرد والأسرة وضبط عملية تفاعل الأفراد داخل المجتمع بحكم الصلاحيات التى تحوزها.
لكن لاشئ من هذا يظهر ان السلطة تقوم به فالشوارع عبارة عن معارك من الدخان يفرغ فيها المراهقون مكبوتاتهم بين الاطفال وكبار السن من المرضى يحصلون على رخص السياقة من السلطة بطرق غير قانونية ومسؤولة وفي سن مبكرة.
ظاهرة التفحيط وسائل الإعلام:
لا تسلط وسائل الإعلام الوطنية ومحطاتها الجوارية الضوء على هذه الظاهرة المنتشرة في كل ولايات الوطن فاهتماماتها في المعالجة والتغطية مازالت تتصدرها الانشطة السياسية للسلطات الوطنية والولائية.
ينبغي على الإعلام الوطني ان يلعب دوره في معالجة الظواهر الاجتماعية وان يكون وسيط حيادي ومهني واحترافي وفعال في العلاقة بين المواطن والسلطة ينبه السلطة ويوعي المواطن.
تعد ظاهرة التفحيط عارض من الاعراض التى توضح للسلطة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية وسائل الإعلام الوطنية ان المجتمع الصحراوي ليس بخير وان الجميع مطالب بالتحرك انطلاقا من الأسرة الى النظام الحاكم الذي يعيش جل اطره خارج جغرافيا الظاهرة محل التنبيه.
بقلم الأستاذ علالي محمود