أثار تدخل المغرب في إدارة التعليم داخل المدارس الإسبانية بالمناطق المحتلة في الصحراء الغربية موجة واسعة من الانتقادات من قبل الصحفيين والمحللين الاسبان, معتبرين أن هذا الإجراء يمثل استمرارا للسياسات الاستعمارية للمغرب وانتهاكا للحقوق المشروعة للشعب الصحراوي.
وأبرزت عدة صحف اسبانية اليوم الاربعاء أن قرار الحكومة الإسبانية تحمل مسؤولية تمويل تعليم ما يسمى "الحضارة المغربية" في المدارس الإسبانية بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية, لا سيما في مدرسة "لا باز" بمدينة العيون المحتلة الواقعة تحت الاحتلال المغربي, "ليس مجالا محايدا وتحويله إلى أداة لإضفاء الشرعية على الاستعمار هو قرار خطير يضرب في الصميم المسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية لإسبانيا في الصحراء الغربية".
وأشار موقع "إل إنديبندينتي" الى أن هذا الاتفاق "يتيح للمغرب اختيار الأساتذة المكلفين بتدريس هذا البرنامج ودفع أجورهم داخل 11 مدرسة إسبانية في الاراضي الصحراوية المحتلة, في وقت لم تقم فيه وزارة التعليم الإسبانية بنشر البرنامج الدراسي التفصيلي", موضحا أنه "لا يمكن اعتبار هذا الاتفاق إجراء شكليا عاديا, بل يستوجب توضيحات علنية وشفافية وتصحيحا سياسيا يتماشى مع القانون الدولي ومع الدين التاريخي الذي تتحمله إسبانيا تجاه الشعب الصحراوي".
وأشار الصحفي كارلوس سي. غارسيا, في مقال بعنوان "الاحتلال من خلال التعليم" نشر على منصة "لا تنسوا الصحراء الغربية", إلى أن "التدخل المغربي في اختيار الأساتذة والمحتوى الدراسي لا يمكن اعتباره إجراء تعليميا عاديا, بل خطوة ذات أبعاد خطيرة تؤثر على استقلالية التعليم في العيون المحتلة خاصة", موضحا أن هذا الاجراء يحول المدارس إلى أداة لتشكيل السردية التعليمية والسياسية بطريقة مضللة بغية الالتفاف على حقوق الشعب الصحراوي المشروعة.
وأكد في السياق على أن "هذا الاتفاق يحمل بعدا أكثر خطورة, إذ لا تزال إسبانيا القوة الإدارية بحكم القانون في الإقليم, وهي مسؤولية لم تلغ باتفاقيات مدريد لعام 1975, التي لم تعترف بها الأمم المتحدة ", مشير إلى أن السماح للدولة القائمة بالاحتلال بتدريس محتوى يمس بالهوية الصحراوية داخل مؤسسة تعليمية إسبانية في العيون المحتلة يعني "تطبيع الاحتلال عبر المنظومة التعليمية وتهميش الشعب الصحراوي والمشاركة الفعلية في التستر على وضع غير قانوني".
من جهتها, كتبت الصحفية الإسبانية, باربارا ويغارتناغ, في منشور عبر حسابها الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي, أن التدخل المغربي في المدارس يثير جدلا واسعا, مشيرة إلى أن التعليم في المناطق المحتلة أصبح ساحة لتشكيل محتوى يهمش السكان المحليين ويحد من استقلالية المدارس.
وأوضحت أن القضية تتجاوز الجانب التربوي, لكونها تترك أثرا مباشرا على السردية داخل الفصول الدراسية وتؤثر على قدرة المجتمع المحلي على الحصول على تعليم يعكس واقعهم التاريخي والاجتماعي.
أما الصحفي فرانسيسكو كاريون, فأوضح, في مقال تحت عنوان "إسبانيا تمنح المغرب التعليم في المدارس الإسبانية في الصحراء الغربية المحتلة" نشر بمنصة "كونتراميتيس", أن هذا القرار يمثل محاولة جديدة من المغرب لفرض روايته على الصحراء الغربية المحتلة, مشيرا إلى أن البرنامج التعليمي الذي سيسمح به في المدارس الإسبانية بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية, يهدف إلى ترسيخ الرواية المغربية للاحتلال وتهميش الهوية الصحراوية في خرق سافر للقانون الدولي و الأعراف الدولية.
