القائمة الرئيسية

الصفحات

مصير القضية الصحراوية بين همة المكافح ونوايا الأعداء

  


قبل قرابة عشر سنوات كتبت نصا يتناول مقارنة بين القضية الصحراوية ومعضلة الشرق الأوسط من حيث التماثل في التاريخ وشبه التطابق في تعاطي الشرعية الدولية، وأشرت فيه ايضا إلى أساليب المعتدين في كلا القضيتين والتي تتراوح بين الإستنساخ والتطابق الكلي. وحظي النص بالكثير من المتابعة والإطلاع بين أوساط المتابعين والقراء حسب مؤشرات عالم الفايس بوك، لكنني لم أتمكن من معرفة أين وصل صداه لدى من بيده القرار عله يجد فيه شئ من الفائدة ويعينه على الإستقراء وذاك هو مكمن القصد من وراء الكتابة.
بعد ذلك ومع مرور الأيام تبين بالدليل القاطع الساطع التشابه الكبير في مآلات القضيتين من حيث أسلحة الأعداء السسياسية والعسكرية والمخابراتية، وأيضا النتائج والأمر الواقع في كل منهما. راهنا وفي عالم اليوم وصلت قضية الشرق الأوسط إلى مرحلة لايمكن أن تكون نهائية لكنها بالنسبة للقضية الصحراوية إلهام ودرس لاينبغي أن يمر دون أن نأخذ ونستلهم منه ما يعيننا على تفادي النهايات المخيفة المدمرة التي تهددنا.
في تقلبات الزمن لا يبقى شيئا كما كان ولايدوم إلا وجه الله الكريم، تنتقل الصراعات من حال إلى حال، تلاشت دول وتغيرت شعوب، إنهارت أقوام وإمبراطوريات، ذابت خطوط الحدود وتعاوجت، تداخلت إثنيات وطوائف، تنافرت مناطق وهدأت أخرى، دُفنت قضايا وولدت أخرى، لكن قضيتنا الوطنية بقيت ثابتة في هذا الموج الهادر من المتغيرات، ثابتة كقضية حق وشرعية لكنها لم تتقدم نحو الحل بل أصبحت مهددة برياح الزمن وتشوهات الأمر الواقع وبُهت ما تستند إليه من مواثيق دولية وهوانها على من يصنع العالم ويتحكم في قراراته.
عالم اليوم لايشبه بأي حال أو صفة عالم الأمس، طاله ما أشرت له من تغيرات وتحور وتشوه في المعطيات، أثبتت مجريات الحروب ونتائجها هشاشة العالم وعدوانيته وتدني القيم وسفلية الحق والشرعية وعدميتها وتفاهتها لدى حكام عالم اليوم، مايستوجب من أصحاب القضايا – مهما كانت عدالتها - الدرجة القصوى من اليقظة، وجمع ما يمكن من أسلحة التصدي للشرور والأساليب الشيطانية والسموم التي ينفثها أبالسة صنع القرار الدولي.
في المقابل لاينكر أي كان التراجع الكبير في همة وتدبير وتسيير القضية الصحراوية، ومايشبه الغفلة لدى من يتولى أمرها عن ما يحيط بها من تعقيدات، أو هكذا يبدو الأمر، فعسير على الفهم أن تتفاقم خطورة ما يواجهه تقرير مصير الصحراء الغربية ويقابله فتور وإستمرار الفعل الوطني بوتيرة باهتة متقاعسة في جانبي القضية: التسيير والتحرير، والأخير هو مربط الحل، فإما أن نثبت أنه بإمكاننا التأثير في المعطيات القائمة أو نستكين ويبلعنا مد القهر والظلم الذي أتى على قضايا كانت إلى الأمس أكثر منا حضورا وأهمية.  
شهدت الأشهر الأخيرة حراكا فكريا متميزا تناول المصير وما يهدده من مناورات واضحة، وناقش بالكثير من العمق والإنشغال حالة التنظيم الوطني وما يعانيه من ضعف وهشاشة، قلق لا خلاف عليه وخوف متفش لدى جميع الصحراويين أينما كانوا ومهما كانت مستوياتهم على حالنا ومانحن فيه خاصة الرأي العام الوطني، لكنه حسب مانلاحظ لم يُقابل بردات الفعل المناسبة والقرارت التي من شأنها إحداث النقلة المطلوبة التي تقوي التنظيم وتربك حسابات العدو وأعوانه، وتفرض على الجميع مراجعة الحسابات المتعلقة بقضيتناالوطنية.
ختاما، في تقديري ووفق الكثير من القراءات والتحاليل، وما يُجمع عليه الكل قيادة ورأي عام، توجد قضيتنا الوطنية في حال لا تحسد عليه، تحتاج منا إعادة النظر ومراجعة أمورنا قبل أن نصبح نحن على مائدة التشريح والتقسيم لا حضور لنا ولا رأي رغم أن المصير مصيرنا، ما يستدعي منا جميعا تناول الأفكار والبحث فيها والتوصل لما يناسب من الحلول. وحركات التحرير ليست سوى ثورة وسلاح حتى تحرير الأرض ليس إلا.
حمادي البشير

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...