في خبر منسوب إلى وسائل إعلام، تتداوله حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مفاده أن الديوان الملكي المغربي أعلن عن إنهاء مهام وزير الخارجية ناصر بوريطة وتعيين رئيس الحكومة الأسبق سعد الدين العثماني خلفًا له.
وبعد التأكد من مصدر الخبر ومقارنته بالاخبار الواردة في المواقع المغربية الرسمية تبين بأنه مجرد إشاعة وحالة غضب من الأداء الهزيل لوزير الخارجية المغربي بعد النكسة المدوية بالاتحاد الأفريقي.
وخلفت خسارة مرشحة النظام المغربي في انتخابات نيابة رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، لطيفة أخرباش، أمام نظيرتها الجزائرية، سلمى مليكة حدادي، حالة من الغضب العارم في المملكة العلوية، وارتفعت الأصوات مطالبة بمحاسبة من تسبب في هذه الهزيمة، التي لا ينظر إليها المغربيون على أنها مجرد هزيمة عادية.
وطالت الانتقادات رأسا، وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، باعتباره المسؤول المباشر على هذه الهزيمة المدوية، والتي امتدت على مدار سبع جولات، كانت فيها المرشحة المغربية دائما متأخرة عن المرشحة الجزائرية، وهو ما جعل من هزيمة مرشحة النظام المغربي، أكثر من مؤكدة، طالما أن الجزائر كان ينقصها فقط صوت أو صوتين لبلوغ النصاب القانوني.
وتلخص صحيفة “تال كال” المغربية القريبة من القصر العلوي، حجم الألم الذي سببته هذه الهزيمة للنظام المغربي وحالة الإحباط التي أفرزتها نتائج الانتخابات لدى دوائره المقربة وذبابه الالكتروني على شبكات التواصل الاجتماعي. وعنونت الصحيفة: “الاتحاد الإفريقي: المغرب في مجلس السلم والأمن، هزيمة محسوبة”.
وتصف الصحيفة الاستحقاقات الانتخابية التي يقودها ممثلو النظام المغربي في مؤسسات الاتحاد الإفريقي، بأنه (STRESS TEST) والذي يعني باللغة العربية “اختبار الإجهاد”، وهي آلية طبية يقاس من خلالها “طبيعة عمل القلب أثناء ممارسة نشاط بدني”، في إشارة إلى حجم المعاناة التي يواجهها النظام العلوي وهو يواجه الجزائر، والتي ذكرته بالمرحلة القاسية التي عاشها قبل انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية في سنة 1984.
ووضعت الصحيفة في صدر صفحتها الأولى صورة لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وخلفه صورة للقارة الإفريقية، وهي الصحيفة المغربية الوحيدة التي اعترفت بوجود منافسة محتدمة بين مرشحة الجزائر ونظيرتها المغربية، وانتهت بخسارة مرشحة القصر العلوي، لأن الجميع نفى في البداية مشاركة مرشحة المغرب في سباق الانتخابات، وألمحت “تال كال” في مقالها بأن أيام بوريطة باتت معدودة على رئاسة دبلوماسية النظام العلوي.
ويلوم المغربيون بوريطة على عدم سحب مرشحته لطيفة أخرباش، من السباق قبل وقوع الهزيمة التي يعتبرونها فضيحة كونها جاءت أمام بلد يعتبرونه عدوا وهي الجزائر، لأن كل الجولات التي سبقت جولة الحسم كانت المرشحة المغربية قد خسرتها، الأمر الذي وصفته الصحيفة بـ”الهزيمة المحسوبة”.
ويمكن قياس حجم الصدمة المغربية أيضا من خلال إقدام كبرى الصحف الالكترونية المغربية “هسبريس”، على نشر خبر مفاده أن “الملك المغربي، محمد السادس في ذمة الله”، قبل أن تقوم بحذف الخبر بعد نحو خمس دقائق، وقد فهم المتابعون نشر هذا الخبر على خطورته، على أنه محاولة من قبل النظام المغربي، لتوجيه أنظار الشعب المغربي من الهزيمة أمام الجزائر إلى حادثة أعظم وهي وفاة ملكهم المريض.
ومرافقة لهذا الجدل، انتقد بشدة صبري الحو، الخبير المغربي في القانون الدولي ونزاع الصحراء الغربية ورئيس أكاديمية التفكير الاستراتيجي، قرار مشاركة النظام المغربي في انتخابات نيابة عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، بدون ضمانات مؤكدة للفوز، طالما أن الأمر يتعلق بالجزائر.
يقول صبري الحو في مقال له: “إن اختيار المغرب الترشح ضد الجزائر في أي منصب من المناصب قارية أو أممية وغيرها، يجب أن يكون مبنيا على دراسة وترجيح احتمالات الفوز والخسارة، ومحسوما للفوز منذ البداية تحت طائلة عدم المبادرة بالترشح أصلا”.
أما “في حالة عدم اليقين والشك في الفوز المغربي، يستحسن عدم الترشح أصلا ودعم مرشح آخر من بلدان صديقة! فالحيثيات والجزئيات والتفاصيل الصغيرة عندما يتعلق الأمر ضد الجزائر، تحسب بميزان بيض النمل، لأنها جد حساسة”، وهو ما دفعه إلى اتهام وزير خارجية بلاده بوريطة بـ”الرعونة التي يجب المساءلة عنها”، لأن “المغرب لا يملك هامشا للخطأ في معاركه الدبلوماسية، خاصة في مواجهة الجزائر، وأن أي إخفاق يجب أن يتم محاسبته بجدية”.