قال ربنا جلَّ في علاه:
*[[كُلُّ نَفْسٖ ذَآئِقَةُ اُ۬لْمَوْتِۖ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ اِ۬لنّ۪ارِ وَأُدْخِلَ اَ۬لْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَۖ وَمَا اَ۬لْحَيَوٰةُ اُ۬لدُّنْي۪آ إِلَّا مَتَٰعُ اُ۬لْغُرُورِۖ]]* {١٨٥-آل عمران }
بقلوب محتسبة ومؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقينا نبأ وفاة فقيدة الشعب الصحراوي *السيدة خديجة حمدي عبدالله* حرم *الرئيس الراحل محمد عبد العزيز* رحمهما الله تعالى، وأسكنهما فسيح الجنان.
*السيدة خديجة حمدي* سجل ناصع، وصفحات مشرقة، ورصيد زاخر من البذل والعطاء، ومسيرة حافلة زينتها صاحبتها، وجمّلتها بسيرتها العطرة، وصيت حسن، وسمعة طيبة ملأ شذى أريجها الفواح مخيمات اللاجئين والمناطق المحتلة ودول الجوار وبلدان المهجر. وعند سماع نعيها دثّر الحزن النفوس، ولهجت الألسنة بأدعية الرحمة، وصلوات المغفرة والعتق من النار، وارتفعت أكف الضراعة إلى الله أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأن ينقيها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأن يحشرها مع زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
*○* _من أين أبدأ ؟! وعن أي شيء أحدثكم :_
*عن خديجة حمدي* ابنة الأكارم والأصول ومنبع الطيبة والحنان وأنموذج الطهر والعفاف.
*عن خديجة حمدي* الطالبة الجامعية النجيبة، والإطار الطلابي الذي حمل قضية شعبه بين جوانحه، وأُشْربَ منها قلبها، واستيقنتها نفسها.
*عن خديجة حمدي* الأم الماجدة، مربية الأبناء، والزوجة الصبورة، رفيقة درب الشهيد الرئيس محمد عبدالعزيز، وأنيسته عبر محطات النضال ومراحله الصعبة. تشد أزره، وتشحذ همته، وتخفف أثقاله.
*عن خديجة حمدي* المناضلة النسوية الطلائعية التي شكلت أحد أعمدة وركائز إتحاد المرأة الصحراوية، وغرست مع أخواتها لبناته الأساسية وهياكله الصلبة، ومثلته في المحافل الدولية والمنتديات العالمية، فكانت صوته الذي تردد صداه في كل الأصقاع.
*عن خديجة حمدي* المناضلة والبرلمانية والوزيرة والقائدة السياسية بالأمانة الوطنية. المرأة التي كلما صعدت في سلم المسؤوليات ازدادت تواضعاً وقرباً من العامة وبعداً وتحوطاً من أمراض السلطة وممارساتها المهلكة.
*عن خديجة حمدي* المرأة الناضجة المثقفة والأديبة والكاتبة المتميزة المرهفة الإحساس التي عشقت ذرات تراب الوطن ومنظر الغروب على ضفاف الأطلنطي، فرست سفينتها في "مرافيء الرمل"(١) ، ثم ازداد الشوق والحنين فكان "الرحيل نحو الشمس"(٢).
*عن خديجة حمدي* الإنسانة ابنة المجتمع، وامرأة من عامة الناس تنصب خيمتها وسطهم، فلم تشعرنا يوماً أنها متميزة، ولا بدر منها تصرف ولا سلوك كونها حرم الرئيس أو السيدة الأولى كما يصطلح عليه في دول العالم.
*وداعاً... خديجة حمدي...*
طِبتِ حية وميتة، وعوض الله أسرتك ألم الفُقد وحرقة الفراق ووحشة الفراغ، وألهمهم جميل الصبر والسلوان، وتعازينا لشعبنا في كل مكان، وجعل الله كدك وتعبك في ميزان الحسنات، وقدّس الله روحك وطيّب ثراك وشملكِ المولى بواسع رحمته وعظيم مغفرته، وجمعك بزوجك في جنات الخلد.
لله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء بقضاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون
*○* وددتُ لو دفنوها بجوار زوجها بثرى تراب الوطن...
----------------
(١) مجموعة قصص قصيرة.
(٢) رواية .
_______________
مولود محمد الحسين