القائمة الرئيسية

الصفحات

“لبريكس” ساحة نضال يستدعي اكتشافها


غبي من لازال يعتقد أن العالم لا يسير بسرعة نحو التعددية القطبية، وسيكون أكثر غباء إذا كان لا يزال يقف أمام مرآة الغرب ليبني عليها استراتيجياته المستقبلية.
مجموعة “بريكس” التي تعقد قمتها حاليا في “قزان” بروسيا الإتحادية، رغم اختلاف أنظمتها وتباعد دولها جغرافيا وربما وجود حساسيات فيما بين بعض حكوماتها، لكن تتفق كلها على الخريطة السياسية التي سيكون عليها العالم الجديد. الجميع يسعى الى إدخال إصلاحات جذرية على المنظمات الدولية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والتي تآكلت صلاحيتها وأصبحت عوض من أن تساهم في خلق عالم يسوده القانون الدولي الى معرقل ومساهم في الدوس على هذا القانون الذي هي نفسها من وضعته وطالبت بفرض احترامه.

مجموعة “لبريكس” ضمن خطتها العلنية، إصلاح مجلس الأمن الدولي ثم توسيعه ليشمل على الأقل عضوين من القارة الأفريقية و دول أخرى من القطب الجنوبي على غرار الهند و لبرازيل، مراجعة دور الجمعية العامة للأمم المتحدة و إعطائها صلاحيات أكثر وأيضا باقي امتداداتها، مواجهة هيمنة الدولار الأمريكي بخلق عملة موحدة أو الاعتماد على العملات المحلية، تجربة أعطت أكلها بين الصين و الهند و روسيا، رفع رأس مال بنك لبريكس للتنمية الاقتصادية الذي انضمت اليه الجزائر مؤخرا للحد من هيمنة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على اقتصاد العالم، لكن الأهم هو الصراع الجيوسياسي الراهن الذي تخوضه دول هذه المجموعة سواء ككتلة أو كدول منفردة، لتقويض المصالح الغربية ومنافستها في ساحات كانت حكرا عليها، الشيء الذي أعطى نفسا و مخرجا لدول الجنوب التي كانت الضحية الأولى لهذا النظام الجائر، بعدما دمرتها العولمة المتوحشة و الديمقراطية الغربية المزيفة.

من هنا يصبح من الصواب دعم خطة مجموعة “بريكس” والاستفادة منها في خلق عالم جديد أكثر عدالة، يكون الجنوب واحد من اقطابه وتكون لشعوبه الكلمة في رسم السياسات الدولية.

لا شك أن التقييم الموضوعي للدور الذي ستلعبه هذه المجموعة مستقبلا سياسا كان أو اقتصاديا أو جيو- استراتيجيا يستدعي منا كصحراويين نطالب بالعدالة في التعامل واحترام السيادة وفرض القانون الدولي أن نتقرب أكثر من هذه المجموعة حتى نكسب تعاطفها وكيف لا وهي مثلنا تعاني من ظلم وهيمنة النظام الدولي الراهن ونطلع مثلها الى عالم أكثر عدلا ومساواة.

يمكن للبوليساريو التي شاركت كمدعوة لقمة “لبريكس” سنة 2023 في بريتوريا بجنوب افريقيا دون اعتراض أي من بقية الأعضاء، أن تلعب بجميع أوراقها، فمجلس الأمن الذي يراد إصلاحه، صوت الجمهورية الصحراوي حاسم في اختيار العضوين المرشحين لتمثيل القارة بهذا المجلس ومن مصلحة مجموعة ” لبريكس” أن يكونا من كتلتها الإفريقية أو من محيطها القريب.

العمل في اتجاه الهند و إيران بإحياء العلاقة القديمة التي كانت مع الدولتين في زمن معين وايصال رسالة الشعب الصحراوي اليهما خاصة وأنهما لا تجهلان حقيقة تاريخ الكفاح الصحراوي و أسسه القانونية مع توسيع دائرة العمل الى بقية دول المجموعة سواء بالعمل السياسي المباشر أوالثقافي والإعلامي ومن خلال المنظمات الجماهرية والمجتمع المدني بتكثيف الحضور في الندوات و الملتقيات التي تتم في هذه الدول وأيضا من خلال الطلبة الصحراوين بحيث السنة الماضية و قبلها كان هناك طلبة من مخيمات اللاجئيين يدرسون في نيودلهي والآن هناك طالبات من ولاية اوسرد في جمهورية تايلنديا وغيرها، يمكن الاستفادة من تواجدهم بالدول الأسيوية. البحث وانتقاء المؤثرين إعلاميا وسياسيا في مجتمعات تلك الدول واستدعائهم للاطلاع على واقع الشعب الصحراوي ومؤسسات دولته، هذا فضلا عن ما يخلق من تحفيز لقسم آسيا بالخارجية وبث الروح فيه.
إن منطقة الصحراء الغربية والغرب الأفريقي بصفة عامة أصبحت معادلة مهمة في لعبة الأمم وفي الحسابات الإستراتيجية للتكتلات الدولية أو ما سيعرف بتعدد الأقطاب وما يُرَوج عن الواجهة الأطلسية لمنطقتنا وعن شرق الأوسط الجديد في غرب افريقيا، يستدعي منا فتح الأعين والانتباه لما يُخطط ويحاك في هذا الجزء من العالم. إنه من الحنكة السياسية استباق الأحداث بوعي ودراسة ووضع لها الحلول اللازمة. مجموعة “لبريكس” أرض بِكر وقُطب صاعد يمكن التوجه اليه والاستثمار فيه
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...