القائمة الرئيسية

الصفحات

من استقلال مغشوش إلى عمالة بلا حدود.. كيف تحوّل المغرب إلى قاعدة استعمارية جديدة؟


منذ توقيع السلطان المغربي عبد الحفيظ معاهدة الحماية الفرنسية عام 1912، والنظام المغربي يخضع للحماية الفرنسية حتى اليوم، رغم الاستقلال الصوري الذي حصل عليه المغرب عام 1956، والذي سمح لفرنسا بالتركيز على حملاتها الاستعمارية في الجزائر، حيث خرجت منها تجر أذيال الهزيمة بعد أكبر ثورة تحررية أبهرت العالم في القرن العشرين.
خلال هذه الفترة، تمكن الغرب من تحويل المغرب إلى دولة وظيفية، مُلزمة بتنفيذ الأجندات الغربية مقابل حماية نظامها الملكي ومنحها وضعًا متقدمًا في المساعدات والقروض والمشاريع التي تعزز تبعيتها وتشابك مصالحها مع الغرب.
هذا الواقع جعل المغرب أداة طيّعة في أيدي الدول الغربية، مما أهله للعب دور الشرطي في الدفاع عن مصالح الغرب على حساب مصالح جيرانه. فقد تحول إلى قاعدة خلفية للاستعمار من خلال القواعد العسكرية والاستخباراتية واتفاقيات التعاون الأمني مع الدول الغربية وتنسيق عمل محور التطبيع مع الأنظمة العربية، بالإضافة إلى المحور الفرانكفوني المرتبط بمصالح فرنسا في القارة الإفريقية.
ويوجد في المغرب قواعد عسكرية جوية عدة تستخدمها الولايات المتحدة لأغراضها الخاصة في حالات الطوارئ في إفريقيا والشرق الأوسط. وقد تعززت هذه القواعد بإنشاء قاعدة صهيونية، بعدما أعطى الملك المغربي الضوء الأخضر لإنشاء أول قاعدة عسكرية للكيان الصهيوني، تتوسط المنطقة الفاصلة بين مليلية والجزائر، مما يعد استفزازًا صريحًا لدول الجوار، خاصة الجزائر وإسبانيا، وتهديدًا لأمنها القومي.
وخلال السنوات الأخيرة، حاول المغرب إظهار الولاء للغرب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وسحب سفيره من طهران، وإعلان دعمه لأوكرانيا في حربها مع روسيا، كما قام بإخراج التطبيع مع (إسرائيل) إلى العلن بفتح سفارة لها في الرباط، ورفع وتيرة التحرك لإقناع دول عربية أخرى بتطبيع العلاقات، ضمن ما يعرف بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي رفضت إسبانيا استقبال سفينة تابعة لبحرية جيش الاحتلال الإسرائيلي، سمح المغرب للسفن الحربية الإسرائيلية بالتزود بالوقود والطعام خلال رحلاتها من الولايات المتحدة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تم نقل الإمدادات والمعدات على متن السفن الإسرائيلية في ميناء طنجة، جنوب مضيق جبل طارق، حيث قامت السفن الإسرائيلية بإيقاف أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بموقعها لتجنب إحراج النظام المغربي، الذي أصبح أداة طيّعة في يد الصهيونية العالمية، رغم الانتقادات الشعبية الواسعة والمظاهرات المطالبة بإسقاط التطبيع.
ضمن التنسيق الوثيق بين المغرب والكيان الصهيوني، تم توقيع اتفاقيات تعاون عسكري وأمني تسمح بنقل الأسلحة والجنود. وقد أعلنت المقاومة الفلسطينية عن قتل العديد من الضباط والجنود من أصول مغربية يحابون إلى جانب الصهاينة في العدوان على غزة.
ومن شأن تداعيات الدور الذي يقوم به المغرب لصالح الغرب، فشل كل مبادرات الاتحاد المغاربي والتكتل الاقتصادي، وعجزه عن تحقيق الشراكة والتعاون بين شعوب المنطقة. ويعزى ذلك إلى بقاء المغرب تحت الوصاية الغربية التي توفر الحماية لنظامه الملكي الاستبدادي، وسط أنظمة جمهورية تتمتع شعوبها بالديمقراطية وتملك قرارها السياسي في اختيار من يحكمها.
هذا يفسر الصمت الغربي عن الانتهاكات المتفاقمة لحقوق الإنسان في المغرب، والجرائم التي يرتكبها النظام المغربي بحق شعبه وشعوب المنطقة التي لم تسلم من أطماعه التوسعية وأساليب الابتزاز، بالإضافة إلى إغراقها بالمخدرات والهجرة غير الشرعية والعصابات الإجرامية العابرة للحدود، مع استمرار عدوانه على الشعب الصحراوي واحتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية، التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن قضايا تصفية الاستعمار، ويعتبرها الاتحاد الإفريقي آخر مستعمرة في إفريقيا.
بقلم: حمة المهدي لجريدة الأيام 

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...