القائمة الرئيسية

الصفحات

خطاب ملك المغرب في عيد العرش تغير في النبرة وتمسك بأسباب الأزمة

 


لا شك أن المتابع لخطاب ملك المغرب محمد السادس بمناسبة ما يسمى "عيد العرش" سيقف على استنتاجات هامة بتغير جوهري في مضمون الخطاب الملكي ونبرته العدائية تجاه جيرانه، وسقوط مفردات رافقت الخطب الملكية في السنوات الماضية، ما يعكس عمق الأزمة التي يمر بها النظام في المغرب وعجزه عن تحقيق طموحاته التوسعية بأسلوب الاستعلاء والغطرسة ودخول التحالفات المشبوهة، ووضع سيادته رهن الدوائر الغربية والصهيونية، في مؤشر على فشل كل المقاربات العدائية تجاه جيرانه الذين تحملوا عقودا من الحقد الدفين وتفريخ الجماعات الارهابية وإغراق المنطقة بالمخدرات والسموم المهلوسة. 
فالجزائر التي خاض شعبها أعظم ثورة تحررية في القرن العشرين وكانت نبراسا للشعوب المكافحة وقبلة للاحرار والثوار، لم تسلم من اطماع النظام التوسعي المغربي الذي اعتدى على سيادتها وهي تضمد جراحها، في حرب الرمال الظالمة 1963م ولكن الرد الجزائري كان حاسما وسريعا وأعاد المخزن إلى حجمه الطبيعي، واليوم تتحمل الجزائر المخططات القذرة للنظام المغربي العدوانية في تطويقها غربا بالمخدرات وجنوبا بالارهاب والتحالفات المشبوهة لزعزعة استقرارها، 
وموريتانيا التي لم يعترف نظام المخزن باستقلالها حتى العام 1969م وظلت تحذوه اطماع احتلالها لم تسلم هي الأخرى من عمليات الابتزاز وإغراقها بالمخدرات وظلت ساحة خصة لعبث المخابرات المغربية في انتهاك السيادة الموريتانية.
والجمهورية الصحراوية التي انسحب المغرب من منظمة الوحدة الافريقية بسبب قبول عضويتها، يعود اليوم إلى المحفل الافريقي بعد ادراكه أنها أصبحت حقيقة قارية ودولية لا رجعة فيها.
ثم يطل ملك المغرب دون حياء ليقول أن يد الغدر والخيانة الملطخة بالدماء والاحقاد أصبحت ممدودة، في محاولة لتضليل الرأي العام الدولي واستجداء عواطف شعوب المنطقة التي باتت أكثر وعيا بخبث وسوء نوايا النظام المغربي الذي يتحث عن اعادة احياء مغرب عربي هو السبب الرئيسي في تعطيله.
ومما يمكن استنتاجه من خطاب الملك المغربي فيما يتعلق بالقضية الصحراوية بداية النزول من أعلى شجرة الحسم والملف المطوي إلى وتجاوز "الوضع المؤسف" ومناشدة الحوار.
فالصمود الاسطوري للشعب الصحراوي رغم القمع واللجوء والشتات دفع الملك المغربي هذه المرة إلى الإقرار ضمنيا بفشل حسمه للنزاع وأنه بات مستعدا  "لحل لاغالب فيه ولا مغلوب".
وهذه إشارة أخرى إلى أزمة المرض  الخطير لملك المغرب ورغبته في تأثيث الطريق أمام ولي عهده في ظل صراع الأجنحة داخل القصر الملكي وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واتساع رقعة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط التطبيع وإفشال التحالفات المخزنية مع الأنظمة الوظيفية.
وبالرغم من تغير نبرة الخطاب والميل إلى الاستجداء والحوار يصر ملك المغرب على تسويق بضاعة "الحكم الذاتي" المفلسة،  والتي حشد لها مواقف دول وحكومات، إلا أنها لم تجدي نفعا ولم تغير في مبادئ واسس الشرعية الدولية التي تقف الى جانب الشعب الصحراوي وحقه الذي لا يمكن باي حال من الأحوال ان تجاوزه في تقرير المصير. 
وفي أفق تخليد الذكرى الخمسين للوحدة الوطنية تبقى المناسبة فرصة ثمينة لإعادة ترميم البيت الداخلي بالمصالحة مع الذات واعلان النفير العام لجميع الصحراويين في مختلف تواجداتهم بإعلاء المصلحة الوطنية وتجاوز الخلافات والتحلي بالمسؤولية الاخلاقية والتاريخية تجاه القضية الوطنية الجامعة ورسم استراتيجية تأطير شاملة للجسم الوطني قوامها البذل والعطاء والتضحية من أجل تجسيد الهدف الأسمى الذي ارتقت من أجله قوافل الشهداء والمتمثل في الحرية والاستقلال.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...