كما في قصة ميشان ..البرلمان منشفة في يد الحكومة
التهاتر الاخير الذي سيقت اليه اطياف الشعب الصحراوي قبيل وبعد العهدة الاخيرة

لإنتخاب اعضاء البرلمان كان بحق مهزلة واستهتارا بالابرياء، ذلك ان الوضع الذي آل اليه المجلس الوطني في هذه العهدة هو في الحقيقة انعكاس لتردي الاوضاع السياسية والاجتماعية في الداخل، ومايدفع اي ملاحظ لقول مثل الكلام ومتابعة حقيقة مايجري في المشهد العام هو التلكؤ الحاصل حيال اي اشراك فعلي لعشرات بل ومئات من الشباب العاطلين عن العمل وذلك بالعجز عن ادماجهم في الحياة السياسية والاجتماعية في الواقع المعاش، دون كبح تام لقدرات أطر صحراوية كدنا نخسرها لولا الوظائف النيابية التي حصلت عليها ـ مع الوقت ـ بفعل مثابرتها واستمراريتها في الاداء النضالي والوطني لاغير، بل ان القائمين على شؤون الشعب غالطوا الشعب للأسف كل هاته السنين وتمادوا في ذلك، حتى اصبحت هذه الاطر عاطلة بفعل نظرية اشراك الشعب في تقاسم القرار عن طريق انتخاب ممثليه في اعلى هرم السلطة التشريعية (البرلمان)، كل ذلك حصل رغبة لطلب الحكومة بضرورة اشراك نماذج من الشباب كانت الدولة اصلا قد أطرتهم وقامت بهيكلتهم تنظيميا وإداريا ولايعانون البطالة بالمفهوم الذي يشعر به كل نائب يغارد قاعة 09 يونيو الوطنية، وانما روجت الحكومة بوجهيها التنظيمي والسياسي لفكرة ضرورة اشراك الشباب هذه في العمل النضالي الوطني وفي صنع القرار من خلال قنوات الانتخاب والترشح باعتباره ـ أي الشباب ـ اصبح ينغص صفوة السكون والهدوء العام الذي ساد حتى الوظائف والمؤسسات الوطنية في المدة الاخيرة..
ولعل الخلفية من الدفع بأسماء من الشباب المهيكل تنظيميا والتي لاتمثل حتما غالبية الشباب (المشكل) وتحفيزها على الترشح للمجلس الوطني، تكمن في حاجة الحكومة لاي حلول ترضي الشعب وتنسيه المشاكل اليومية التي يقوم بها الشباب نفسه، باعتبارها مهدئ ومسكن مؤقت للفت انظار الشعب لا الشباب نحو الاستحقاقات الوطنية وتذكيره بالقضية الوطنية والانتفاضة وجيش التحرير الشعبي ومقومات الصمود و,,,الخ، كعناوين ومواضيع تلهم عقول وضمائر الطوائف الكبرى من الشعب، هذا الشعب الذي مازال بعيدا كل البعد عن فهم معنى واهمية العملية الانتخابية واستيعاب مضامينها وبواعث وجودها من الاساس دون الوصول الى دورها وانعكاسها على الفرد والمواطن الصحراوي أينما كان، و أقصد فئات عريضة من الشعب تكسن المخيمات وتقبع في الثكنات العسكرية باعتبارها القوة الحاسمة في توجيه مؤشر الحياة العامة للشعب الصحراوي نحو أي خيار يريده النظام، وأنا صغير كنت اتعلم وابحث عن معاني الحكمة التي تقول بأن :"الشعب الذي يقرأ هو شعب لايجوع ولايستعبد"، وظللت بين الفينة والاخرى أحاول تطبيقها على شعبي الجائع الى اليوم فكريا والمستعبد واقعيا ومعنويا، وقتها ظلت الحكومة تهتدي بالطائفتين (الحل) لتخرج من كل ضيق او امتحان يواجهها حتى على الصعيد الدبلوماسي غير انها اهتدت في السنوات الاخيرة الى المجلس الوطني كمنشفة تمسح بها عرق الايام ومعضلات الشباب (المشكل) لتعيد تجفيفها وغسلها بين عهدتي المجلس الوطني عن طريق تجديد اعضائه وتنظيف أروقته من بصمات وأثار تركتها أيادي الأطر التي تمثل رأي الشعب، ودأبت الحكومة على تذكيرها بواجباتها البرلمانية التي وكلها لها الشعب لتعيد هذه الاخيرة مسحها مع نهاية كل عهدة ووضعها في سلة المؤسسات (المهملات) ، وتحاول بكل ماتملك من امكانيات ووسائل بدلا عن ذلك توعية الشعب بدوره وحقه في الانتخاب وترشده وتوجهه الى الشباب كفئة حيوية بين فئات المجتمع، ولكن الشعب لم يصبح بعد في مستوى فكري يمكنه من معرفه ماذا تقصد الحكومة بالشباب كخيار ضروري يطعم العملية الانتخابية عندنا في واقع اللجوء، وبسؤال أخر أي نوع منه هو بحاجة للتوظيف؟. هل هو هذا الذي يتخبط في هذا الواقع المعقد بحثا عن ذاته والذي هو (المشكل) الحقيقي بالنسبة للحكومة باعتباره عبئا ثقيلا، أم عن ذلك النوع الملتزم والمهيكل والمألوف في المشهد اليومي العام على الاقل من قبل الحكومة والفاقد لأي تجربة في التسيير والتمثيل، والذي اصبح بدوره يتخذ من المجلس الوطني قنطرة عبور نحو مصالح انية لاتخدم حتما مصلحة منتخبيه، إن لم يتخذ من البرلمان متنزها مفتوحا لعامين من عمر الثورة عوضا عن الملل والروتين داخل سلة المؤسسات (المهملات) ، ومن هنا يصبح الشعب كالعادة يطبق سياسات الحكومة تبعا لمسلمة أن فاقد الشي لايعطيه، ليبقى رهين تلك العناوين التي تلهمه لقول اي شي وهو يظن انه يمارس حقه في الانتخاب وصنع القرار، فيما تذهب القيادة بين العهدتين قدما للبحث عن مكان امن داخل ذات السلة لعله يصبح مستقرا مناسبا لخمول ونوم النواب العاطلون...
الى اليوم مازلت اجرب مقولة "ان الشعب الذي يقرأ هو شعب لايجوع ولايستعبد" وأوحاول جاهدا الصاقها بالشعب الصحراوي المتميز بالنوايا الصادقة والقلوب البريئة على طول السنين، لكن الطائفتين (الحل) بمساعدتهما عن حسن نية للحكومة في تعاملها مع المجلس الوطني الصحراوي بطريقة المنشفة ذكرتي بقصة كنا نسلي بها انفسنا ونحن في المدرسة وكان بطلها طفل اسمه ميشان، الاكيد ان من الشباب ممن عاشوا في زمني سيذكرون ماذا قالت المنشفة لميشان..
بقلم ابراهيم محمد امبارك
المحبس في 27/02/2014
أخر المواضيع من قسم : أقلام واراء