إن ما تشهده المخيمات منذ فترة من تجاذب وإحتقان ، أدى في معظم الأحيان الى مشاحنات تتحول وبسرعة الى صراعات بينية تتطور على أكثر من مستوى ، وتأخذ بسرعة أكثر من بُعد تختلط فيه الدوافع والأسباب الاجتماعية والإقتصادية لتلتقي جميعها في إنتاج وضع أمني لا يتناسب وطبيعة الإنسان الصحراوي ويزيد بالضعف من أعباء اللجؤ علينا كمواطنين وكتنظيم .
و مهما إختلفنا في حصر الأسباب المباشرة لهذا الوضع ، ومهما تعددت وجهات النظر في تقييم إنعكاساته علينا كمجتمع وكأفراد ، فإنه من غير المنطقي إطلاقا أن نختلف على أن ما يمر به وضعنا العام وفي مختلف ساحاته ، وخصوصا جبهتنا الداخلية ، هو نتيجة حتمية وطبيعة لسبب واحد قديم و متجدد وهو، ضعف وتقادم الادوات من قادة ومسيرين هذا الضعف الذي شكل ، ويشكل وسيشكل دائما وابدا ألمحرك الذي لا يتحرك في إعادة إنتاج جميع الإخلالات القديمة - الجديدة مما جعل إعادة التمسك بنفس الادوات مرادف لاعادة إستنساخ نفس الاخلالات .
على مر السنوات الماضية إجتهد التنظيم ، وحاول القادة والاطر، وابدت القواعد في أكثر من مناسبة الاستعداد التام ، وأبدعنا في النصوص والادبيات ، وأكثرنا من الوعود والتسويف ، وتفننا في تشكيل اللجان المختصة ، في كل ماله علاقة بأدائنا الوطني ، أرجعنا السبب لعامل الظروف تارة ، ولعامل الامكانيات تارة أخرى ، وحينا لعدم توفر الارادة ، واحيانا لغياب الرغبة ، وأستحدثنا هياكل واستغنينا عن أخرى ، وأسهبنا في إستحضار العوامل الذاتية والموضوعية وفي كل مرة جاءت النتائج دائما دون المتوقع ، والسبب هو إحتفاظنا بنفس الادوات من قادة ومسيرين وببساطة كنا نعيد التجربة بنفس المواد وننتظر نتيجة مختلفه وأستمر فعلنا كحركة تحرير يأخذ خطوة الى الأمام وخطوتين الى الوراء .
إختلفت المراحل ، وتغيرت الظروف ، وتجددت المعطيات ، وتبدلت الذهنيات ، وتعددت المفاهيم ، وأتسعت الحاجات ، وتعقدت الحياة ، كل ما فينا وحولنا كان يتغير سلبا وايجابا إلا الادوات من قادة ومسيرين ظلت ثابتة تحاول عبثا الخروج بين مطرقة المسؤولية وسندان الواقع .
في تقديري أن سبل الخروج من الوضعية الراهنة محدودة ، وأن هامش الفرص المتاحة يتقلص بفعل المتغيرات الداخلية والخارجية مما يجعل من استمرار القادة في مواقعهم التنفيذية أمرا قد ينقل وضعنا العام الى مستوى أخطر .
ويبقى أكثر الحلول نجاعة وأقلها كلفة هو إختيار طقم من الاطر والكفاءات الوطنية من خارج دائرة الحكومة والامانة الحاليتين لإدارة دفة الشان الوطني من جميع المواقع التنفيذية ( حكومة ، اركان ، ولاة) على أن تكتفي الهيئات السياسية والتنفيذية القائمة الآن بدور رسم الخطط والمتابعة ومحاسبة هذا الطقم التنفيذي .
حمدي أبه .....يناير 2024