رحل البارحة من كان يسكن القلب والعقل معًا. رحل من لم يكن مجرد أب ، بل كان سندًا، وناصحًا، ومعلمًا… رحل حمادة سلمى عبدالله، الحكيم الهادئ، الطيب المتواضع، الرجل الذي إذا حضر أصلح، وإذا تكلم أنصف، وإذا نُقل عنه، نُقل الخير.
يا حمادة، كيف لي أن أستوعب أن صوتك لن يأتيني من جديد، ولا حكمتك التي طالما أنارت لي دروب الحيرة؟ كنتَ أكثر من رفيق… كنت مرآةً أرى فيها الخير، ومرجعًا أعود إليه في ضعفي وضعف الدنيا من حولي. كل من عرفك أحس بالأمان، لأنك كنت تبادر قبل أن يُطلب منك، وتصلح قبل أن يحتدم الخلاف، وتلطف الجوّ قبل أن يثقل.
أتذكرك في مواقف كثيرة، في كلمتك الرزينة، في دعائك الصادق، في نصائحك التي لم تكن يومًا ثقيلة، بل كأنها ماءٌ باردٌ على قلبٍ عطِش. كنتَ تزرع الطمأنينة، وتؤثر بخلقك قبل كلامك، وتعلّم دون أن تفرض شيئًا.
لا كلمات تكفي، ولا حزن يصف عمق فقدك… لكن عزائي أنك تركت في قلبي، وفي قلوب من أحبك، بصمة لن تُمحى.
اللهم إن حمادة كان من أهل الخير والفضل، فاجزه عنّا وعن الناس خير الجزاء. وارفع درجته في عليّين، وألحقنا به على خير، غير مفتونين ولا مبدّلين.
إلى اللقاء يا من علمتني بالصمت كما بالكلام… يا من لا يُنسى.
لا نقول إلا ما يرضي الله أنا لله و أنا اليه راجعون.