إن الأضحية سنة مؤكدة تلزم كل مسلم وإذا تعذر عليه أدائها فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكن بمعرفة العلماء لا يجوز لأمة أن تجتمع على اسقاط سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت ان الحجة واهية وحتى إن كانت مبررة بضرورة التقشف والحفاظ على الإمكانيات العامة، فبماذا يفسر السماح بإقامة المهرجانات الغنائية مهرجان "موازين" وغيره من مهرجانات اللهو والمجون الذي استدعي اليه كبار الفنانين والفنانات والراقصين والراقصات حيث بذرت أموال الطائلة على الترفيه كانت قد تكفي لإغراق السوق المغربية بأنواع الماشية لأداء شعيرة الله؟
إن حوالي الأربعين مليون مغربي تتخلى بالإجماع عن سنة رسولنا الكريم لا يستبعد أن يطلب منها في وقت قادم التنصل من الأذان وإقامة الصلوات الخمس بحجة التلوث السمعي أو الضوضائي والنقص في أيام رمضان او منعها بحجة المحافظة على القدرة الإنتاجية ومستوى الاستهلاك، فعندما نسمع أن البرلمان المغربي يستقبل مشاريع تعديل شريعة الله في موضوع الإرث ويطالب بأن تكون العصمة مناصفة بين الأزواج، ونسمع بانه يناقش العلاقات الرضائية بين البالغين أي ببساطة الزناء الذي حرم الله ويعتبر التشجيع على انتاج وبيع الخمور وتشريع زرع وتناول المخدرات، نتذكر القولة الشهيرة " في المغرب لا تستغرب".
لكن بغض النظر عن الجانب الروحي والديني، اجتماعيا يعصف القصر الملكي بالعلاقات الاجتماعية المرتبطة بالعيد من صلة الأرحام وتجمع العائلة وتبادل الهدايا غير ذلك من الأعراف والتقاليد التي جُبل عليها المجتمع المغربي المسلم. مئات من المهاجرين المغربية ألغوا زيارتهم لذويهم بمناسبة العيد الذي بقرار ملكي لن يحتفى به وهم الذين تعودوا كغيرهم من مهاجري الدول الإسلامية تخليد المناسبة الدينية "العيد لكبير" وسط أهلهم. اقتصاديا المتضرر أكثر هم الفلاحون الذين يعملون على تربية المواشي حيث لن يتمكنوا من بيعها حتى يعوضوا على الأقل الخسارة في العلف وغيره من المواد التي حافظوا بها على اغنامهم في زمن الجفاف والقحط، فوق هذا وذاك فسيحرم الاقتصاد المحلي من التحويلات المهاجرين من العملة صعبة كما ان عدم وجود المغتربين بهذه المناسبة الدينية العظيمة ستتضرر الأسواق والمطاعم والنقل والسياحة الداخلية ويزداد الصاع بصاعين على فاتورة الاقتصاد المغربي.
إن القرار بالحرمان من الاحتفاء بالعيد الكبير والاقتداء بسنة محمد صلوات الله عليه وسلامه، لا يخص سوى الطبقة المتوسطة والفقيرة أما الفئات الغنية لا يعنيها إطلاقا فهي كالقصر الملكي تضحي لنفسها نيابة عن جياع المغرب وتعيش أجواء العيد لوحدها في مغرب هو مِلكها وحديقتها التي تلوه فيها وتمرح.
فعلى الشعب المغربي المسكين الذي قطّع اليهود اوصاله، والمغلوب على أمره بعد ما عجز وخاف بالأمس من مسائلة الملك عن "أين الثروة"، أن يكتفوا اليوم بسؤاله: "أين الخـــــــــــــــــــــــــــــــــروف".
بقلم: محمد فاضل الهيط