اعتمد مجلس الأمن الدولي، مؤخرًا، مذكرة تعدل المذكرة الشهيرة رقم 507 لعام 2017، التي تنظم أساليب عمل المجلس. تضمنت التعديلات الجديدة إقرار مبدأ المساواة في الاطلاع على جميع وثائق المجلس بين أعضائه الدائمين والمنتخبين، مما يعزز الشفافية وينهي حالة التمييز التي كانت قائمة منذ عقود.
وشملت التعديلات إدراج فقرات جديدة في المذكرة، وخاصة في القسمين السادس (التعاون والتشاور داخل المجلس) والثالث عشر (الأعضاء المنتخبون الجدد). وتؤكد هذه الفقرات على حق جميع أعضاء المجلس، دون استثناء، في الاطلاع الكامل على الوثائق المتعلقة بالقضايا قيد المناقشة، مع تحديد إجراءات دقيقة تضمن تطبيق هذا الحق.
جهود جزائرية في مواجهة “الأبارتايد الوثائقي”
جاء هذا الإنجاز الدبلوماسي بفضل جهود الجزائر التي عملت منذ بداية عضويتها في مجلس الأمن على كشف هذا التمييز “غير المقبول”. فقد اكتشفت الجزائر أن الأعضاء المنتخبين لم يكن بإمكانهم الوصول إلى العديد من وثائق المجلس التي تُعد حكرًا على الأعضاء الدائمين.
هذه الممارسة، التي وُصفت بـ”الأبارتايد الوثائقي”، لم تكن تستند إلى أي قاعدة قانونية أو تنظيمية، بل إلى “عرف قديم” اتبعته القوى الكبرى دون مساءلة. ولم تقبل الجزائر بهذه الوضعية، لتطلق خطة مدروسة تهدف إلى رفع التمييز وضمان حقوق جميع الأعضاء المنتخبين.
مشاورات شاقة وعراقيل مستمرة
بدأت الجزائر مشاورات مكثفة مع مجموعة A3+ التي تضم الأعضاء الأفارقة في المجلس، والتي دعمت مساعيها. وسرعان ما توسعت المشاورات لتشمل الأعضاء المنتخبين كافة، حيث لقيت المبادرة تأييدًا واسعًا.
رغم ذلك، واجهت الجزائر عراقيل كبيرة من بعض الأعضاء الدائمين الذين اعتبروا الوثائق “محمية خاصة بهم”. ومع استمرار الجهود، انتقلت القضية من كونها مسألة حقوقية إلى مواجهة قانونية وإجرائية.
إنجاز جديد للدبلوماسية الجزائرية
يُعد هذا القرار نجاحًا كبيرًا للجزائر في أول عام من عضويتها في مجلس الأمن، حيث طرحت المسألة في الاجتماعات المغلقة ورفعتها إلى الفريق العامل المعني بوثائق المجلس، مما يعكس قدرتها على تعزيز العدالة والشفافية داخل الهيئات الدولية. وبهذا الإنجاز، تواصل الجزائر تحقيق خطوات ملموسة نحو تقوية صوت الدول النامية داخل المنظمات الدولية، مؤكدة مكانتها كقوة دبلوماسية فاعلة على الساحة العالمية.
