"ويل التاريخ من حكايينو".
لا أدري، هل لاحظتم - مثلي - ،بأنه في الأيام الماضية، ظهر"نقاشآ" - ما - ، و كان في معظمه"تدافعآ" - صحيآ - على مواقع"التواصل الإجتماعي"، عن من يملك"الحقيقة" التاريخية في نقطة بعينها.
الخلاف، كان على من هم"المؤسسون"؟
لن، أخوض هنا في مصطلح"المؤسسون".
فكآ،أو تركيبآ.
لن أتحدث، كذلك عن"الذات"، إنما عن "الموضوع".
زين عندى"أنزركك" على هذا الموضوع من زاوية أخرى".
أدلى الكثيرون بدلائهم.
كان، من الأجدر ب"أؤلئك" و ب"هؤلاء"، أن يرجعوا قليلآ لذلك العلم، ألذي إتفق عليه علماء و فقهاء التاريخ.
كمنهج، علمي و تاريخي،يطلق عليه إسم"إلإسطوغرافيا".
"الإسطوغرافيا"، هو علم دراسة كيفية كتابة التاريخ و كيفية بناء الرواية التاريخية و كيفية فصل"النخالة" عن"الزرع"، في كل ما يخص الظاهرة التاريخية.
حين، تتصارع الروايات و تستخدم "دفاتر" الماضي كأسلحة لقتل المستقبل.
لا يمكن لشعب من الشعوب أو لأمة من الأمم قراءة تاريخها أو كتابته بأقلام مؤرخين مثقلين بتبعات الماضي أو"مؤرخين"، ينظرون للمستقبل عبر"ثقب" صغير في جدار زمن ،لم يتشكل فيه بعد ما يطلق عليه ب"الوعي التاريخي الجمعي".
نحن، الصحراوييون، ما زلنا نتلمس طريقنا، في ليل مدلهم،حالك، ليس فيما يخص تاريخنا - فحسب - ، إنما في كل ما يخص وجودنا و في كل ما يخص كينونتنا.
التاريخ، كافر.
كل"جنحة" فيه، يمكن أن تتحول ل"جناية" و كل جملة فيه، يمكن أن تتحول لحقد دفين، لا يعلم تبعاته إلا الله.
هل، يعلم"أولئك" و"هؤلاء"،بأن"نقاشآ" بسيطآ على مواقع"التواصل الإجتماعي"، يمكن أن يتحول لوقود و لحطب للإنتحار الجماعي.
مع، كامل الأسف، نحن الصحراوييون، ذاكرتنا قصيرة.
ماذا، يجب أن تفعل الشعوب الواعية و المتحضرة، حين"يتشابه عليها البقر"؟
ماذا، نفعل حين تتعدد الشهادات و تختلط علينا الرويات و تتناقض؟
هل فيكم، من فكر - مثلآ - في الفرق بين"كتابة التاريخ" و"صناعة التاريخ"؟
هل، سمعتم - مثلآ - بالصراع"التاريخي" الذي، ترك في الأمتين العربية و الإسلامية، جرحآ عميقآ لم يندمل بعد؟
إنه"صراع"روايتين.
و حول من؟
حول،"صلاح الدين الأيوبي" .
رواية"إبن الأثير" و رواية"إبن شداد".
أول، ما يجب على المكلف تصحيح إيمانه، و نحن الصحراوييون، صرنا مكلفون مرتين و نصف( ثورتنا عمرها خمسون سنة و نيف).
و مول"صوم"، ألا من القوم و لا ما أتلى أعليه لوم.
يجب علينا تصحيح إيماننا التاريخي و إيماننا الثوري.
و قبل"التصحيح"، يجب النظر و التمعن جيدآ في"تاريخ"المؤرخ نفسه.
لا يجب، تسفيهه، أو المس بذاته أو بشخصه.
إنما دفع الحجة بالحجة و الرواية، بالرواية و بالمراجع التاريخية أو بشهود عدل، شهادتهم، غير"مجروحة".
التاريخ كافر.
هذا، ما يقوله فقهاء التاريخ و فقهاء الحديث، لمعرفة صحيحه و ضعيفه.
أخطر، ما في"التاريخ"، هو، الذاتية في التاريخ.
و لا يوجد ماهو أخطر منها سوى"تضخم الذات الجمعية" في التاريخ.
تضخم، الأنا الجماعي.
لمجموعة أو لفرقة أو لطائفة أو ل"فكرة" غير مؤسسة.
أخطر، أنواع تضخم، الأنا، هو ذلك التضخم المرتبط ب"الدم".
"هلوسة"، جماعية و "رقص" هستيري، على أشلاء تاريخ لم يتم جمعه أوالإتفاق عليه بعد .
كل، يرقص حول نار"قطعته" الخاصة به من التاريخ.
حفاة....عراة....لا وطن لهم و يتمايلون - كأنهم سكارى و ما هم بسكارى - حول نار، إذا إنطفت، سيقضون أيام في محاولة إحيائها أو إشعالها من جديد.
الثورات، لا تعترف بالأخطاء.
رقص،قبائل، ما قبل التاريخ.
تاريخ، الشعوب و ألامم، "فسيفساء"، لا يمكن"الرقص" على قطعة واحدة منها.
قم، بجمعها، كمكون واحد، و من ثم يحق لك الرقص حول نارها طوال الليل.
و ليل الشعوب طويل.
تاريخ لم"يوغيز" و لم"ينق" و لم"يغربل" و لم"يشطط" بعد.
مافات"أشلل"، تشليلتو الأولى.
مزال،"برادو"على النار.
يا،شباب، هل فيكم من يعرف الفرق بين"التاريخ" و التأريخ"؟
التاريخ - بدون همزة - هو السير العادي للتاريخ و التأريخ - بهمزة -، هو كتابة التاريخ.
بلغة اليوم، التاريخ - بدون همزة - ، مادة خام و التأريخ - بهمزة - ، مادة مصنعة.
مستو ليد.
ماهو، الحل الآن؟
لا مفر لنا كشعب و كنخب من ترك التاريخ و التأريخ للمؤرخين.
اللعب و الظحك ماهم ف"سف" لعوين" و ماهم ف"سف" التاريخ - التأريخ".
خاص حد، هامو يكتب تاريخو و إبعدو عن المزايدات و عن المهاترات التاريخية، خاصو "إفرفر"الوعي النقدي، عند مثقفينا و عند نخبنا و عند أباؤنا المؤسسون،سابق تطلع أنجيمة الصبح.
الخلاف،لا يفسد للود قضية.
القضية، يفسدها الإختلاف و عندما يتحول تاريخنا، لمادة للتفكه و للتندر و للتنابز على موافع"التواصل الإجتماعي".
ذاك، أصا هو العاد يتقال لو، شين السعد.
إتقوا الله في إعصابنا و في عقولنا، يا جماعة.
لا يجب الخوف، من تفكيك التاريخ و - أحيانآ - تفكيكه و إعادة تركيبه.
الفيصل، هنا - و رغم تعدد الرويات - ، سيكون بمقارنة الأحداث و بمقارنة الرويات، و الوقوف على صحيحه و ضعيفه و ناسخه و "منسوخه".
للتاريخ،كذلك، حلاله و حرامه و مستحببه و مندوبه و مكروهه.
لا يجب الخوف، من إستعمال أدوات الشك المنهجي، و الإبتعاد عن إستخدام أدوات ذلك الشك المريض، المتأهب للإنقضاض على التاريخ، بإسم التأريخ أو بإسم"تأميم" التاريخ.
لا مفر لنا - نحن الصحراوييون - من حتمية إحترام المسافة الفاصلة بين التاريخ - أي ما جرى في الماضي - و التأريخ - أي كتابة و تدوين و تمحيص ما جرى في الماضي.
ماك، يا حوت، شربو و لا موت.
ضغط الزمان و المكان،يفرض علينا القبول بمسايرة و الإعتراف بذبول التيار"السردي" في التاريخ،
التاريخ و التأريخ، اليوم غيرا مكان"إقامتهما" من الكتب"الصفراء و رفوف المكتبات ألتي أكلها الصدأ، إلي المختبرات و مراكز الدراسات.
هناك، بالذات، يتم التعامل مع التاريخ، كسلاح و ليس على أو - في - مواقع"التواصل الإجتماعي".
هناك، يتم"صنع" السرديات" و"تغليفها" و بيعها.
و عليه، يجب علينا التحرر من ثقل التاريخ.
لا يوجد، في التاريخ، ما هو أخطر على الأفراد و على الشعوب و على الأمم، من"اليقين القاتل".
اليقين"التاريخي - التأريخي" القاتل.
عود على بدء، و العودة، لجرح إختلاف رواية"إبن الأثير" و"إبن شداد" حول"صلاح الدين الأيوبي".
"إبن الأثير" عاصر"صلاح الدين"، و لكن كان موقفه منه عدائيآ، و لكن من حسن حظنا و من حسن حظ التاريخ، كان"إبن شداد" معاصرآ لكليهما.
الآن، و في الكثير من مكتبات العالم، تجد كتابين و روايتين مختلفتين عن صلاح الدين.
"المعركة"، الآن حول"الحقيقة" تدور في المختبرات و في مراكز الدراسات و في معاهد"التسويق".
سيتم، إستعمال كل"رواية" حسب زمانها و حسب مكانها و حسب النقطة ألتي يجب"الضرب" فيها.
لا"أتذخروا" الناس، ضد أنفسكم و ضد شعبكم و ضد تاريخكم و تأريخكم.
إنهما، كافران.
هو، تاريخ واحد كافر، فما بالك بتاريخين.
لا تعطوا، ل"تجار" التاريخ، رويات، سيتم إرجاع لكم بعضها كمادة"خام" و بعضها، كمادة"مصنعة" و لكنها، كلها مواد"مسمومة" و"مسرطنة".
"ويل التاريخ من حكايينو"!
إتقوا الله فينا و في التاريخ و إخرجوه من ضيق مواقع"التواصل الإجتماعي"إلى رحابة أفق الفكر و العلم و التسامح و المعرفة.
يجب، التمسك بالوقار في التاريخ و في التأريخ.
للشيب و للماضي و للتضحيات حرمتهم.
تاريخك، سيحولك، إما لروضة من رياض الدنيا، أو لمقبرة من مقابرها.
دكتور: بيبات أبحمد.
