القائمة الرئيسية

الصفحات


 لقد سقط قرار محكمة العدل الأوروبية سقوط الحجر الصلب على وجه الماء الراكد ليخلق ارتدادات قوية في المحيط المعني من قريب أو بعيد بقضية الصحراء الغربية ويسارع كل من موقعه لترتيب الأوراق ورسم الخطط ووضع الإستراتيجيات للتعامل مع هذا الجديد الذي أفسد الكثير من حسابات الخصوم وكان نصرا للصحراويين. 
المجلس والمفوضية الأوروبية لم يتريثا قليلا لدراسة الحكم حتى سارعا لإعلان التزامهما الثابت بالشراكة الإستراتيجية مع المغرب، بل كما عبر عنه المجلس الأوروبي الجمعة الماضي بالقول:" نعتزم الارتقاء بهذه الشراكة إلى مستوى أعلى في الأسابيع والأشهر المقبلة" الشيء الذي لا يدع مجالا للشك بأن ماكينة الإتحاد الأوروبي بدأت تعمل بقوة سرعة محركي(موطور) فرنسا واسبانيا لإبطال فعالية قرار الرابع أكتوبر ليس في جانبه القانوني الذي يعد محسوما و نهائيا وقاطعا، لكن في واجهته السياسية التي يمكن ان تنسف كل ما بُني في الماضي من باطل و تسويف للحقائق فيما يخص السيادة على الصحراء الغربية و هنا مربط الفرس. إن كل ما بناه الاحتلال المغربي وراعيته فرنسا وخططوا له في الغرف المظلمة منذ عقود من تقسيم واستفتاء تأكيدي وحكم ذاتي وإعادة التقسيم بدء ينهار أمام أعينهم كجبل الجليد رغم ما سُخر لذلك من إمكانات مادية وطاقات بشرية هائلة، لسبب واضح هو أن المحكمة الأوروبية ترجمت الموقف الأممي وقرارات مجلس الأمن القاضية بحق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية الى إجرائية تلزم الإتحاد الأوروبي أولا وتنبه بقية دول العالم أن السيادة على الإقليم يملكها حصريا الشعب الصحراوي وحصريا جبهة البوليساريو هي المُرافعة والممثلة الشرعية لإرادة الصحراويين أين ما كانوا. إن ارتدادات هذا القرار السياسية هوما استنفر المخزن وداعميه ليبحثوا على عجل عن ردة فعل تكون تتناسب وحجم الضرر الذي لحق بهم وفي أدنى الحالات افراغ القرار من حمولته السياسية وجعله مجرد حكم يُجتر في المحاكم الجنائية. الأوروبيون يتجندون حسب ما أفصحوا عنه لدراسة قرار المحكمة ووضع استراتيجية لمواجهته أو تفعيل خطة "ب" التي لاشك كانت معدة مسبقا، النظام المخزني يستنفر قواه و يستجمعها للمواجهة ويرغم الملك المريض على مغادرو إقامته في قصره بباريس ليخصص خطابه بالكامل على غير العادة أمام البرلمان لقضية الصحراء الغربية ويطلب تجميع الكفاءات و القدرات للمرافعة عن "القضية المقدسة" و الانتقال حسب زعمه من "التدبير الى التغيير" بما معناه الانتقال الى السرعة القصوى لمحاصرة وتضيق مجال الانعكاس السياسي لحكم المحكمة الأوروبية. لا شك أنه على مستويات أخرى دول ومنظمات لها مصالح مع المغرب تحاول هي أيضا اتحايل على القرار أو تجاهله إن أمكن. الكل يريد تفادي الضربة القانونية وعواقبها السياسة والكل يرسم الإستراتيجيات لمواجهتها وتجاوزها معتمدين على الخبراء والمختصين ومراكز الدراسات لطرح أمام أصحاب القرار مختلف الخيارات الممكن لاحتواء الضربة أو التخفيف من تأثيرها السياسي بعدما تم تركيع الإتحاد الأوروبي على ركبتيه أمام البوليساريو قانونيا، بتعبير محامي الجبهة الأستاذ جيل دوفير. يبقى السؤال المطروح بالنسبة للصحراويين كيف الحفاظ على الانتصار وكيف الاستثمار فيه؟ هل البوليساريو تعمل على تحصين هذا المكسب وتعمل على توظيفه بأحسن الطرق؟ لذلك لا بد ان توضع خطة واستراتيجية محكمتين لبلوغ الهدف مع تجنيد الكفاءات المتوفرة في الشباب الصحراوي من رجال قانون ومختصين في العلاقات الدولية وخبراء اقتصاد ورجال إعلام وغيرهم ودفعهم الى المعركة بتأطير من ذوي التجربة والخبرة فهذا الشباب جيل عصره كما يقال، له طرقه واساليبه الخاصة في التعاطي مع القضايا وربما يؤخذ على شبابنا أنه صعب المراس لكن المراد هي كفاءته العلمية والعملية وجرأته وليس طبعه، او مزاجه، أو هو ذكر، أو أنثى. ليس من الحكمة ولا من المصلحة العامة أن تبقى البوليساريو متقوقعة على نفس الأداة واسلوب العمل الارتجالي الفردي المعزول والبعيد عن عمل الأطقم المختصة والموزعة حسب الملفات المطروحة وأهميتها ذلك الأسلوب البالي لم يبق يتماشى اليوم مع الخرائط السياسية المتحركة محليا، جهويا ودوليا. إنه من المُستعجل والملح ترتيب الأولويات وتحفيز الكفاءات الشبابية الصحراوية المنتشرة عبر الساحة الأوروبية وحتى الأمريكية ذات المستوى الراقي والقادرة على الإتيان بالجديد إنْ عُرف كيف يتم تفجير طاقاتها الابتكارية والابداعية وتمكينها من سلاح المرافعة، بالمناسبة نفتح قوس للإشادة بأستاذ الفيزياء الصحراوي الذي اختير من بين أحسن مئة باحث عالميا في تخصصه الدكتور محمد بوتنكيزة. إن السرعة في التحرك على الساحة الدولية بخطة محكمة لإبقاء كفة الميزان راجحة لصالح القضية الوطنية وإبقاء العدو وحلفائه في حالة ارتباك سياسي تستدعي المراجعة الآنية لعمل الجهاز الدبلوماسي و الإعلامي الصحراوي وأي تقاعس سيؤدي بالنتيجة الى افراغ هذا المكسب من محتواه ورميه في سلة المهملات وكم من سابقة ونجاح لم نعرف كيف نستثمره لتغيير المواقف وحسمها لصالحنا وما فضيحة "ماروك غيت" التي هزت مصداقية البرلمان الأوروبي وعرت نظام المخزن إلا راسخة في الأذهان بحيث لم تستغل تماما وتم تجاهلها مما يستدعي الاستغراب.ا حتى لا نتيه مرة أخرى ونضيع في دروب الانتظار حان الوقت لكي نتحرك وندفع بالكفاءات الشابة الى الأمام. 
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...