تتواصل في عدد من المدن المغربية موجة احتجاجات شعبية واسعة, تزامنا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقيات التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني, في تعبير متجدد عن الرفض الشعبي لهذا المسار, باعتباره خيانة صريحة للقضية الفلسطينية وتواطؤا مع جرائم الاحتلال, في ظل حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.
وفي هذا السياق, أصدرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة بيانا, اليوم الاثنين, كشفت فيه عن الحصيلة الكارثية لخمس سنوات من التطبيع, مسجلة "تناميا غير مسبوق" في مختلف أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني, حيث تجاوز عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة "أزيد من 40 اتفاقية, إلى جانب أزيد من 20 زيارة متبادلة".
وأبرزت الهيئة أن هذه الذكرى "تحل في سياق إقليمي يتسم بتصاعد الجرائم الصهيونية في فلسطين والمنطقة, وفي ظل استمرار الحراك الشعبي المغربي الرافض للتطبيع, من خلال الوقفات والمسيرات الاحتجاجية, وإصدار البيانات والمذكرات, والانخراط في حملات المقاطعة الأكاديمية والثقافية والاقتصادية للكيان".
ولفتت الهيئة إلى أن "التطبيع لم يحقق أي مكسب حقيقي للشعب المغربي, بل أفضى إلى توقيع عشرات الاتفاقيات في مجالات حساسة, تشمل الأمن والبحث العلمي والسياحة, مع تسجيل اختلال واضح في الميزان التجاري, حيث ارتفع حجم التبادل من مستويات شبه منعدمة قبل التطبيع إلى ما يفوق 300 مليون دولار سنويا لفائدة الكيان الصهيوني بالأساس".
كما رصد البيان إبرام "صفقات تعاون عسكري وأمني شملت الطائرات المسيرة وأنظمة المراقبة والتجهيزات الاستخباراتية, إلى جانب تنظيم أنشطة ثقافية ورياضية وسياحية مشتركة, قوبلت برفض شعبي واسع واحتجاجات ميدانية, فضلا عن استقبال سفن الدعم للكيان في الموانئ المغربية, في ذروة حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة".
وفي مقابل هذا الانخراط الرسمي المتسارع, شددت الهيئة على أن "الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة لم تشهد أي تحسن يذكر, كما لم يحسم أي ملف وطني استراتيجي, بل أدى التطبيع --بحسب البيان-- إلى عزل المغرب أخلاقيا وشعبيا داخل محيطه العربي والإسلامي, وربطه مباشرة بمشروع الاحتلال وجرائمه".
وعلى ضوء ذلك, طالبت الهيئة بالإلغاء الفوري والشامل لاتفاقيات التطبيع وكل ما ترتب عنها, واحترام الإرادة الشعبية المغربية الرافضة لهذا الخيار, مع تعزيز الدعم السياسي والإنساني والقانوني للقضية الفلسطينية العادلة, وتجريم التطبيع قانونيا, وحماية الفضاء العمومي من كل أشكال الاختراق الصهيوني, إلى جانب توحيد جهود مختلف القوى المجتمعية لمواجهة كل مظاهر التطبيع ومقاومتها.
وجددت الهيئة موقفها الثابت والرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني, معتبرة إياه كيانا استعماريا عنصريا قائما على التهجير وجرائم الحرب, مؤكدة أن "التطبيع لا يمكن أن يكون خيارا سياديا ولا مصلحة وطنية, بل انخراطا مباشرا في شرعنة الاحتلال وتبييض جرائمه, وطعنا في الإرادة الشعبية المغربية المناصرة تاريخيا لفلسطين".
وعلى الصعيد الميداني, تشهد عدة مدن مغربية, منذ أيام, مظاهرات للمطالبة بإسقاط التطبيع والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
فقد شهدت مدينة طنجة, مساء أول أمس السبت, مسيرة جماهيرية شارك فيها مواطنون من مختلف الأعمار, رافعين الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بالتطبيع وبالجرائم الصهيونية المتواصلة, خاصة في غزة.
وردد المحتجون شعارات تصدرها مطلب إسقاط التطبيع, فيما ندد المتدخلون في كلماتهم بجرائم الحرب والحصار المفروض على القطاع, مع الدعوة لفتح المعابر, وإدخال المساعدات, ومحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة.
كما تواصلت أمس الأحد, الوقفات الاحتجاجية في عدد من المدن, على غرار مكناس, في إطار الزخم الشعبي المتواصل الرافض للتطبيع, وهي احتجاجات دعت إلى الانخراط فيها العديد من الهيئات والفعاليات المدنية والسياسية.
وتشهد, اليوم الاثنين, وهو تاريخ توقيع اتفاقيات التطبيع, عدة مدن مغربية كبنسليمان وخريبكة وتطوان وطنجة والرباط وقفات احتجاجية دعت اليها هيئات من مختلف التوجهات, تأكيدا على شعارات راسخة من قبيل: "المغرب وفلسطين شعب واحد", و"فلسطين أمانة والتطبيع خيانة".
