هل من الضروري الرجوع الى أبجديات الإعلام في زمن الحرب ؟ لأن الكثيرين من من يحسبون أنفسهم على المهنة و يتبعهم الغاوون والغوغائيون ، لازالوا لم يستوعبوا أن الشعب الصحراوي فعليا في حرب،رحاها تطحن الأخضر و اليابس مستنزفة الطاقات المادية و المعنوية لعموم الشعب.
إن كل حرب هي بالأساس حرب إعلامية بإمتياز، فلماذا نكشف خططنا واسلوب قتالنا للعدو كما حدث أن نشر بعض المواقع الصحراوية تفاصيل عملية اتويزكي، أو توجيه مدفعية العدو و رفع معنويات جندهةبالإعتراف له بخسائرنا البشرية مباشرة أثناء وقوعها مع نشر صور الشهداء و اسمائهم وفي بعض الحالات إختصاصاتهم العسكرية، أو حتى التغني بانتصار عسكري غير مؤكد كإسقاط طائرة للعدو و ماشابه ذلك !!؟لا يوجد جواب لهذا العمل، سوى الغباء أو ما يصطلح عليه بالدعاية السوداء التي تضر مروجها قبل غيره.
إن سوء استعمال المعلومة كتابة كانت او صوتا أو صورة في الحرب الحالية التي يخوضها الشعب الصحراوي، قوتها وبأسها و أثرها لا تقل خطورة عن قوة الصواريخ و بأس الدبابات و أثر الدرونات (الطائرات المسيرة) على مقاتلي جيش التحرير الشعبي، و يزداد الطين بلة عندما تنشر المعلومة من مصدرغير مأذون كوزارة الدفاع الوطني أو وكالة الأنباء. لهذا تفرض الدول زمن الحروب الإلتزام القطعي بما تصدره الجهات العسكرية وينحاز الإعلام طواعية الى الدولة و يضحي بحريته أمام إملاءاتها و توجيهاتها ولعل الحرب ;الأوكرانية – الروسية; أو حرب الغرب على روسيا الإتحادية تفتح الأعين لمن بأعينه عمش.هل سمعنا يوما من إعلام الغرب ذي القوة الخارقة في الوصول الى المعلومة التي يريد بالسرعة و الخبرة والدقة في الزمان و المكان أن قدم صورا عن القتلى من الجيش الأوكراني أو نشر حصيلة لخسائر هذا الجيش على إمتداد السبعة أشهر الماضية و نفس الشئ بالنسبة للروس. وفوق هذه وذاك ورغم اصطفاف الإعلام كل إلى جانب بلده، فذلك لم يمنع كل دولة من أن تضع إجراءات و قوانين صارمة و قاسية على الوسائط الإعلامية و حتى على وسائل التواصل الإجتماعي. ففي روسيا و نفس الشيء في أكرانيا، في الأيام الأولى من الحرب تم سن قانون جديد صدر في الرابع مارس، أصبح من الجرائم الجنائية أن تنقل علنا بما في ذلك عن طريق الشبكات الإجتماعية أي معلومات عمدا، حول نشر القوات العسكرية أو الإبلاغ عن أي أرقام للضحايا لا تصدر عن الجهات الرسمية المعتمدة.
ما الذي فعلته إسرائيل أثناء حرب سبتمبر 2006 على لبنان؟ لقد فرضت رقابة عسكرية مشددة على كافة الصحف العبرية وغير العبرية ومنعت نشر أي أخبار أو مقالات أو تحليلات ما لم يوافق على نشرها المراقب العسكري!!وكممت أفواه الإعلاميين ومنع تسريب الأخبار… بوش الرئيس الأمركي الأسبق ، في حربه ضد العراق قال كلمته الشهيرة حينها: «معنا أو ضدنا» و إن كان الرئيس الأمريكي يقصد حكومات الدول لكن عينه كانت على الترسانة الإعلامية الضخمة التي ستوجه راداراتها نحو العراق و الشرق الأوسط، لذا تم عزل أو تصفية (15 صحفيا قتلوا في بغداد بالخطأ حسب الرواية الأمريكية من بينهم الصحفي الإسباني الشهير خوصي كوصو برموي) كل من خرج قيد أنملة عن الخط الدعائي الذي رسمته سي إن إن CNN ; القناة التلفزيونية الوحيدة التي سمح لها بمرافقة الجيش الأمريكي في غزوه للعراق.
إن كانت الدول القوية التي ليست مهددة في وجودها، تتعامل بالطريقة السالفة الذكرمع الإعلام زمن الحرب تأمينا لجيشها و صونا لأرواح جنودها وحصر المعلومة العسكرية في يد الجهات المختصة، فمابالك بواقعنا نحن الصحراويين ،حيث ان وجودنا أصبح على كف عفريت. فهل أدركنا وللمرة الألف أننا طوينا مرحلة ماقبل13 نوفمير 2020 و اننا في حرب غير متكافئة مع العدو الذي يتقوى بالخبرة و السلاح الإسرائيلي والمال الخليجي وليس لنا من زاد الا الإيمان بالله و عدالة الكفاح و الثقة بالشعب؟
لنعد الى أبجديات إعلام الحرب كما استخلصته التجربة الإعلامية الصحراوية التي قدمت شهداء في ساحة المعركة في الحرب الأولى و التي لايمكن ان ينكر جاحد نجاعة و فعالية تلك التجربة في التأثيرعلى جيش الإحتلال حيث كانت الكلمة رصاصة حارقة و الجملة قذيفة خارقة و الصوت مجلجل كجلمود صخر…يربك صفوف جند الغزاة و يبث فيهم الرعب قبل ان تقتحمهم طلائع جيش التحرير الشعبي الأشاوس،فكانت و لازالت القاعدة الإعلامية هي نفسها والهدف هونفسه مهما إختلفت و تعددت الوسائل ونجملها فالأتي:
أولا: الرفع من الروح المعنوية و أداة قوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتحصين الفرد المقاتل ضد الحرب النفسية التي يشنها للعدو.
ثانيا: غرس عقيدة التضحية و البذل و العطاء و التهيئة النفسية و المعنوية لعموم الشعب.
ثالثا:نقل الصورة الصحيحة للأعمال القتالية بالإعتماد على الجهات المختصة – وزارة الدفاع و وكالة الأنباء.
رابعا: بث الحملة النفسية ضد العدو باستخدام الأساليب العلمية و من خلال حقائق يدركها العامة.
خامسا: التعريف بأهمية تقوية الدولة بتقوية القوات المسلحة الصحراوية بحيث تصبح الدولة بكل قدراتها السياسية و الشعبية جاهزة لمواجهة كل التحديات. و يبقى العامل الذاتي و ضمير الفرد الإعلامي هو الموجه الحقيقي لمن يمارس الإعلام في واقع الحرب الحالية بيننا و الإحتلال المغربي. فإن كانت الدولة الصحراوية لا يمكنها سن مراسيم وأخذ إجراءات تجرم – كما تفعل الدول في هذه الحالة الخاصة – كل من ينشرأو يصرح بما لم تعلنه السلطات الرسمية، يبقى على الإعلامي والغاوي الصحراوي المراقبة الذاتية لكل ماينشر أو يقول قبل تقديمه للرأي العام، فربما عن غير قصد يوشي بأسرار مهمة يعتقد أنها بسيطة ولاتؤثر على سيروره القتال وهي نكتسي قيمة عسكرية هامة للعدو، ولكي يحصن نفسه و لايسقط في الخطأ عليه الإلتزام بما يصدر عن وزارة الدفاع الوطني فقط لا اكثر ولا أقل.فهل سنواصل في الغباء ونقدم خدمات مجانية لجيش الإحتلال بكشف سرية العمل العسكري لمقاتلينا و تحطيم معنويات شعبنا البطل !؟.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط