القائمة الرئيسية

الصفحات

البوليساريو 52 سنة... عيد مجيد..!!


في قلب الساقية الحمراء، وعلى ضفاف وادي الذهب، حيث تعانق الرمالُ السماء وتهمس النجومُ للتاريخ، تُكتب الذكرى الثانية والخمسون لانبثاق جبهة البوليساريو؛ لا كحدثٍ عابر، بل كملحمة عشقٍ أبدية بين شعبٍ وأرضٍ لا تنكسر.
إنها ليست مجرد ذكرى، بل فينيقٌ ثوريّ ينهض من رماد التشتت، يحمل في جناحيه عزيمة لا تُقهر، كتلك التي حرّكت سبارتاكوس حين تمرّد على قيود العبودية، وكصمود قرطاج التي أبت أن تُدفن تحت سنابك الغزاة. ملحمةٌ تتقاطع في عظمتها مع مسيرة غاندي نحو الحرية، ومع نضال نيلسون مانديلا في وجه الظلم.

لم تكن ثورة البوليساريو مجرد رصاصة دوّت في صحراء مغتصبة، بل كانت "كلمةَ حق" نطق بها الولي مصطفى السيد، حين قال:

"نحن الصحراويين، نرفض أن نكون ظلًّا تائهًا في خريطة الاستعمار. نختار الموت واقفين، ولا نرضى بالحياة على أقدام مكسورة. نموت وندفن في مقبرة جماعية واحدة، ولكن حتمًا سيقول العالم: هذه مقبرة شعبٍ فضّل الموت على أن يعيش تحت الاحتلال."

قبل البوليساريو، كان الصحراوي تائهًا في غابةٍ من القيم الممزقة: عدميّةٌ سياسية شوّهت معنى الوطن، قبليّة فرّقت الدم الواحد، وجهلٌ غذّى العنصرية ومزّق الصفوف. فجاءت الثورة كنهرٍ جارف، اجتاح كل الرواسب، ليُعيد تشكيل الإنسان من جديد: من فردٍ ضائع، إلى مقاتلٍ يدرك أن الحرية لا تُمنَح، بل تُنتزع بالإرادة.
الثورة جمعت "الفرگان" المبعثرة، ونسجت منها نسيجًا موحّدًا كالبنيان المرصوص. لم يعد هناك "أنت" و"أنا"، بل صرنا "نحن".
أعلت من قيمة الإنسان الصحراوي، لا كرقمٍ في سجلٍّ استعماري، بل كحاملٍ لهوية ضاربةٍ في عمق التاريخ. لم تكن معركة البوليساريو معركةَ سلاحٍ فقط، بل معركةَ وجودٍ وإنسان: فقد حوّلت الخيام المتناثرة إلى "قلاع للكرامة"، تعلّم العالمَ كيف يكون الصمود.
لقد كتبت الجبهة مصيرًا جديدًا، حرّرت الصحراوي من عبودية "الواقع المرير"، وجعلته صانعًا لـ"المستقبل المشرق".
واليوم، وبعد اثنين وخمسين عامًا، تحتفل الجماهير بذكرى التأسيس، كعاشقٍ يعانق حلمه تحت ضوء القمر. إنها قصة لا تنتهي، كخرافات الإغريق، كصبر أيوب، وكفاح عيسى النبي... إنها قصيدة، أغنية، حكاية أمة... إنها البوليساريو... وكفى.
"الثورات لا تُقاس بالسنين، بل بقدرتها على أن تخلق من العتمة نورًا، ومن اليأس رجاءً، ومن التشتت وطنًا. وإذا كان مصير الشعوب يُكتب بالنضال، فليكن مصيرنا مجدًا لا يُنسى، أو شهادةً لا تُطوى."
تلكم هي البوليساريو، وما سواها... العدم.
وعيبُ الدارِ... على من بقي في الدار..
احمد علين محمد سالم

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...