لم يستسغ نظام المروك الى حد الساعة الحكم القاطع والصريح والنهائي الذي نزل كالصاعقة على المخزن يوم الجمعة الماضي من طرف أعلى محكمة في الإتحاد الأوروبي والأكثر احتراما دوليا. اليوم صاحبنا المروكي بوريطة الذي تعرض "لغضبة ملكية" حسب مصادر مغربية مقربة من القصر والذي أصبحت أيامه معدودة على رأس الخارجية بعدما انكشف زيف المكاسب والانتصارات التي كثيرا ما تغنى بها وأن "نظارات الملك الشريفتين" هي وحدها ولا غيرها ينظر بها العالم الى الصحراء "المغربية".
بوجه بادئ عليه القلق، وجه باهت وشاحب يهاجم قضاة محكمة العدل الأوروبية الذين حكموا بإلغاء اتفاقيتي التجارة والصيد البحري بين الإتحاد الأوروبي والمغرب وذلك خلال ندوة صحفية جمعته مع رئيس جزر الكناري بالرباط. وقال" إن هؤلاء القضاة أصدروا الحكم في الرابع من هذا الشهر وغادروا مناصبهم في السادس منه" حسب زعمه، وكرر سي بوريطة مرة أخرى أن "قرار المحكمة الأوروبية لا يعني المغرب نهائيا" ثم يعود ليقول إن "القرار تشبوه شوائب وهو أيضا قرار منحاز سياسيا".
إن سعادة وزير الخارجية المروكي يبدو أنه تشابه عليه البقر، فإذا كان قرار المحكمة لا يعني المغرب إطلاقا، لماذا يشتكي من أنه انحياز سياسي وأنه تشبوه شوائب فل يترك لمن يعنيهم القرار إصدار الأحكام.
يلاحظ أن " الغضبة الملكية الشريفة" تلاحق المسكين بورطة وربما تحصد رؤوس كثيرة في وزارة الخارجية المغربية.
إن المبررات التي لازال يعلكها سي بوريطة وجوقة من محللي وخبراء صحافة المخزن لم يبتلعها أحد داخل المغرب ولا خارجه. فهل يعقل أن يستسيغ المرء أن القضاة المعينين والمختارين من الدول الأوروبية النافذة سينحازون الى البوليساريو ضد المملكة المغربية العشيقة المذللة؟ هل المغرب عمليا غير معني بحكم المحكمة، غير معني بإسقاط في الماء اتفاقيات تجارية مع الكتلة الأوروبية تذر عليه الأموال الطائلة وتشرع له السيادة على الصحراء الغربية على من ستنطلي كذبة المغرب لا يعنيه قرار المحكمة؟ هل هناك عاقل أو له ذرة من الصدق مع نفسه، يشك في أن المحكمة خرقت القانون أو غابت عنها أي حيثية و هي التي تدرس القضية منذ 12 سنة، قرارها يوم الجمعة جاء فقط ليؤكد القرارين الذين اصدرتهما سنتي 2016 و 2018 ؟ إن المخزن وحليفيه الأساسيين فرنسا واسبانيا قد مسح بهم الأرض و جثوا على ركبهم أمام البوليساريو حسب تعبير محامي جبهة البوليساريو السيد جيل دوفير الذي هو نفسه يترأس حاليا جيشا من المحاميين يرافعون عن القضية الفلسطينية أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي بعدما تم اختياره لذلك، خاصة أن الحكم النهائي لمحكمة العدل الأوروبية بني على قاعدة القانون الدولي بحيث أن جمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها لسنة 1979 يقربان جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي و محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في اكتوبر1975 تقر هي الأخرى بحق تقرير المصير عبر استفتاء لشعب الصحراء الغربية وآخرها الرأي القانوني الذي صدر عن المستشار القانوني للأمم المتحدة السيد هانس كوريل، و بالتالي إن الضربة القاضية يوم الجمعة الماضي اسقطت ارضا عنجهية و غطرسة نظام المخزن و نسفت جبال الأوهام و التضليل التي كان يتستر بها، فحكم المحكمة الأوروبية ، سيكون سابقة تدعم قرارات و مواقف مستقبلية تخص حقوق الشعب الصحراوي وهذا هو ما جن جنون المخزن بحيث: أولا: حسم موضوع السيادة، إبراز بقطع الشك باليقين أن المغرب لا يملك السيادة على الصحراء الغربية وبالتالي لا يمكنه التصرف في ثرواتها ولا الحديث باسمها. ثانيا: تعزيز وتقوية جبهة البوليساريو كمرافع ومدافع وممثل للشعب الصحراوي أمام جميع المحافل الدولية. ثالثا: لا يمكن لأي دولة أو مجموعة دول عقد اتفاقيات ثنائية أو شراكة مع المغرب إلا فيما يخص حدود المغرب المسجلة في الأمم المتحدة أي حدود 1956عند استقلاله. رابعا: الباب فتح على مصارعيه، ابتداء من اليوم يؤكد محامي الجبهة سيجر السراق الى المحاكم الجنائية والبداية ستكون مع شركات الطيران التي تخترق أجواء الصحراء الغربية بدون إذن من البوليساريو وشركة "ترانسافيا" الفرنسية هي الأولى ستقف أمام لقضاء والبقية تأتي أفراد شركات ودول. كما أكد المحامي جيل دوفر لموقع "الصحراء الغربية 24": يجب على اللص أن يدفع، الآن يجب على الجميع أن يفهموا أنه يجب احترام الصحراويين بالكامل. إنها" مسألة قانون.
وهي أيضًا رسالة يتم إرسالها إلى العالم أجمع.
يستطيع الشعب أن يقاوم بالقانون ما دام متجمعاً حول أجسام سياسية قوية تدافع عن خط واحد. وهذا الخط هو الدفاع عن الحقوق ومبدأ المساواة بين كل إنسان والرفض المطلق لمجتمع يهيمن عليه المال والسلاح
بقلم: محمد فاضل الهيط .