القائمة الرئيسية

الصفحات

يشكل الدخول المدرسي محطة أساسية و بداية دورة دراسية تعود خلالها إلى الأذهان جملة من الأسئلة الكبرى حول واقع ومستقبل المدرسة الصحراوية  في خضم تطور المرحلة الاجتماعية التي يعيشها الشعب الصحراوي وفي ظل والواقع الصعب الذي يشكل المدخل الحاسم في تحقيق التنمية البشرية  الشاملة والنهضة التعليمية التي يستلزمها  بناء الاجيال الصاعدة.
وعليه  ومع بداية كل دخول نتساءل ماذا أنجزنا في الميدان التربوي لتمكين الأجيال الناشئة من دخول التاريخ ومواجهة التحديات ؟ وماذا ينتظرنا من انجازات لتدارك التأخر الحاصل إن لم يكن أول إنجاز مطلوب هو تحقيق التغيير؟

هل إستطاعت  البرامج  الدراسية الحالية إيلاء العقل المكانة التي يستحقها ؟ وهل فعلا يتجه الإصلاح طور التنفيذ في اتجاه إحداث قطيعة مع الماضي ملتزما بضرورة تجاوز التصورات والمفاهيم وأساليب التدبير التي سادت خلال عقود أم سنظل نفكر بعقلية ما قبل الإصلاح فيما بعد الإصلاح ؟ كلها أسئلة يستحضرها جل المتتبعين والمهتمين والمعنيين بتطور الشأن التعليمي ببلادنا ،في نفس السياق فقد أصر البرنامج الإستعجالي في ديباجته تحويل الطور الثالث و الرابع الى  الجزائر ، بعدما أكدت كل التقارير المدرسية التربوية على ضرورة مراجعة التعليم المتوسط داخل المخيمات ، وعلى أن انجازات السنوات  الأخيرة لم تكن مقنعة وكافية مما أملى ضرورة تدشين مسلسل تغيير للمنظومة التربوية في مختلف أبعادها لإرساء أسس حديثة لمدرسة صحراوية  جديدة ومتجددة من خلال مجموع المشاريع التي تضمنها الإصلاح الجديد الذي شكلت له لجنة وطنية حكومية تقدم مقترحات حول إصلاح في المنظومة التربوية الصحراوية . فإلى أي حد سيكون بالفعل الدخول المدرسي الحالي منطلقا نحو حقيقة تؤرخ لفترة جديدة تمتلك شروط بداية التغيير؟ أم أن المسلسل سيظل يتكرر بنفس المشاهد والسلوكيات والعقليات والممارسات، لنعلن في يوم قادم لا قدر الله، عن وجود إختلالات لن نتمكن من تجاوزها؟.

إلى أي حد أيضا نتوفر على الشروط الذاتية والموضوعية لإطلاق تغيير فعلي وحقيقي؟ كلها أسئلة متشعبة نستحضرها في هذا الدخول المدرسي لنجدد الحوار الوطني وليس مع كل ندوة سنوية بل يجب أن يستمر الحوار بشكل دائم وصريح كشكل من أشكال الرأي العام في علاقته بمستقبل قطاع التعليم و التربية في الدولة الصحراوية لتجاوز مختلف الصعوبات و العراقيل .

فالنسبة للبرنامج الاستعجالي الذي قررته الوزارة ، فإن الرؤية أصبحت شبه مكتملة مع صياغة جميع البرامج الجهوية ومختلف المشاريع المصاحبة لها، مع العلم أن إشكالية تنزيله على أرض الواقع وجعل هذا الموسم الدراسي بداية مسلسل للتغيير ، تطرح جملة من التحديات والإكراهات ومجموعة من الشروط  تتقاطع مع الإمكانات الذاتية و التدبيرية لجعل الإدارة التربوية عامل نجاح وعامل تسهيل للوصول إلى الأهداف المسطرة وتحقيق النتائج الكمية والكيفية. ونظرا لتعقيد موضوع الإصلاح التربوي باعتباره المدخل الضروري الذي لا غنى عنه لتحقيق الخطوات المتواصلة في البناء التنموي،فإنني سأقتصر في هذا المقال التطرق إلى بعض الأسئلة المتعلقة ببعض جوانب نجاح مشروع إصلاح المنظومة التربوية  الذي يسعى إلى تحقيق  الجميع ،بما أن كل إستراتيجيات التغيير تتقاسم مجموعة من الخصائص يمكن ترتيبها والتذكير بها كما يلي:

1.خلق حافز التغيير عند جميع الفاعلين بما فيهم المدراء والمدرسون.ذلك أن غياب إرادة التغيير عند أولئك الذين سيسهرون على تنفيذه ، سيظل مجرد حلم لن يغير من الواقع شيئا. فما هي حوافز التغيير التي بلورها برنامج الإصلاح كتصور وإجراءات عملية في الزمان والمكان ؟ وكيف سنتعامل مع القائمين على التنفيذ لضمان انخراط قوي وتجاوز وهم الانخراط الشكلي على الأوراق؟

2.توليد رؤية مشتركة للوضعية المأمول تحقيقها على مستوى المدرسة الصحراوية ، والى أي حد أصبحت هذه الرؤية ناضجة بالقدر المطلوب عند أصحاب مواقع القرار مركزيا وجهويا ؟ في الوقت الذي لا زالت المنظومة التربوية تشكو من نقص حاد في جودة التواصل حيث لا زالت الوسائل التقليدية هي السائدة في الميدان.

3.تدبير الانتقال من الوضع القائم إلى الوضع الجديد، وهو بيت القصيد في هذا المقال بحيث أن جل الأسئلة المطروحة اليوم لم تعد تقنية بحتة ،بل تتجاوز ما هو تقني ومالي لتسائل المضامين والعقليات وما وراء السطور وأخلاقيات المدبر و الحكامة الجيدة و روح التغيير المنشود و شروط الريادة؟

4.الحفاظ على دينامكية التغيير إذا اعتبرنا أن البرنامج يهدف فعلا إلى تجاوز سلبيات الفترة السابقة مع استحضار مختلف المواقف التي عبرت عنها مجموعة من المنظمات بمختلف أشكالها والبحث في سبل ربح انخراطها وإقناعها.
إن مشروع إصلاح المنظومة التربوية الصحراوية واقع وليس بالأمر الهين، وهو مرتبط بتوفر قيادة إدارية وتربوية تحمل مفاتيح التواصل والإقناع والعمل الجماعي ومعطيات البحث التربوي المنبثقة من أرض الواقع الذي نتعامل معه في المخيمات وعقليات المجتمع ككل
.
إننا في أكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى مجلس وطني لتتبع الشأن التربوي البيداغوجي ، مؤسسة أكاديمية وطنية تعتمد البحث التربوي منهجا ، لتقوم بالتتبع وتقويم الجودة وتقترح البدائل الضرورية و تمتلك برنامجا متكاملا لمشروع إستراتيجي تربوي صحراوي بحت ، و تصل إلى تحقيق التشبيك بين مختلف مكونات النسق التعليمي في بلادنا، وتمكن كل المتدخلين مركزيا و جهويا  و محليا  من قاعدة المؤشرات التي تغذي القرار التربوي والإداري في الزمان والمكان بالحد الأدنى من المعلومات التي تمكن من القرار الصائب في الوقت الضروري ، وتجعل من الحكامة الرشيدة التي تعتمد مبادئ الديمقراطية والقيم والانفتاح على العالم والمشاركة الفعالة و إنخراط الأولياء  والإعتماد على العنصر البشري والتعلم المستمر، رهانا حقيقيا لنجاح المدرسة في إنجاز وظائفها كاملة غير منقوصة مستقبلا.
*بقلم الاستاذ غالي احمد*

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...