مساء الخير!
الإحتلال و اللغة.
حديثنا اليوم، سيكون عن الإحتلال و اللغة.....الإحتلال و اللهجة.
حرب اللغات....حرب اللهجات.
"War of the languages...war of the dialects".
أينما وجدتم كلمة اللغة، ضعوا مكانتها عبارة"اللهجة".
بما، أن اليوم يوم جمعة، قررت بأن أختار موضوعآ"خفيفآ"، حتى لا أفسد عليكم متعة يومكم.
يا شباب، إحتلال الأرض، يبدأ بإحتلال العقل و إحتلال العقل يبدأ بإحتلال اللغة.
ما دفعني لكتابة هذه العجالة، أمران.
أمر، سأبدأ به و أمر سأنهي به.
حضر معي شابآ فلسطينيآ رسالته للدكتوراه و قد تم تأجيل دفاعه عن أطروحته مرتين.
سبب التأجيل كان رفضه حذف أو تغيير عبارات أو مصطلحات في متن رسالته.
كانت غرفته مجاروة لغرفتي في السكن الجامعي و كنا نلتقي - تقريبآ - كل مساء.
يا صحراوي، مر....محسوبك عامل اليوم"ملوخية جاج" و الله لتاكل صوابعك بعديها.
أعتقد، بأن الكثير من الصحراويين، سمعوا أو يعرفون وجبة"الملوخية" المشهورة في الشرق الأوسط و في بلاد الشام و خصوصآ، الطلبة الصحراويين اللذين إحتكوا بالطلاب العرب في الخارج.
عبارة"ملوخية جاج"، يقصد بها صديقنا، ملوخية بلحم الدجاج.
أنا، نخلبت على"ملوخية جاج" و صديقي الفلسطيني نخبل أعلى"أكويس" من آتاي.
لقد شكلنا جامعتنا"العربية" الخاصة بنا، و التي تناقش كل يوم فقرتان فقط.
حالة القضية الصحراوية و حالة القضية الفلسطينية و"ملوخية جاج" و"أكويس" عارف شيء لرأسو.
كل المواضيع الأخرى، كنا نتركها ل"جامعتهم".
كنا، نتحدث كثيرآ عن شعبينا و عن إحتلال الغير لأرضنا و عن معاركنا الحضارية و القانونية و اللغوية و عن حروبنا"الأخرى" مع العدو.
في الفترة بين"ملوخية جاج" و"أكويس" أتاي، كنا نتحدث عن رسالتينا للدكتوراه.
أنا، كانت أطروحتي عن"القضية الصحراوية و القانون الدولي" و صديقي كانت رسالته عن"فلسطين الإسلامية.....فلسطين المسيحية".
لا يوجد، ما يجمع باحثين"مشردين" ك"ملوخية جاج" و"أكويس" عارف شيء لرأسو و خصوصآ في ليالي روسيا الطويلة و الباردة.
هل، تعرفون ماهي العبارات و المصطلحات ألتي طلب المجلس العلمي بالجامعة من أخينا الفلسطيني حذفها؟
لقد طلبوا منه حذف عبارة"قوات الإحتلال الإسرائيلي" و إستبدالها بعبارة"جيش الدفاع الإسرائيلي".
في العبارة الجديدة، هناك فخان.
فخ لغوي و فخ قانوني - سياسي.
عبارة"جيش" تعطي الإنطباع،بأن هناك دولة.
و الفلسطينيون، - و خصوصآ أكاديميآ - ، يطلقون عليها مصطلح"كيان".
و عبارة"الدفاع" تعطي الإنطباع،بأن هناك أعداء.
رفض،صديقي الفلسطيني التعديلات ألتي إقترحت عليه الجامعة.
سافرت أنا من روسيا و صديقي الفلسطيني، ما زال في"حرب" المصطلحات مع المجلس العلمي في الجامعة.
في حرب اللغات و حرب اللهجات، هناك فصلآ كاملآ يطلق عليه فصل"اللغات المقهورة".
لغات أو لهجات لم يستطع أهلها حمايتها و الدفاع عنها.
لغات و لهجات يتيمة تخلى عنها أهلها و تركتها رياح و عاتيات الزمن أثرآ بعد عين.
لاتنسوا، وضع عبارة اللهجة، محل عبارة اللغة.
نحن، الصحراوييون كذلك، نخوض حربآ من نوع خاص.
و هناك، معركة لا تقل خطورة عن بقية معاركنا.
إنهاء معركة"الإحتكاك" اللغوي.
اللغة - اللهجة، كأي جسم حي آخر، تصاب ب"التسمم".
و سبب"التسمم"، هو كلمة أو عبارة دخيلة على هذه اللغة - اللهجة، عندما يسمعها متحدثو هذه اللغة، يصابون بحالة"تسمم" لغوي
اللغات، كالشعوب.
هناك، صراع و حروب لإثبات الذات و تحديد خطوط التماس.
هناك، علاقة تفاعل و تداخل.
هناك، علاقة مودة و حسن جوار.
و هناك، صراعات و حروب و دمار، مجالهم اللغة.
قد نكونا عدويين و قد نكونا"صديقين"، لكن رجاءآ، - حاول - ، أن تحتفظ لنفسك، بالعبارات"السامة".
"التسمم" عادة، يبدأ من الأذن و من ثم يتجه للعقل و من ثم يتسرب للأرض.
الآن، سأقول لكم، سبب كتابة هذه الحروف.
أنا، - و العياذ بالله من كلمة أنا - ، يمكنني و بياسر من السيطرة على الأعصاب، يمكنني فهم أو تحمل، عندما أسمع شخصآ مغربيآ يقول لشخص مغربي آخر - ذكرآ - ، أنتي آش آبغيتي....أنتي وين كنتي....آ تكلمي.
لكنني، لن أتحمل سماع هذه"ياء التأنيث الساكنة" من شخص صحراوي.
هي و عبارة"الساكنة"، كلمتان تخدشان الأذن السوية.
و مع كامل الأسف، سمعتها.
يا شين السعد، نحويآ، "أنت" تستخدم للمذكر.
أنتما و أنتم.
أنتي - أنت( بكسرة واضحة تحت حرف التاء)، للمؤنت.
أنتوما و أنتن.
رانكم، لاهي أتكدروا على"سبويه"** فقبرو.
واعرة، أعليه الليلة، إشوف الغمظة.
أفصلونا، يا خياتي، الله يرحم والديكم ، اليوم الجمعة، مع"أنتي" للمذكر.
و خصوصآ،ذلك الجزء من شعبنا، ألذي إختاره القدر لخوض معركة الإحتكاك الميداني و اللغوي مع العدو.
راهو، إلي راد مولانا عن"أعواجو" لسنتكم، أقليل ألي لاهي يبقي أمسقم عندكم.
كلشي، لاهي يعواج.
إعتصموا بحبل الله و الوطن و بلهجتكم و ب"أدراريعكم" و"أملاحفكم" و"أخميسة" و"السيغ" و"أكرورو".
الحسنية، راهي ألكم ماهي لهجة.
راهي"دبوس" و دبوس مانعة.
إنها، حرب و قدرة الإنسان الصحراوي على الصمود و البقاء.
لقد، حافظتم على الأرض، فحافظوا على لهجتكم و حددوا نقاط تماسكم اللغوي و الثقافي مع العبارات و المصطلحات الدخيلة.
لا تسمحوا ل"الغير" ب"تسميمها".
لقد، تمت أصابت أذني اللغوية، اليوم بحالة"تسمم" خطيرة.
ذا هوا أنا، أنخظ العلك و السكر و ألا ندعي.
لعل و عسى.
و فاصل، اليوم و الله ف"ملوخية جاج" و"أكويس" عارف شيء لرأسو.
دكتور : بيبات أبحمد.
** "سبويه" : أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، بالولادة و الذي إشتهر ب"سبويه"،و يطلق عليه إمام النحويين.
كان، تلميذآ للعلامة، خليل بن أحمد الفراهدي.
ولد سنة 765 و توفى سنة 796.
و هو من شيزار، بلاد فارس.
لم يعمر طويلآ.
