تشير تصريحات صادرة عن وزير الفلاحة والصيد البحري والأغذية الإسباني، لويس بلاناس، من العاصمة المغربية، الرباط، خلال الزيارة الرسمية التي قادته إليها الجمعة 25 أكتوبر الجاري، أن النظام المغربي يدفع بالحكومة الإسبانية إلى السقوط في المحظور، من خلال محاولة القفز على قرار محكمة العدل الأوروبية الذي أسقط أي شرعية عن الاتفاقيات المبرمة بين المملكة العلوية والاتحاد الأوروبية، يشمل الأراضي الصحراوية المحتلة.
وتعتبر زيارة وزير الفلاحة الإسباني إلى المغرب، الأولى من نوعها لمسؤول إسباني إلى المملكة العلوية منذ صدور قرار محكمة العدل الأوروبية في الرابع من الشهر الجاري، والذي أبطل كما هو معلوم اتفاقية الصيد والزراعة بين بروكسل والرباط، مؤكدا مرة أخرى في اجتهاد قضائي حاسم، أن لا سيادة للنظام المغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة.
وخلال هذه الزيارة أطلق المسؤول الإسباني، الذي سبق أن شغل منصب سفير مدريد في الرباط، تصريحات مثيرة للريبة، قال فيها إن “كل من يحاول وضع حد للعلاقات الوثيقة مع المغرب بعد قرار محكمة العدل الأوروبية، فهو مخطئ”.
كما شدد على أن “الشيء المهم هو الإرادة لإيجاد حلول للمستقبل، على أساس بناء”.
لويس بلاناس، قال أيضا إنه يحلل “بتفاؤل” عواقب حكم محكمة العدل الأوروبية. وعندما سئل الوزير الإسباني عن الصيغ الممكنة للتغلب على العقبات التي يفرضها قرار محكمة العدل الأوروبية، رد قائلا: “نعتقد أن هناك إمكانيات لتطوير التعاون، الذي يرتكز على الثقة المتبادلة والبحث عن حلول ملموسة لكل قضية تطرأ”.
ولم يتجرأ الوزير الإسباني على القول بأن حكومة بلاده ترفض قرار محكمة العدل الأوروبية، غير أنه يتلاعب بالألفاظ والعبارات، بشكل يوحي للمتابع أنه يبحث عن منافذ للقفز على قرار العدالة الذي يبقى باتا وغير قابل للاستئناف أو الطعن، وهو ما يفسر عدم مغامرة الحكومة الأوروبية بتجديد اتفاقية الصيد التي انتهت قبل أزيد من سنة (17 جويلية 2023)، ليقينهم بأن محكمة العدل الأوروبية ستؤيد الحكم الصادر في 2021 والمستأنف من قبل النظام المغربي والاتحاد الأوروبي.
ويشير توقيت زيارة المسؤول الإسباني إلى المملكة المغربية إلى أن القضية يشوبها الكثير من الغموض، بحيث يرى مراقبون أن مدريد تعمل جاهدة من أجل البحث عن مخرج للورطة التي وقع فيها النظام المغربي أمام شعبه بعد قرار العدالة الأوروبية بأن لا سيادة للنظام المغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو الذي كان قد ذهب بعيدا في كذبه على الشعب المغربي أن قضية الصحراء الغربية تم حسمها بمجرد تصريحات لمسؤولين أوروبيين “منافقين سياسيا”، من أمثال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز.
ولم يبق من حل للنظام المغربي ومن يريد إبرام اتفاقيات معه تشمل الأراضي الصحراوية المحتلة، سوى مخرج واحد، كما نص عليه قرار محكمة العدل الأوروبية، وهو الاتفاق مع الشعب الصحراوي عبر ممثل الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، وفق مقررات الأمم المتحدة، وهو قرار يصعب على النظام المغربي تجرعه، لأنه تعب من ترويج كلام تبين له لاحقا أنه مجرد وهم، وهو المتمثل في أن الصحراء الغربية جزء من السيادة المزعومة للنظام العلوي.
ويعتبر وزير الفلاحة الإسباني من بين الوزراء وكبار المسؤولين في مدريد، الذين اخترقت هواتفهم برمجية “بيغاسوس”، التي استخدمتها مخابرات النظام المغربي من أجل التجسس على كبار المسؤولين الإسباني، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، وهو ما يفسر تصرفه وكأنه مجرد “خادم مطيع” لنظام مارق، من خلال سعيه إلى إرضاء الرباط عبر البحث عن منافذ للقفز على قرار العدالة الأوروبية.
المصدر: الشروق اونلاين