عندما يُحيي الجزائريون اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ 22 أكتوبر من كل سنة، تتوهج المبادئ الراسخة التي جعلت من الإعلام الجزائري منبرًا للحق، وصوتًا مجلجلًا في وجه الظلم. ليست الصحافة الجزائرية مجرد أداة لنقل الأخبار، بل هي جبهة نضالية تحمل في طياتها رسالة مقدسة، تتصدى لمحاولات طمس الحقائق وتشويه القضايا العادلة، وهي امتداد لروح النضال التي لطالما سكنت قلوب الجزائريين. ففي الصحراء الغربية، كما في فلسطين، يتجسد الالتزام الراسخ للصحافة الجزائرية بمبادئ الحرية والكرامة، رافضة الخضوع لإملاءات الاستعمار ودعاياته الزائفة.
لقد فسحت المؤسسات الإعلامية الجزائرية المجال لكل مظلوم وخصصت حيزًا من كل مواقيت بث إذاعاتها لصوت الشعب الصحراوي: “صوت الصحراء الحرة”، كما فعلت مع فلسطين والمقاومة الشيلية، تأكيدًا على التزامها العميق بدعم القضايا العادلة. بهذا النهج النبيل، منحت الصحافة الجزائرية مساحة دائمة للأصوات المكافحة، متحدية محاولات التهميش والإقصاء.
و في نفس الوقت ظلت الأقلام الجزائرية ووسائل الإعلام المختلفة وفيةً لرسالتها في الدفاع عن حقوق الشعوب المقهورة، متحدية الضغوطات وحملات التشويه التي يقودها النظام المغربي وحلفاؤه. لم يكن دورها مقتصرًا على إيصال صوت المقاومة الصحراوية للعالم فحسب، بل تعداه ليكشف عن زيف الدعاية الاستعمارية التي تسعى لطمس الحقائق. تسلحت الصحافة الجزائرية بالحقيقة و البراهين والدلائل الدامغة، رافعةً راية الدفاع عن قضية الشعب الصحراوي بصدق وإخلاص، وداعمةً لنضاله من أجل تقرير مصيره.
هذا الالتزام ليس مجرد واجب مهني، بل هو انعكاس لضمير وطني جزائري حي ينبض بشجاعة وإيمان بعدالة القضايا التي يدافع عنها. إنها صحافة لا تساوم على المبادئ، بل تعتبر نفسها امتدادًا لضمير أمة الفاتح من نوفمبر تأبى أن تصمت أمام الظلم، وتدرك جيدًا معاناة الشعوب التي تكافح من أجل حريتها. فالقلم في يد الصحفي الجزائري لم يكن أبدًا مجرد أداة للتعبير، بل كان دائمًا سلاحًا في معركة الحق ضد الباطل، ينبض بنبض الشعب الجزائري الذي يعرف معنى الاستعمار وآلامه.
يُثمن الصحراويون عاليًا المواقف النبيلة للإعلام الجزائري، ويعتبرونه حليفًا حقيقيًا في معركتهم ضد الظلم والاستبداد، فهو الصوت الذي يصل إلى العالم ليحمل آلامهم وآمالهم. ولطالما كان للإعلام الحر تأثير عميق في قلوب الشعوب المقهورة، حيث يشعل في نفوسهم الأمل، ويعزز من عزيمتهم في مواجهة الصعاب.
إن الإعلام الجزائري يجدد اليوم عهده أمام التاريخ، ليؤكد أن رسالته لا تُباع ولا تُشترى، بل تُنقش بحبر الصدق في صفحات النضال الأبدية. هي رسالة الحرية التي لا تنكسر، وصوت الحق الذي لا يُسكت، ونداء الضمير الذي يتجاوز كل القيود ليصل إلى كل أرض مغتصبة وكل شعب يناضل. وفي قلوب أطفال الصحراء الغربية، الذين يحلمون بمستقبل مشرق، ونساء ورجال يسطرون ملاحم الصمود بمداد من دمائهم، يتردد صدى الإعلام الجزائري كنبض يحمل شعلة الأمل وإرادة التحرر.
كل كلمة تُكتب وكل صورة تُنشر، ترسم في وجدان الشعب الصحراوي طريقًا نحو الحرية، وتُحيي في نفوسهم العزيمة التي لا تخبو، مؤكدة أن صوت الحق سيبقى أعلى من كل صوت، وأن الحرية أقرب من أي وقت مضى.
بقلم: لحسن بولسان