وضع لا يحسد عليه، يعيشه النظام المغربي الذي لا يكاد يستعيد وعيه من صفعة يتلقاها من الدبلوماسية الصحراوية ، حتى يخرّ صريعا تحت وقع صفعة جديدة، وبما أنه عاجز عن الدّفاع عن نفسه؛ لأنّه في الغالب يكون في موقع المذنب، فإنه يلتزم الصّمت بعض أصابعه مما حصل بالأمس
وفي الوقت الذي تتوالى فيه هزائم دبلوماسيته . تتحول مواقف بعض الدول لصالح القضية الصحراوية،وتصنف المغرب كدولة مارقة تستخدم الترهيب الدبلوماسي لفرض منطقها على العالم، بسلوك يعيدنا إلى القرون الوسطى.
إن حق الجمهورية الصحراوية في المشاركة نابع من قرارات الاتحاد الأفريقي الواضحة، والتي تؤكد على أن لجميع دول الاتحاد الأعضاء، ما لم تكن خاضعة لعقوبات من قبل الاتحاد أثناء انعقاد الندوة، الحق في المشاركة في كل الاجتماعات التي ينظمها الاتحاد أو يشارك في تنظيمها (كقمة التيكاد، قمة الاتحاد الأفريقي-الاتحاد الأوروبي و قمة الإتحاد الإفريقي -الجامعة العربية الى جانب أخرى ).
لقد حاول نظام الاحتلال مرارا وتكرارا عرقلة مشاركة الوفود الصحراوية في الإجتماعات القارية . نتذكر جميعا افشاله لمؤتمر التنمية في إفريقيا، الذي نظمه الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بإفريقيا في السنغال ما بين 27 و28 مارس/آذار 2017. فالغي الاجتماع
–و في 28 أغسطس 2017 كرر نفس التجربة خلال اجتماع المؤتمر الدولي لطوكيو حول تنمية إفريقيا (تيكاد) في مابوتو بموزمبيق ما بين 23 و25 أغسطس/آب 2017. عندما تحول وفد الى بلطجية بهدف منع مشاركة الوفد الصحراوي وكانت النتيجة ادانة الحكومة الموزنبيقية لاعتداء الوفد المغربي على وفد الجمهورية الصحراوية والذي شارك بالقمة عن رغم انفه.
– وفي 27 سبتمبر 2017 تصرف بنفس الأسلوب خلال اجتماع القاهرة التشاوري، 2017، حول الصحة الذي نظمته مفوضية الاتحاد الإفريقي على مستوى خبراء دول إقليم شمال إفريقيا لتفعيل المركز الإفريقي لمراقبة الأمراض والوقاية منه والنتيجة حضر الوفد الصحراوي ولم يحضر المغرب
– وخلال القمة التشاركية بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي التي أنعقدت في الفترة من 29 الى 30 نوفمبر 2017 بعاصمة ساحل العاج أبيدجان، وتجند بشكل قوي بدعم فرنسي لمنع مشاركة الوفد الصحراوي اللقاء. فحضر الوفد الصحراوي وفشلت مساعي نظام المخزن
– ومحاولته في اشغال القمة الحادية والثلاثون للاتحاد الافريقي بالعاصمة الموريتانية نواكشوط انذاك تغييب القضية الصحراوية والنتيجة كانت تصعيد الاتحاد في قراراته حول تصفية الاستعمار من اخر مستعمرة بافريقيا
وفي اجتماعات التيكاد بجوهانسبورغ، جنوب أفريقيا، اختلق السفير المغربي بأديس أبابا مواجهة لفظية مع الوفد الصحراوي، ووجه كلاما نابيا ومسيئا للجميع، وحاول عرقلة المشاركة الصحراوية ليحصد الفشل كالعادة.
وفي قمة التيكاد بتونس في أغسطس 2022، والتي حضرها رئيس الجمهورية الصحراوية، السيد ابراهيم غالي، واستقبله نظيره التونسي كبقية الرؤساء الأفارقة، أقام المغرب الدنيا ولم يقعدها، بل وسحب سفيره من تونس حينها وأصدر بيانا شديد اللهجة تهجم فيه على تونس. لكنه بالمقابل بلع لسانه تماما عندما شارك الرئيس الصحراوي والوفد المرافق له قبلها بأشهر في فبراير 2022 في قمة شراكة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، رغم ترأس فرنسا الاتحاد الأوروبي أنذاك . ولم يعترض المغرب، ولم يقم بأي إدانة ضد فرنسا أو بلجيكا البلد المضيف ولم يستدع أو يسحب سفراءه. وبالتالي أدرك الجميع أن صراخ المغرب يعلو فقط ضد الدول الأفريقية أو الدول التي لديه أوراق ضغط ما عليها.
المغرب حاول أيضا استبعاد الجمهورية من المشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي الجامعة العربية نهاية 2023، حيث سعى لذلك رفقة المملكة العربية السعودية، البلد المضيف. غير أن الدبلوماسية الصحراوية، مدعومة من طرف مجموعة كبيرة من الدول الوازنة في الاتحاد الأفريقي، أجهضت هذه المحاولة اليائسة ما اضطرت المملكة السعودية لإلغاء هذه القمة، واستبدالها بقمة خاصة بين السعودية ودول أفريقية استدعتها في آخر لحظة.
وبالأمس وبعد حضور وفد صحراوي رفيع المستوى لأشغال مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا “تيكاد 9″، المنعقد بمدينة يوكوهاما اليابانية ما بين 20 و22 أوت الجاري . يتلقى نظام المغرب ضربة جديدة من لدن المجتمع الدولي ،رغم كل الاساليب القذرة التي لجأ إليها من شراء للذمم ودفع للرشاوى وتضليل وابتزاز وتهديد وتطبيع .
وفي هذه القمة إتضح ايضا الموقف الياباني الذي يعكس اعترافاً عملياً بأهمية المشاركة الصحراوية، وحرصاً على توفير الظروف الملائمة لوفدها حتى يتمكن من أداء مهامه بشكل طبيعي، بعيداً عن أي ضغوط أو استفزازات. كما يشكل هذا الإجراء رسالة سياسية واضحة تؤكد تمسك اليابان بمبادئ الاتحاد الإفريقي القائمة على المساواة بين جميع أعضائه، دون إقصاء أو تمييز.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تحقق فيها الدبلوماسية الصحراوية نجاحات وانتصارات كالتي سجلت تباعا بل إنها نسفت كل مؤامرات النظام المخزني في إبعادها من الاتحاد القاري و أجبرته على الجلوس صاغرا إلى جانبها, مما يشكل اعترافا ضمنيا بحقيقة الوجود الصحراوي كدولة رغم كل المحاولات المغربية لنفي ذلك". بل أن "المملكة اضطرت إلى الجلوس مع ممثلي الدولة الصحراوية في قمم دولية أفريقية لم تكن الرباط تتخيل أن تصل إليها الدولة الصحراوية مثل القمم الأفريقية-الأوروبية في بروكسيل أو التيكاد أو بريكس.
بقلم الكاتب والإعلامي: بابا السيد لعروصي