تتسم السياسية المغربية منذ الانتداب الفرنسي أي قبل ما يزيد عن نصف قرن من اليوم بالارتباك والتخبط وعدم الاستقرار في إدارة سياساته وتوجهاته ومصالحه في العالم،حيث لم تعرف يوما المملكة كيفية الإبحار عبر شراع عالم متسارع التحولات وبشكل خطير وحساس، وكان المملكة المغربية اختارت أن تكون لاعب احتياط لايتقن فن السياسة وعندما يحاول ذلك فعادة مايلعب بالنار الملتهبة حوله والعالم.
ومن أوجه ارتباك وفشل المغرب في ادارة توجهاته السياسية، الخناق الشديد الذي يعرفه بسبب تداعيات النزاع في الصحراء الغربية بحيث أصبح محشورا فزاوية ضيقة إقليميا ودوليا ومايترتب عن ذلك من انعكاسات خطيرة تهدده من الداخل من أبرزها خوفه المتزايد من زوال الملكية واحتفان داخلى له أبعاد للتركيبة البشرية في المغرب إلى جانب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الغير مستقرة اصلا وتخضع لمعالجات ظرفية كشراء السلم الاجتماعي، كلها عوامل وأسباب بدأت مؤشراتها تلوح في الانفق،وأصبح المغرب بقذف بها ويصدرها إلى الجيران بشكل سخيف واحمق ويدعوا للسخرية في احايين كثيرة.
ومع تقدم الوقت وتسارع التحولات الدولية أصبح المغرب يبحث عبثا بطريقة اشبه إلى التيهان إلى كيفية ان يصبح لاعبا وسط الكبار ولكن بطريقة جنونية قاصرة بعيدة عن العقل والحكمة والتبصر،فالقضية الصحراوية تعرف تطورات إيجابية تتجه نحو الحسم ويزداد معها الخناق على الساسة في المغرب والبحث عن مخرج ومسوقات مهما كان ثمنها وتداعياتها عليه من أولوياته منذ حوالي شهرين من الآن على الأقل.
فالمتتبع لإدارة المغرب اليوم للنزاع في الصحراء الغربية يدرك تماما دون عناء في التفكير ولو للحظة، أنه يتهرب ويعلن الانسحاب والتملص من التزاماته الدولية تجاه النزاع في الصحراء الغربية،واختار لنفسه الامعان في إدارة حرب إعلامية شعواء وقذرة لم يسبق لها مثيل، ليس فقط ضد خصمه جبهة البوليساريوا بل تجاوزت حدتها إلى أن امتدت يده الخبيثة إلى الجزائر ودول أخرى لا علاقة لها بالنزاع، كي لا ينخرط في المفاوضات المباشر ودون شروط مسبقة التى دعا إليها مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير.
ومع مطلع شمس كل يوم يخرج ساسة المغرب في فصل جديد من فصول مسرحيات هزلية تدعوا للشفقة واضحكت البعيد قبل القريب،لكن هذه المرة بإخراج اسرائلي سعودي تحديدا وبعدما استنفذ المغرب كل مستودعات الكذب والتضليل ضد جبهة البوليساريوا الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي وفشل في تسويقها داخليا وخارجيا.
هاهوة المغرب يطل علينا مرة اخرى مستمرا في الكذب والتضليل إلى درجة استغلاله الخلاف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقطع العلاقة الدبلوماسية معها، متخذا من حزب الله اللبناني كبش فداء متهم إياه بدعم وتدريب الجيش الصحراوي قفزة نوعية واخفاق آخر تجنيه الدبلوماسية المغربية في دخولها الصراعات الدولية تجاوزت الدول إلى الحركات والأحزاب.
فأين تتجه المملكة المغربية التائهة بين المحيط والخليجة؟
فالقراءة لهذا التطور مكشوفة، ولا تحتاج إلى عناء مفكرين او محللين سياسيين المغرب يلعب بالنار وسط الكبار، ويدخل معركة خاسرة إرضاء للسعودية تحديدا ولدوا الخليج عامة إلى جانب إسرائيل والغرب وهو القاصر التائه بين هذه الصقور الكاسرة، تتقاذفه أمواج المصالح بين المحيط والخليج وينحنى بائسا إرضاء لاسياده في الرياض وتألبيب، بحثا عن نصر وهمي ومجد ضائع محاولا عبثا ايجاد موطأ قدم له وسط اصطفافات دولية بدأت تتشكل على خلفية الصراع الغربي الشرقي خاصة محور إيران روسيا والغرب والخليج.
فالمغرب يراهن على الوهم بعيد عن الوقائع التاريخية والقانونية والسياسية وحتى الجغرافية، متخيلا عن جيرانه يلهث وراء حلم سيتبخر لا محالة وستتكسر أحلامه وسياساته العبثية الياسة على سخرة صمود وصبر وجلد الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد الحبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
بقلم الاستاذ: محمد خطري محمد الأمين