القائمة الرئيسية

الصفحات

إسبانيا والمغرب… واحتمال الصدام القريب!

 


رغم محاولتها التعامل مع المغرب، كبلد جار فرضته الجغرافيا، وتقديمها التنازل المخجل تلو التنازل لصالحه، وصلت إسبانيا إلى نتيجة نهائية وهي أن المغرب لا يمكن اعتباره جارا ولا صديقا إنما عدوا لدودا.

في سبيل إرضاء هذا البلد غير المريح جواره، قدمت إسبانيا الكثير من التنازلات منها ما يصل إلى الفضائح مثل خيانة الشعب الصحراوي سنة 1975م وخيانته سنة 2022م، لكن رغم ذلك اكتشف الإسبان أن لا شيء ينفع مع المغرب أو يقلل من اندفاعته الشريرة، وأنه ماضٍ في إذلالهم والضغط عليهم، وأنه لا يفكر إلا في إلحاق الضرر بهم بدل التعاون معهم. نتيجة لنزوات المغرب المتقلبة والمتعمدة تمر العلاقة، الآن، بين البلدين بظروف سيئة للغاية، بل بأسوأ ظروفها منذ سنوات. سبب سوء العلاقات الحالي بين البلدين هو هجوم غير مسبوق يحضَّر له نظام المخزن ضد إسبانيا شعاره الضغط والابتزاز والتهديد ومحاولة فرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية وفي المياه الدولية الموجودة بين كناريا والسواحل الصحراوية. حسب تحليل الإسبان، أن المغرب المحاصر من الشرق ومن الجنوب ومن المحيط الأطلسي يبحث عن متنفس يُصَدّر من خلاله مشاكله الداخلية إلى خارج الحدود، والمنفذ الوحيد المتاح له هو نحو إسبانيا.


مثلما نعلم جميعا، تبخر مؤخرا حلم المخزن في الأمم المتحدة في نهاية شهر اكتوبر الماضي، ولم يصادق مجلس الأمن على مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للصراع، كما لم يتم شطب مبدأ تقرير المصير عن القضية ولم يتم إخراجها من لجنة تصفية الاستعمار، وبقيت في إطارها القانوني: قضية تصفية استعمار وتقرير مصير. هذا الفشل المغربي الذريع رافقه تخوف آخر كبير قادم من إسبانيا عبّر عنه أكبر حزب إسباني معارض، هو الحزب الشعبي، الذي تقول نتائج الاستطلاع أنه سيفوز في أية انتخابات قادمة. في أكثر من مناسبة عبّر الحزب المذكور وعبر الشعب الإسباني أنه لا يعترف بقرار بيدرو سانتشيز الشخصي القاضي بالاعتراف بالحكم الذاتي، وأنه سيعود إلى الموقف التقليدي للدولة الإسبانية المبني على الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، وسيُعيد العلاقات مع الجزائر.

قمة غير مبرمجة لحشد الضغط على إسبانيا
يوم 23 نوفمبر 2025م، نُشر مقال في جريدة موالية للمغرب تصدر في إسبانيا اسمها Atalayar، قالت فيه أن المغرب سيَحمل حزمة من المطالب المستعجلة إلى إسبانيا منها: الاعتراف الإسباني الصريح بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مثلما فعلت فرنسا وليس الاعتراف بالحكم الذاتي فقط؛ تسليم إسبانيا تسيير المجال الجوي الصحراوي للمغرب؛ استغلال ثروات جبل التوربيك الموجود في المياه الدولية استغلالا مشتركا، وهذا مقابل أن يعترف المغرب بسيادة إسبانيا على جزر كناريا وكبح جماح الهجرة والسكوت عن ملف سبتة ومليلية.

يومان بعد نشر هذا المقال الذي يُعبر عن الموقف المغربي، تفاجأت إسبانيا بطلب غريب من المغرب وهو الدعوة إلى عقد قمة ثنائية غير مبرمجة وتم تحديد تاريخها يوم 4 ديسمبر.

يومان بعد إعلان المغرب عقد القمة المفاجئة-يوم 27 نوفمبر-أصدر مركز الأبحاث الإسباني استطلاع رأي يقول فيه أن 42% من الإسبان يعتبرون المغرب عدوا، وأنه سيهاجمهم يوما ما أو في وقت قريب.
تم عقد القمة بين البلدين يوم 4 سبتمبر في جو مشحون بالهستيريا والتهديد والضغط، لكن إسبانيا، خاصة رئيس حكومتها، لم يعد لديه ما يقدم، ولا يستطيع أن يقدم تنازلات أكثر مما قدّم من قبل، ووجد نفسه في موقف لا يحسد عليه: كل إسبانيا، بما فيها أغلبية حزبه، تقف ضده في سياسته الإستسلامية مع المغرب. من علامات والرفض لعقد القمة المذكورة، أنه في نفس الوقت الذي كانت تنعقد فيه كانت نائية رئيس الوزراء الإسباني، يولاندا دياز، تبث على المباشر وتقول “لن نفرط في ذرة من الصحراء الغربية”، وكان الحزب الشعبي الإسباني المُعارض يقول يجب أن نعيد العلاقات مع الجزائر، وأن لا نبتعد عنها.

الضغوطات على رئيس الحكومة الإسبانية، سواء الداخلية من طرف شعبه والمعارضة أو الخارجية من طرف المغرب، أجبرت الحكومة الإسبانية على قول “لا” صريحة للمغرب: لا للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية؛ إلى حد الآن لا لتسليم المجال الجوي الصحراوي للمغرب، ولا لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ولا للضغوطات بملف سبتة ومليلية وبالهجرة.

المخزن في موقف محرج
فشل الضغوطات على إسبانيا، وفشل قمة المطالب المغربية والفشل في الأمم المتحدة، وفشل احتواء المشاكل الاجتماعية الداخلية يجعل الإسبان يعتقدون أكثر من أي وقت مضى أن المخزن، ربما، يُقدم، قريبا، على ارتكاب حماقات قد تصل إلى الصدام. مباشرة بعد الفشل في القمة بدأت أول إشارات الهستيريا المخزنية. في اليوم الموالي لفشل القمة الإسبانية-المغربية-يوم 5ديسمبر-، خرج وزير خارجية المخزن، بوريطة، بتصريح متنرفز لجريدة Español يقول فيه أنه ” لا وجود لشعب صحراوي، والمغرب لن يقبل بإشراف المجتمع الدولي” على تنزيل الحكم الذاتي”. هذا التصريح يعكس توجها أحمقا فقط، ويعكس، كذلك، النرفزة والفشل، وتوتر العلاقة بين المخزن والأمم المتحدة.

بعد فشل القمة المذكورة ينتظر الإسبان تحرشات مغربية مباشرة وكثيرة، على جبهات عدة، وينتظرون أن تتعرض كناريا لهجوم بالمهاجرين غير الشرعيين قادمين من سواحل الصحراء الغربية وسواحل موريتانيا، وينتظرون المزيد من التهديدات، وبالمقابل يرى العقلاء منهم أن التوجه نحو الجزائر لعقد مفاوضات معها مبنية على احترام المصالح والتعهدات والقانون الدولي كفيل بكبح جماح المخزن.
بقلم : السيد حمدي يحظيه 
المصدر : الشروق أونلاين 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...