منذ اندلاع الحرب في الصحراء الغربية عقب خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار يوم 13 نوفمبر 2020، اختار النظام المغربي، وعلى رأسه الإعلام الرسمي والموالي، سياسة الإنكار والتضليل الممنهج. فقد دأب على التعتيم الإعلامي، ورفض الاعتراف بحجم الخسائر البشرية في صفوف قواته، وتمادى في اختلاق روايات لا يقبلها عقل ولا منطق.
ليست هذه السياسة جديدة، بل تعود إلى حقبة الملك الحسن الثاني، الذي أنكر في ذروة الحرب الصحراوية وجود حوالي 4,600 أسير مغربي لدى جبهة البوليساريو، رغم الأدلة الميدانية والشهادات الموثقة من منظمات دولية. ومع استئناف القتال مجددًا سنة 2020، اختار المغرب التمادي في نفس النهج، فأنكر سقوط قتلى من جنوده، رغم أن جبهة البوليساريو كانت تصدر بيانات عسكرية يومية مدعومة بأدلة وشهادات من مناطق القتال.
والأغرب أن بعض حالات الوفاة في صفوف جنود الاحتلال جرى نسبها إلى أسباب واهية، فتارة يُقال إنهم توفوا بسبب فيروس كوفيد-19، وتارة أخرى نتيجة لدغات أفاعٍ أو لسعات عقارب، في محاولة يائسة لإخفاء الحقيقة عن الرأي العام المغربي والدولي.
ومؤخرًا، نشرت صحيفة "هسبريس" الموالية للمخزن رواية لا يمكن لعاقل أن يتقبلها، إذ زعمت أن الجنود الذين سقطوا في اشتباكات مع جيش التحرير الشعبي الصحراوي، قُتلوا على أيدي "مهربين"، وليس نتيجة للعمليات العسكرية المنظمة التي تنفذها الجبهة ضد مواقع الاحتلال المغربي. فهل يُعقل أن تتكرر مثل هذه الحوادث في مناطق عسكرية مغلقة، محصنة ومراقبة بشدة، دون أن يكون هناك رد رسمي عسكري حاسم، إن كانت فعلاً من فعل "مهربين"؟
هذه الادعاءات المتناقضة والمفبركة تكشف ارتباك المؤسسة المخزنية، وتؤكد أن هناك شيئًا كبيرًا يُخفى عن الشعب المغربي. فكيف يُعقل أن تستمر الحرب لأكثر من ثلاث سنوات، دون اعتراف رسمي بأي خسائر؟ وأين هي تقارير وزارة الدفاع المغربي؟ وأين الإعلام الحر المستقل الذي ينقل الحقيقة من الميدان؟
إن هذه الروايات ليست سوى محاولة بائسة للتغطية على الفشل العسكري والمعنوي الذي يتكبده الاحتلال المغربي يومًا بعد يوم في صحراء لم ولن تكون له. الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، يخوض حرب تحرير وطنية عادلة ضد استعمار استيطاني مدعوم بالكذب والتضليل. وما تسويقه الإعلامي سوى قناع هش سرعان ما يتمزق أمام وعي الشعوب وصوت الحقيقة.
فليستمر الاحتلال في الكذب، لكن صوت المقاومة لن يُقهر... والحقيقة، مهما حاصرها التزييف، ستظل أقوى من كل الروايات المفبركة.
سلامة مولود اباعلي