دفق إعلامي مغربي هائل عن مبادرة ولوج دول كمالي وبوكينافاسو والنيجر إلى الأطلسي عبر ميناء أكادير هو نموذج للحرب الناعمة الذي يخوضها المغرب ضد موريتانيا أولًا وضد التعاون الجزائري الموريتاني.
شحنة تضليل مركزة تقلب الحقائق الجغرافية والجدوى الاقتصادية والحقائق القانونية لربط تلك الدول بالمشاريع الوهمية المغربية.
أولًا: المسافة شاسعة بين ميناء أغادير ودول جنوب الصحراء.
ثانيًا: هناك موريتانيا في الطريق، وهناك الصحراء الغربية المحتلة، وهناك شاطئ وموانئ موريتانيا القائمة في انواذيبو وانواكشوط وانجاكو، وهي الأقرب لمالي.
لكن المغرب يستهدف بحملته التضليلية شطب موانئ موريتانيا من المعادلة.
ثالثًا: هناك استثمار جزائري بواحد مليار دولار في طريق تيندوف–ازويرات، حيث الارتباط بشبكة الطرق الموريتانية المتصلة إلى مالي والسنغال.
وهناك مشاريع ربط سككي وطاقوي بين موريتانيا والجزائر، وهناك دراسة جادة لبناء ميناء عالمي المواصفات في منتصف المسافة بين انواكشوط وانواذيبو يربط شواطئ البحر الأبيض الجزائرية بشواطئ الأطلسي، ويوسع الطاقة الاستيعابية للبنى التحتية البحرية الموريتانية.
وهو مشروع مربح عالي الاستراتيجية، وسيكون معلما رفيع المستوى للتكامل الجزائري الموريتاني في حالة الاتفاق النهائي عليه، وسيحشر المغرب في زاوية بعيدة عن سوق دول جنوب الصحراء، كما سيفتح خطوطًا بحرية مباشرة مع جنوب أوروبا وبريطانيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا دون حاجة موريتانيا لمرور بعض شحناتها عبر الموانئ المغربية.
وسيكون تعدد أرصفته المنجمية والسمكية والخدمية والتجارية ومنطقته الصناعية عامل تحفيز تعديني في المناجم الموريتانية غير المستغلة في تيرس والحوضين وتكانت وآدرار وإينشيري، خاصة إذا تم ربط سككي آخر عبرها غير سكة ازويرات–انواذيبو؛ ربط يمتد داخل الجزائر ليتجه بعض صادراتها المنجمية إلى ميناء الأطلسي الجديد "ميناء المغرب العربي".
إنه ميناء له ما بعده جيو استراتيجيًا.
كل ذلك يدفع المغرب إلى تحريك جبهة حربه الإعلامية بكل اتجاه ليشوش على الجميع.
المشروع الجزائري الموريتاني جدي وحقيقي وقابل للتنفيذ ومضمون الجدوى والربحية، أما وهم "الولوج إلى الأطلسي" فهو فقاعة إعلامية لا غير.
لا وجود لمحور طرقي يخترق موريتانيا من الحدود الصحراوية المحتلة غربًا إلى حدود مالي شرقًا، ولا يدخل في إطار خطط موريتانيا البنيوية الحالية، ولا يمتلك المغرب سيادة على شمال موريتانيا ليعبد طريقًا نحو مالي، ولا يمتلك تمويله لو منح إذنًا لذلك.
هو صراخ مغربي اعتدناه كلما تقدم التعاون الجزائري الموريتاني خطوة.
لكن على المغرب أن يستعد لعويل طويل ومرير وصراخ لا ينقطع، وأن يصنع كذبة جديدة مثل "الولوج إلى الأطلسي"، عندما تبدأ الآليات الثقيلة وورش العمل التقني تنفيذ خطط موريتانية جزائرية عملاقة ستنطلق قريبًا بإذن الله العزيز الحكيم.
ولتجلس الثلة الانقلابية في انتظار ولوج إلى الأطلسي، لكنه سيكون ولوجًا إلى محيطات السراب المغربي، وما أكثرها.
مركز دعم صناعة القرار الوطني
بقلم الرئيس عبد الله ولد بونا
8مايو 2025