بعث اليوم رئيس الجمهورية الصحراوية والأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، ضمنها موقف الطرف الصحراوي من بعض العناصر الواردة في تقرير الأمين العام عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية.
النص الكامل للرسالة رئيس الجمهورية كما توصلت بها وكالة الأنباء الصحراوية:
السيد أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة
الأمم المتحدة، نيويورك
بئر لحلو، 15 أكتوبر 2024
السيد الأمين العام،
أحاطت جبهة البوليساريو علماً بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة (S/2024/707) عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، المؤرخ 1 أكتوبر 2024، وتود أن تسجل موقفها بشأن عدة عناصر واردة في التقرير.
وكما أكدنا بشكل قاطع في الرسائل (S/2021/980) و (S/2022/797) و (S/2023/794) الموجهة إليكم في 18 أكتوبر 2021 و 14 أكتوبر 2022 و 16 أكتوبر 2023 على التوالي، والتي عُمِمت بوصفها وثائق لمجلس الأمن، فإن قوات الاحتلال المغربية هي التي انتهكت وقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، بما في ذلك الاتفاق العسكري رقم 1، في 13 نوفمبر 2020، من خلال مهاجمة المدنيين الصحراويين في الكركرات في الأراضي الصحراوية المحررة واحتلال المزيد من الأراضي الصحراوية بشكل غير شرعي.
وكما تذكرون، فإن تقرير الأمين العام (S/2021/843، الفقرة 10) يفيد بأنه "في 6 نوفمبر رصدت طائرة استطلاع تابعة للمينورسو وصول قوة عسكرية تابعة للجيش الملكي المغربي تتألف من حوالي 250 مركبة، كثير منها مزودة بأسلحة ثقيلة، على بعد حوالي 12 كيلومتراً شمال شرق الكركرات في المنطقة المحددة بموجب الاتفاق العسكري رقم 1 بوصفها المنطقة المحظورة. وأبلغت المينورسو الجيش الملكي المغربي بأن الاتفاق العسكري رقم 1 ينص على أن وجود مثل تلك الحشود من القوات في تلك المنطقة من شأنه أن يشكل انتهاكا، وأنها بالتالي تحث الجيش على الانسحاب".
وكما اتضح من أحداث 13 نوفمبر 2020، لم تكتفِ قوات الاحتلال المغربية بالبقاء في المنطقة المحظورة في انتهاك للاتفاق العسكري رقم 1، بل إنها اجتاحت أيضا الشريط العازل واستخدمت القوة العسكرية لاحتلال المزيد من الأراضي الصحراوية بشكل غير شرعي. وكما يشير تقرير الأمين العام (S/2021/843، الفقرة 35) بوضوح، شيدت قوات الاحتلال المغربية "جداراً رملياً جديداً بطول 20 كيلومتراً تقريبا في الكركرات" و "عززت وجودها على حوالي 40 كيلومتراً مربعاً من الأراضي في الشريط العازل".
لقد شكلت جميع هذه الأعمال خرقاً مادياً لوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة. وعلاوة على ذلك، يشير الأمين العام في تقريره (S/2021/843، الفقرة 23) إلى أنه كتب إلى الملك المغربي في 19 نوفمبر 2020 "يحث المغرب على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد والعودة إلى الوضع السابق". ومع ذلك، ردت دولة الاحتلال المغربية بالقول بتحدِ إن الإجراءات التي اتخذتها في الكركرات "لا رجعة فيها" (S/2021/843، الفقرة 23).
ولذلك فليس هناك شك في أن دولة الاحتلال المغربية انتهكت فعلياً ونسفت وقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة مع الإفلات التام من العقاب وتسببت في "انهيار وقف إطلاق النار" على النحو الذي أقره مجلس الأمن في قراره 2602 (2021، الفقرة 14 من الديباجة)، من بين أمور أخرى.
إن هذا هو التقرير الرابع الذي يصدر منذ خرق دولة الاحتلال المغربية الموثّق والمادي ونسفها لوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة. ومع ذلك، ما زلنا لا نستطيع أن نفهم لماذا لا تزال الأمانة العامة للأمم المتحدة تحجم عن تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية وتحميل دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن عواقب خرقها لوقف إطلاق النار.
إن عدم محاسبة دولة الاحتلال على خرقها لوقف إطلاق النار لعام 1991 ليس فقط بمثابة تسامح مع الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة، ولكنه يقوّض أيضا ثقة الشعب الصحراوي وقيادته في الأمم المتحدة وعملية السلام التي ترعاها في الصحراء الغربية.
السيد الأمين العام،
كما أشرنا في عدة مناسبات، فإن قوات الاحتلال المغربية تستخدم جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، لقتل العشرات من المدنيين الصحراويين بقسوة، بل أيضا المدنيين من البلدان المجاورة الذين يمرون عبر الأراضي الصحراوية المحررة. وليست "الضربات الجوية" المُشار إليها في التقرير (S/2024/707، الفقرات 22 و 23 و 26 و 44) سوى أمثلة قليلة على الضربات التي تشنها قوات الاحتلال المغربية ضد المدنيين الصحراويين وغيرهم من البلدان المجاورة.
وتشدد جبهة البوليساريو مرة أخرى على أن الاستهداف المتعمد للمدنيين والأعيان المدنية يشكل جريمة حرب وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما أنه انتهاك لقواعد القانون الإنساني الدولي المعمول بها في النزاعات المسلحة الدولية، بما في ذلك مبدأ التمييز وحظر الهجمات العشوائية وأعمال العنف أو التهديد به التي يكون الغرض الأساسي منها نشر الرعب بين السكان المدنيين. ولذلك فإنه يجب محاسبة دولة الاحتلال المغربية على جرائمها المتواصلة في الصحراء الغربية.
ولإخفاء جرائم الحرب وهجماتها ضد المدنيين، تحاول دولة الاحتلال المغربية تضليل الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن مدعيةً أنه "في 14 مناسبة" أبلغ جيشها عن "رصد طلعات جوية فوق وحداتها بواسطة طائرة استطلاع صغيرة بدون طيار في منطقة أم ادريكة" (S/2024/707، الفقرة 40). إن هذا محض تلفيق لأن القصد وراء هذا التلميح واضح جداً. ومن المعروف أن دولة الاحتلال هي التي تستخدم كل أنواع الأسلحة المتطورة والفتاكة في حربها الشاملة ضد الشعب الصحراوي، وبالتالي فإن محاولتها اليائسة لصرف الأنظار عن جرائم الحرب التي ترتكبها لن تنطلي على أحد.
ويلاحظ الأمين العام في التقرير أن "ممثلي الخاص وقائد قوة المينورسو ظلا غير قادرين على الاجتماع بجبهة البوليساريو في الرابوني، تمشياً مع الممارسة المتبعة سابقاً" (S/2024/707، الفقرة 59).
وعلى الرغم من انهيار وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، تستمر جبهة البوليساريو في تواصلها مع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) على مستويات عديدة، وما زلنا ملتزمين بالتعاون مع البعثة في الوفاء بولايتها التي حددها مجلس الأمن. ومع ذلك، وكما أكدنا في عدة مناسبات، فإننا لا نقبل ألا يكون بمقدور القيادة المدنية والعسكرية للمينورسو الاجتماع مع جبهة البوليساريو في أي مكان داخل حدود الإقليم بسبب الخوف من انتقام دولة الاحتلال المغربية واستمرار سياسة الابتزاز التي تنتهجها بشأن هذه المسألة.
إن الفكرة القائلة بأن جبهة البوليساريو لا يمكنها الاجتماع مع قيادة المينورسو في إقليمنا الذي لا تعترف الأمم المتحدة بأي سيادة مغربية عليه لأن ذلك "سيشكل اعترافاً بسيطرة جبهة البوليساريو على المنطقة الواقعة شرق الجدار الرملي" (S/2018/889، الفقرة 52) هي فكرة خطيرة ويؤسف لها لأنها تعكس موقف دولة الاحتلال.
إن منطقة مسؤولية المينورسو، التي تشمل إقليم الصحراء الغربية داخل حدودها المعترف بها دوليا، محددة بوضوح من خلال الاتفاقات ذات الصلة التي قبلها الطرفان ووافق عليها مجلس الأمن. ولهذا السبب، فمما يُشهد به أن الممثلين الخاصين للأمين العام السابقين، بمن فيهم السيد صاحب زاده يعقوب خان من الباكستان والسيد جوليان هارستون من المملكة المتحدة والسيد فولفغانغ فايسبرود فيبر من ألمانيا، من بين آخرين، قد زاروا الأراضي المحررة من الصحراء الغربية وعقدوا اجتماعات مع كبار المسؤولين في جبهة البوليساريو بشكل رئيسي في التفاريتي بالإضافة إلى مواقع أخرى. وتبين هذه الحقيقة أن الحجة التي يُستشهد بها مراراً وتكراراً بشأن "الممارسة المتبعة سابقاً" (S/2024/707، الفقرة 59) هي حجة خاطئة ولا يمكن الدفاع عنها وبالتالي فهي غير مقبولة.
وتؤكد جبهة البوليساريو مرة أخرى موقفها المبدئي فيما يتعلق بالاجتماع مع القيادة المدنية والعسكرية للمينورسو. وكما كان الحال في الماضي، وكمسألة مبدأ، فإن المكان الوحيد الذي يمكن أن تُعقد فيه الاجتماعات مع قيادة المينورسو، المدنية والعسكرية على حد سواء، هو الأراضي الصحراوية المحررة حيث تعمل مواقع الأفرقة الخمسة التابعة للبعثة منذ عام 1991.
السيد الأمين العام،
يشير التقرير إلى أن "سلسلة الإمداد والصيانة اللوجستية للمينورسو تحسنت تحسناً كبيراً مما مكن البعثة من الحفاظ على وجودها الميداني بشكل أفضل" في الأراضي الصحراوية المحررة (S/2024/707، الفقرة 61)، ويرحب "بتحسن قدرة المينورسو على تشغيل سلسلة اللوجستيات وإعادة الإمداد والصيانة لمواقع الأفرقة" (S/2024/707، الفقرة 93) في تلك الأراضي.
فعلى الرغم من انهيار وقف إطلاق النار، وكجزء من التزامها الكامل بالولاية التي أنشأ مجلس الأمن المينورسو من أجلها ونشرها في الإقليم في عام 1991، فإن جبهة البوليساريو تواصل بذل قصارى جهدها، في ظل أصعب الظروف، بغية تخفيف الآثار على البعثة تمشياً مع قواعد القانون الإنساني الدولي المعمول بها في النزاعات المسلحة الدولية.
وفي هذا السياق، تواصل جبهة البوليساريو إيلاء أولوية قصوى لسلامة وأمن المراقبين العسكريين التابعين للمينورسو وأفرادها وأصولها ومواردها في مواقع الأفرقة الخمسة التابعة للبعثة في الأراضي الصحراوية المحررة. وتوفر ممراً آمناً منتظماً لرحلات البعثة (حاليا مرة واحدة في الأسبوع، إلى جانب رحلات إضافية عند الضرورة) للقيام بتناوب القوات وإيصال الإمدادات الأساسية إلى مواقع أفرقة البعثة، في جملة أمور أخرى.
وتواصل أيضا توفير ممر آمن لدوريات الربط البرية التابعة للمينورسو بين مواقع أفرقة البعثة في الأراضي الصحراوية المحررة للقيام بعمليات التناوب والخدمات اللوجستية وخدمات الصيانة. وبالإضافة إلى ذلك، قدمت جبهة البوليساريو كميات كبيرة من المياه ووقود الديزل لمواقع أفرقة المينورسو في عدة مناسبات. وقد أعربت مراراً عن استعدادها لتزويد البعثة بكل ما يمكن من مساعدة مادية ولوجستية وغيرها من أشكال المساعدة لتسهيل عمل البعثة وضمان استدامتها.
وكبادرة حسن نية لمساعدة المينورسو على التغلب على بعض التحديات اللوجستية التي تواجهها، وفرت جبهة البوليساريو ممراً آمناً للبعثة لإرسال قوافل برية لوجستية لإعادة إمداد مواقع أفرقتها في الأراضي الصحراوية المحررة. وبفضل هذه المبادرة، قامت المينورسو بانتظام بتسيير عدة قوافل برية لإعادة الإمداد إلى مواقع أفرقتها، كما يقر التقرير بذلك.
وعلى النقيض من ذلك، تواصل دولة الاحتلال المغربية تعريض أمن وسلامة المراقبين العسكريين التابعين للمينورسو للخطر، بل إنها هددت باستهداف جميع المدنيين الصحراويين والأصول التي تقدم الخدمات للبعثة، حتى لو رافقتهم دوريات البعثة (S/2022/733، الفقرة 63). ومما يؤسف له أن المينورسو قد استسلمت فيما يبدو للضغوط التي تمارسها دولة الاحتلال، مما يثير الشكوك في حياد البعثة ومصداقيتها.
وعلاوة على ذلك، فإن دولة الاحتلال المغربية تبذل كل ما في وسعها، مع الإفلات التام من العقاب، لعرقلة التنفيذ الكامل لولاية المينورسو. بل إنها ذهبت إلى حد طرد الموظفين المدنيين في البعثة، بمن فيهم مراقبو الاتحاد الأفريقي، في مارس 2016. وفي انتهاك لاتفاق مركز البعثة المُبرم مع الأمم المتحدة، تواصل دولة الاحتلال فرض عدة قيود على المينورسو التي تقوض الطابع الدولي للبعثة وتؤثر على حيادها، كما أشار الأمين العام مراراً وتكراراً في تقاريره، بما في ذلك التقرير الأخير (S/2024/707، الفقرة 64).
كما تواصل دولة الاحتلال حرمان البعثة من "الوصول إلى المحاورين المحليين" في الصحراء الغربية المحتلة، الأمر الذي "استمر في الحد بشدة من قدرتها على جمع معلومات موثوقة عن الوعي بالأوضاع وتقييم التطورات في جميع أنحاء منطقة مسؤوليتها والإبلاغ عنها" (S/2024/707، الفقرة 63). ويتحتم على مجلس الأمن، في قراره المقبل بشأن تمديد ولاية المينورسو، أن يدعو إلى تمكين البعثة من الوصول الكامل وغير المقيد إلى المحاورين المحليين في الإقليم.
وفيما يتعلق ب "تدابير بناء الثقة"، يشير التقرير (S/2024/707، الفقرة 71) إلى أن المبعوث الشخصي "استمر في الإحاطة علماً بأنه لا المغرب ولا جبهة البوليساريو أعربا عن اهتمامهما الفوري بمواصلة العمل بشأن هذه القضايا". والحقيقة أن جبهة البوليساريو أوضحت للمبعوث الشخصي رؤيتها لمفهوم تدابير بناء الثقة في هذا السياق وأعربت عن استعدادها للمشاركة على هذا الأساس. إن الطرف الآخر هو الذي أعلن رسمياً في مناسبات عديدة أنه غير راغب في مناقشة أي تدابير لبناء الثقة.
السيد الأمين العام،
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، يشير التقرير (S/2024/707، الفقرة 72) إلى أن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لم تتمكن من زيارة الصحراء الغربية للسنة التاسعة على التوالي على الرغم من الطلبات الرسمية المتعددة وعلى الرغم من حث مجلس الأمن، في قراره 2703 (2023)، على تعزيز التعاون، بما في ذلك من خلال تسهيل هذه الزيارات". ومرة أخرى لا يتم تحميل دولة الاحتلال المغربية المسؤولية عن عرقلة عمل هيئات الأمم المتحدة ومنعها المتكرر من الوصول إلى الإقليم.
ويشير التقرير إلى أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان استمرت في تلقي تقارير عن عرقلة وترهيب ومضايقة النشطاء الصحراويين المدافعين عن الحق في تقرير المصير، ما يشير إلى تقلص متزايد في الحيز المدني" (S/2024/707، الفقرة 74). كما يلاحظ أن "لجنة القضاء على التمييز العنصري أعربت عن قلقها إزاء الاستهداف والترهيب والمراقبة التي يواجهها النشطاء الصحراويون والمدافعون عن حقوق الإنسان والحركات الطلابية والمنظمات الصحراوية" (S/2024/707، الفقرة 75).
إن الانتهاكات القليلة الواردة في التقرير لا تعكس الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي ترتكبها سلطات الاحتلال المغربية ضد المدنيين الصحراويين والمدافعين عن حقوق الإنسان بعيداً عن المراقبة الدولية بسبب استمرار الحصار العسكري والتعتيم الإعلامي المفروض على الصحراء الغربية المحتلة.
ولذلك يتحتم توسيع ولاية المينورسو لتشمل عنصراً لحقوق الإنسان يمكن من "الرصد المستقل والنزيه والشامل والمستمر لحالة حقوق الإنسان" (S/2024/707، الفقرة 73) في منطقة مسؤولية البعثة، على نحو ما دعا إليه الأمين العام مراراً وتكراراً في تقاريره السابقة.
ولا تزال حالة السجناء السياسيين الصحراويين، بمن فيهم مجموعة أكديم إزيك، المذكورة بإيجاز في التقرير (S/2024/707، الفقرة 67)، مثيرة للقلق بسبب الظروف القاسية والمؤسفة التي يعيشون فيها رهن الاعتقال في السجون المغربية والممارسات المهينة والانتقامية التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجون المغربية. وندعوكم مرة أخرى إلى التحرك بشكل عاجل لإنهاء معاناة جميع السجناء السياسيين الصحراويين وعائلاتهم وضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم ولم شملهم مع عائلاتهم.
ويشير التقرير (S/2024/707، الفقرة 77) إلى "تقارير عن استغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية". وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى الحكمين التاريخيين الصادرين عن الدائرة الكبرى لمحكمة العدل الأوروبية في 4 أكتوبر 2024، اللذين أكدا عدم شرعية الاتفاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لأنها أبُرمت في انتهاك لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وسيادته الدائمة على موارده الطبيعية.
ويشير التقرير أيضا إلى أن دولة الاحتلال المغربية "أبلغت عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف" (S/2024/707، الفقرة 78). تعمل العديد من وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والوكالات الدولية في مخيمات اللاجئين الصحراويين منذ عقود، ولم يدعم أي منها أبداً هذا النوع من الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة.
وعلاوة على ذلك، فإن دولة الاحتلال المغربية هي التي تعارض أي مراقبة دولية لحالة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية لأنها تخشى أن يطّلع العالم على الفظائع والجرائم البشعة التي ترتكبها قواتها القمعية ضد الصحراويين في الصحراء الغربية المحتلة والجحيم الحقيقي الذي يعيشون فيه تحت الاحتلال منذ عام 1975.
ويشير التقرير إلى أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب زود المفوضية السامية لحقوق الإنسان بمعلومات تتعلق بالصحراء الغربية" (S/2024/707، الفقرة 79). إن المغرب هو السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية وفقاً لقراري الجمعية العامة 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979 و 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980، من بين قرارات أخرى. إن المعلومات التي تقدمها دولة الاحتلال وكياناتها غير مقبولة ولا يمكن الاستشهاد بها في تقرير الأمين العام عن الصحراء الغربية ليس فقط لأنها تفتقر إلى كل المصداقية، ولكن أيضا لأنها تمثل انتهاكاً للوضع الدولي للإقليم كإقليم غير محكوم ذاتياً ولا تمارس عليه دولة الاحتلال أي سيادة.
ونلاحظ أن التقرير يلتزم الصمت بشأن الاتحاد الأفريقي. كما أنه لا يقوم، للمرة الثامنة على التوالي، بإبلاغ مجلس الأمن أن دولة الاحتلال المغربية لاتزال ترفض السماح لبعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي بالعودة إلى الصحراء الغربية واستئناف تعاونها مع المينورسو.
يشير الأمين العام إلى أنه مزال يعتقد "بأنه من الممكن إيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره وفقا لقرارات مجلس الأمن 2440 (2018) و 2468 (2019) و 2494 (2019) و 2548 (2020) و 2602 (2021) و 2654 (2022) و 2703 (2023)" (S/2024/707، الفقرة 88).
وكما أكدنا في الرسائل (S/2021/980) و (S/2022/797) و (S/2023/794)، من بين أمور أخرى، فإن المبادئ التوجيهية التي وضعها مجلس الأمن فيما يتعلق بطبيعة حل النزاع في الصحراء الغربية الذي أنشئت المينورسو من أجله في عام 1991 ليست واردة فقط في قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه. وعلاوة على ذلك، فإن مجلس الأمن هو الجهاز الذي أنشأ، تحت سلطته، المينورسو وولايتها بموجب قراره 690 (1991)، ومنذ ذلك الحين دأب المجلس على التذكير بجميع قراراته السابقة بشأن الصحراء الغربية وإعادة تأكيدها، بما في ذلك قراره الأخير 2703 (2023).
وتؤكد جبهة البوليساريو في هذا الصدد أنه لا يمكن أبداً تهميش قرارات الجمعية العامة حول الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار مُدرجة في جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عام 1963 لأنها لا تزال تشكل إطار الحل السلمي والعادل والدائم.
كما تؤكد جبهة البوليساريو مرة أخرى وبقوة أنها لن تشارك في أي عملية سلام تستند بشكل حصري إلى قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه أو إلى أي تفسير انتقائي واختزالي لهذه القرارات الذي لا تدعمه قرارات مجلس الأمن ككل لا يتجزأ ولا نص وروح قرارات الجمعية العامة وبنود خطة التسوية التي تقوم عليها ولاية المينورسو وسبب وجودها.
في ملاحظاته وتوصياته يلاحظ التقرير ضرورة أن يمتنع الطرفان "عن وضع شروط مسبقة" ويشير إلى "الإجراءات التأكيدية الانفرادية الجارية، والمبادرات الرمزية" (S/2024/707، الفقرة 89). إن هذه رسالة واضحة جداً إلى دولة الاحتلال المغربية للكف عن وضع "الشروط المسبقة" للانخراط في عملية السلام ووضع حد لأعمالها الاستفزازية والمزعزعة للاستقرار في الصحراء الغربية المحتلة الرامية إلى ترسيخ احتلالها غير الشرعي للإقليم.
السيد الأمين العام،
إن الموقف الذي كرره رئيس الحكومة المغربية أمام الجمعية العامة في 24 سبتمبر 2024 يدل بما لا يدع مجالاً للشك على أن دولة الاحتلال ليس لديها أي إرادة سياسية على الإطلاق للتوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية. لذلك، فإن الحديث عن الحاجة إلى "المضي قدماً بشكل بنّاء في العملية السياسية بشأن الصحراء الغربية " (S/2024/707، الفقرة 29) سيقع مرة أخرى على آذان صماء ما لم يتصرف مجلس الأمن بشكل حاسم لإجبار دولة الاحتلال على الانخراط بنحو بنّاء ومسؤول في عملية السلام.
وفي هذا الصدد، تشدّد جبهة البوليساريو على أن الحديث عن "حل سياسي" دون ربط هذا الحل بالممارسة الحرة والحقيقية للشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة أو للتقادم في تقرير المصير والاستقلال لا يعدو أن يكون دورانا في حلقات مفرغة لأن الصحراء الغربية هي قضية مُعترف بها من قبل الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار التي ينطبق عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 (د-15) حول إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة.
ولذلك، فإن أي حل لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية يجب أن يحترم بشكل كامل ويكفل حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. إن اتباع مقاربة "الغموض المُدمِر" لن يؤدي إلا إلى تشجيع دولة الاحتلال المغربية على الاستمرار في محاولاتها لتقويض حق شعبنا وفرض الأمر الواقع الاستعماري بالقوة في الصحراء الغربية.
إن فلسفة الأمم المتحدة وعقيدتها فيما يتعلق بتصفية الاستعمار وكذلك قرارات الجمعية العامة ذات الصلة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 1975 تؤكد بشكل لا لبس فيه أن صاحب الحق الحصري في تقرير المصير هو شعب الصحراء الغربية المصمم بقوة على الدفاع عن حقه بكل الوسائل المشروعة، بما في ذلك الكفاح المسلح.
وأرجو ممتنا إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.
وتفضلوا، السيد الأمين العام، بقبول فائق التقدير والاحترام.
إبراهيم غالي
رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
الأمين العام لجبهة البوليساريو