وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار 2792 الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية حول الصحراء الغربية وقد حظي بتصويت أغلبية الاعضاء إحدى عشر صوتا مقابل امتناع ثلاثة دول عن التصويت (روسيا، الصين، وباكستان)، فيما رفضت دولة واحدة المشاركة في التصويت هي الجزائر.
وقبل الشروع في تحليل مضمون القرار لابد من التنبيه إلى أن قرارات مجلس الأمن الدولي غير ملزمة وإلا كانت عملية الاستفتاء في الصحراء الغربية انتهت منذ زمن بعيد والآن الجمهورية الصحراوية تمارس سيادتها على كامل ربوع الساقية الحمراء ووادي الذهب.
لأن إنشاء بعثة المينورسو لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية تأسست بقرار مماثل لمجلس الأمن الدولي في العام 1991 ولكن للأسف أن الاحتلال المغربي عرقل عملية الاستفتاء وظل يتمرد على قرارات مجلس الأمن طيلة ثلاثة عقود من الجمود الذي طبع العملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء الغربية وكان اخرها طرد المغرب للمكون المدني والسياسي لبعثة المينورسو دون أن يحرك مجلس الأمن ساكنا.
ومن هنا نستنتج أن كل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصحراء الغربية غير ملزمة طالما، تعالج القضية الصحراوية ضمن البند السادس داخل مجلس الأمن.
لكن النظام المغربي والقوى النافذة تعمل على الانحراف بقرارات مجلس الأمن عن الشرعية الدولية، وربط حل القضية الصحراوية بالمقترح المغربي تمهيدا لنقل القضية إلى البند السابع وهنا مكمن الخطورة التي يجب أن ينتبه إليها الجميع.
كما لابد من الإشارة إلى الظرفية الدولية التي انعقد فيها مجلس الأمن الدولي وسياسة ترامب الذي حول اسم وزارة الدفاع الى وزارة الحرب ورفع شعار تحقيق السلام بالقوة في سلوك ينم عن الغطرسة والغرور والرغبة الجامحة في الهيمنة وفرض السيطرة.
هذه المعطيات كانت حاضرة ضمن معركة الكواليس وقد كان للتعديلات التي أجريت على مسودة مشروع القرار بضغط روسي وصيني ودبلوماسية نشطة للجزائر داخل اروقة مجلس الأمن الأثر الكبير في استبعاد المقترح المغربي كحل وحيد للقضية الصحراوية والحفاظ على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وهو ما ورد التأكيد عليه مرتين في القرار.
مع تمسك مجلس الأمن الدولي بروح القرارات السابقة التي تقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والتمسك بمخطط التسوية انطلاقا من تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لسنة جديدة.
كما ربط مجلس الأمن الطرفين بالمفاوضات وتقديم مقترحاتهما من اجل التوصل الى حل سياسي عادل ودائم، مقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية وفي هذا إشارة واضحة إلى فشل المغرب في جعل مقترحه الأساس الوحيد للنقاش وأن الحل النهائي يجب أن يكون محل توافق من قبل الطرفين.
ومهما حاولنا تفكيك مضامين القرار الجديد سنجد من التناقضات والتنافر بين إرادة الحق وحق القوة في مؤشر يضع مصداقية مجلس الأمن الدولي على المحك
وفي الاخير يبقى الشعب الصحراوي هو صاحب الكلمة الفصل والقرار النهائي في تحديد مصيره غير القابل للتصرف ولا للتقادم في الحرية والاستقلال.
محمد لمين حمدي - إعلامي وكاتب من الصحراء الغربية.
المصدر: الخبر الجزائرية
