القائمة الرئيسية

الصفحات

من غزة إلى الصحراء الغربية... ما هي خطط ترامب للشرق الأوسط والعالم العربي؟


أثارت عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم هواجس مراقبين لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، مع مخاوف كبيرة من سياسة أكثر تصلبا وشدة قد تزيد من حدة التوترات المتفاقمة أصلا في منطقة ملتهبة. فمن الحرب في غزة، إلى العلاقة مع إيران، ونزاع الصحراء الغربية، يتساءل كثيرون عما يحضّره الرئيس الأمريكي الجديد من خطط حيال هذه الملفات الشائكة؟
تنبئ عودة دونالد ترامب بدءا من الإثنين إلى رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية، بحدوث تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام، وخصوصا في الشرق الأوسط والعالم العربي.
فلطالما كانت هذه المنطقة وإسرائيل تحديدا محورا أساسيا بالنسبة لكافة الرؤساء والساسة الأمريكيين.
في هذا السياق، راقب ترامب، الذي يصف نفسه بأنه "أفضل صديق" لإسرائيل، حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض، الوضع في الشرق الأوسط وخصوصا الحرب في غزة والتوتر غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، عن كثب.
وكان صرّح خلال خطاب له أمام المجلس الإسرائيلي-الأمريكي بواشنطن في 19 سبتمبر/أيلول الماضي: "سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى" مؤكدا أنه مع تصويت اليهود الأمريكيين، سيكون "المدافع عنهم" و"حاميهم" وأنه "أفضل صديق لليهود الأمريكيين في البيت الأبيض".
عودة ترامب و"صفقة القرن"؟
ويخطط ترامب منذ أعوام لإنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، حيث سبق وأن عرض خطته المثيرة للجدل "صفقة القرن" التي روّج لها صهره ومستشاره جاريد كوشنر في 2018 خلال جولته بالمنطقة.
ولاحقا كشف كوشنر بشكل أكثر جلاء عن تفاصيل هذه الخطة حيث قال في 2 مايو/أيار 2019، إنها ستكرس القدس عاصمة لإسرائيل بدون الإشارة إلى حل الدولتين، رغم أن الأخير كان على مدى سنوات محور الدبلوماسية الدولية الرامية لإنهاء النزاع العربي-الإسرائيلي.
وحيال الحرب في غزة، لم يتردد ترامب مؤخرا عن إطلاق تحذير من أن "جحيما سوف يندلع في الشرق الأوسط" إذا لم تطلق حركة حماس سراح الرهائن الإسرائيليين لديها قبل تنصيبه.
وسرعان ما نسب لنفسه الفضل عندما تم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في القطاع الفلسطيني المدمر، وإطلاق سراح الرهائن.
وعشية حفل التنصيب، قال مايك والتز مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة ترامب الجديدة الأحد، بصورة قطعية، إن حركة حماس لن تعود لحُكم قطاع غزة مرة أخرى. أما بخصوص من سيتولى السيطرة على قطاع غزة لاحقا، قال والتز: "ربما تكون قوة أمنية مدعومة من العرب، وربما يكون هناك خليط فلسطيني... أنا لا أريد أن أستبق تخطيطاتنا (..) لكن من الواضح أن الخطوط العريضة الأوسع موجودة".
كما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي إن "إسرائيل ستفعل ما يتعين عليها فعله لضمان ذلك. والولايات المتحدة، تحت إدارة ترامب، ستدعمها في أن حماس لن تحكم غزة مرة أخرى". مضيفا: "هذا لا يعني أنه لن تكون هناك جيوب (مقاومة من جانب حماس). هذا لا يعني أنه لن يكون هناك قتال جارٍ، لكن الطريق سيكون صعبا في المستقبل".
يرى د. عمر الرداد خبير استراتيجي ومحلل سياسي بأن التسريبات الأولية حول خطط إدارة ترامب تجاه الحرب في غزة، تدل على "أنه سيمضي باتجاه وقف هذه الحرب، وهو ما تمت ترجمته باتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس". لكن الرداد يردف بالقول إن من المرجح أن "ترامب وفريقه المؤيد لإسرائيل، لا يتجه نحو إقرار خطة شاملة لحل القضية الفلسطينية سوى بحدود صفقة القرن، التي طرحها في رئاسته السابقة، وهي السلام الاقتصادي، ومقاربة أعلى من حكم ذاتي وأقل من دولة".
كما اعتبر الرداد بأن "هذه المقاربة ستجد طريقها رغم الاعتراضات عليها من قبل أوساط إسرائيلية وأخرى فلسطينية، لكنها ربما تكون مقبولة لا سيما وأنها ستمهد الطريق أمام تطبيع موعود بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية".
"صفقة مع إيران بلا ميليشيات ولا حرس ثوري ولا وحدة للساحات"
أما بالنسبة إلى إيران، التي رأت اتفاقها النووي الموقع في 2015 مع القوى الكبرى ينهار بسبب قرار ترامب في الثامن من مايو/أيار 2018 الانسحاب خلال عهدته الرئاسية الأولى بشكل أحادي، مع إعادة فرض العقوبات الأمريكية عليها، فهي لا تزال بالنسبة إلى ترامب بمثابة العدو اللدود الذي ينبغي تحجيم قوته وقص أذرعه في المنطقة، أقله لضمان أمن إسرائيل.
وفي الواقع، أعلن مستشارو ترامب بشكل صريح عن أن إدارته ستعود إلى اتباع سياسة أقصى درجات الضغط التي انتهجها الرئيس المنتخب خلال ولايته الأولى.
سعت تلك السياسة إلى استخدام عقوبات قوية لخنق الاقتصاد الإيراني وإجبار طهران على التفاوض على اتفاقية تحد من برامجها المتعلقة بالأسلحة النووية والباليستية، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء الإثنين.
ولم تخفف إدارة بايدن بشكل ملموس العقوبات التي فرضها ترامب، ولكن هناك جدل حول مدى فاعلية تطبيقها.
في هذا السياق، قال د. عمر الرداد إن رؤية ترامب لمسألة التهديد الإيراني تقوم على الأرجح على عدة سيناريوهات من أبرزها: "سيناريو الضغط والتصعيد عبر عقوبات اقتصادية واسعة تشل الاقتصاد الإيراني المنهك أصلا، وربما تصل لمستوى ضربات عسكرية لإيران والمزيد من الدعم لإسرائيل للقضاء على وكلاء إيران في العراق ولبنان واليمن".
يضيف الخبير الاستراتيجي الأردني بأن "السيناريو الثاني هو التوصل لصفقة شاملة مع إيران. ويبدو أن الفريق الإصلاحي بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان جاهز لإنفاذها لإنقاذ بلاده، بلا ميليشيات ولا حرس ثوري ولا وحدة للساحات (أو وحدة الجبهات ومحور المقاومة). لكن هذا السيناريو سيبقى رهنا بمخرجات الصراع بين التيارين الإصلاحي والمتشدد" داخل الجمهورية الإسلامية.
رغم ذلك، أبدت طهران أملا في تبني الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب نهجا جديدا في العلاقات المشتركة بين البلدين. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الإثنين إن بلاده تأمل في أن تتبنى الحكومة الأمريكية الجديدة نهجا "واقعيا" تجاه طهران.
وقال إسماعيل بقائي للصحافيين: "نأمل أن تكون توجهات وسياسات الحكومة الأمريكية (المقبلة) واقعية ومبنية على احترام مصالح ... دول المنطقة، بما في ذلك الأمة الإيرانية".
ترامب سيجدد موقفه حيال الصحراء الغربية المصنفة أمميا ضمن قضايا تصفية الاستعمار.
عربيا دائما، وفي نزاع يثير توترات متواصلة في منطقة المغرب العربي، لم يتوان الرئيس الأمريكي الجديد أيضا عن الخوض في ملف الصحراء الغربية، التي تشهد احتلالا عسكريا منذ عقود من قبل الاحتلال المغربي.
ونشر ترامب في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020 تغريدة على منصة إكس، قال فيها إن المغرب تعهّد بتطبيع علاقاته مع إسرائيل في إطار اتفاق وافق الرئيس الأمريكي بمقتضاه على الاعتراف بـ"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية.
وكتب ترامب في تغريدته حينها: "تقدم تاريخي آخر اليوم!" مضيفا: "وافقت إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في اختراق هائل في سبيل السلام في الشرق الأوسط!".
للإشارة، فخلال فترة حكم جو بايدن، لم تحدث اختراقات تذكر على صعيد حلحلة القضية الصحراوية.
أمميا، جدد مجلس الأمن الدولي في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023 دعوة أطراف النزاع إلى "استئناف المفاوضات" للتوصل إلى حل "دائم ومقبول من الطرفين".
وفي 25 أيلول/سبتمبر 2024، صادق مجلس الأمن على قرار يدعو إلى إيجاد حل سياسي "واقعي ومقبول" لنزاع الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، في خطوة شملت تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لمدة عام إضافي.
لكن ما الجديد الذي قد تحمله عودة ترامب مجددا إلى سدة الحكم بخصوص هذه القضية؟
أبرز السيد أبي بشراي البشير السفير وممثل جبهة البوليساريو لدى المنظمات الدولية بجنيف في تصريح لموقع "قناة الحرة" الأمريكية حول موقف جبهة_البوليساريو ومستقبل تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية على ضوء انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، أنه لدى جبهة البوليساريو الأمل في أن يستوعب ترامب وفريقه درس العهدة الماضية .
والتأكد من أن النزاع ليس بالبساطة التي كانوا يتصورون ، فهناك قانون دولي واضح، وهناك حلفاء للشعب الصحراوي لا يمكن التغاضي عن وجهة نظرهم، وهناك شعب هو وحده، من يمتلك حق اتخاذ القرار، فيما يتعلق بالوضع القانوني النهائي للإقليم.
وفند أبي البشير وجود أي مخاوف لدى جبهة  البوليساريو من عودة ترامب للسلطة.
وقلل ممثل جبهة البوليساريو لدى المنظمات الدولية بجنيف، أبي_بشرايا_البشير، من أهمية اعتراف ترامب بمقترحات المغرب في قضية الصحراء الغربية ودوره مستقبلا في إنهاء الأزمة، قائلا "لو كان حل النزاع في الصحراء الغربية لصالح المغرب معقودا بدولة محددة أو مجموعة دول، لكان النزاع قد انتهى منذ زمن طويل خلال ولايتي رونالد ريغان في أمريكا وجيسكا ديستان في فرنسا مطلع ثمانينيات القرن الماضي".
ويضيف أبي البشير في تصريح لموقع "الحرة" أن "الرئيس ترامب، مثله في ذلك مثل ماكرون، يستطيع أن يعترف للمغرب بالسيادة المزعومة على الإقليم بشكل أحادي الجانب، لكنه لا يستطيع فرض ذلك في الإطار المتعدد الأطراف في الأمم المتحدة، كما لا يمكن أن يمحو الصحراء الغربية من لائحة الأقاليم 17 غير المستقلة ذاتيا والمعنية بعملية تصفية الاستعمار في العالم حسب الأمم المتحدة".
ويقول الدبلوماسي الصحراوي أنه يتعين على ترامب وفريقه، عند الوصول إلى البيت الأبيض، أن يجيبوا على "سؤال حول ما إذا كان قرار الاعتراف للمغرب بالسيادة شهرا قبل مغادرة ترامب للحكم، قد ساهم في دفع العملية السياسية الهادفة للتسوية السلمية العادلة"، مضيفا أن "الجواب واضح، فقد توترت الأوضاع على الأرض وفي المحيط الإقليمي وتوجد في حالة احتقان غير مسبوقة تهدد بتفجر الوضع في أي لحظة".
المصدر: فرانس24 + قناة الحرة

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...