القائمة الرئيسية

الصفحات


طالعتنا وزارة الخارجية المغربية يوم أمس ببيان بئيس محتشم محشو بكلمات ركيكة فارغة المحتوى لا ترقى إلى “حذاقة” سي بوريطة، وذلك عقب انكسار نظارات سيده على طاولة محكمة العدل الأوروبية.
قال بوريطة في ما يسمى بيان للخارجية المغربية: “إن المغرب غير معني بتاتا بقرار المحكمة”، وكأن اتفاقيات التجارة والصيد البحري وقعها الاتحاد الأوروبي مع “جزر الواق لواق” وليس مع مملكة المغرب، وأن نهب وسرقة الثروات البحرية والفلاحية تقع في “الربع الخالي” لا علاقة لدولة المخزن بها. هل كان سي بوريطة يتمتع بصحة عقلية طبيعية عندما أخرج هذا القبح كرد على محكمة العدل الأوروبية؟ أم كان يعتقد أن القضاة الأوروبيين كقضاة بلاده الذين يسيرون بآلية التحكم عن بُعد؟ ربما قوة الصفعة التي تلقاها المخزن خلقت ارتجاجا في مخ ومخيخ صاحبنا، إنه معذور، مسكين.

يضيف البيان البوريطي النكرة: “إن مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات”، وذلك يؤشر إلى “جهل تام بحقائق الملف”. إن السي بوريطة والأربعين حرامي لم يتكرموا بالإفصاح عن العيوب والأخطاء التي ارتكبتها المحكمة. أما الجهل التام للملف من طرف القضاة، فنذكر السي بوريطة بأن قرار اليوم ما هو إلا تثبيت لقرارات قضائية سابقة للمحكمة الأوروبية، وهي:

قرار دجنبر 2016: المحكمة الأوروبية تقر بأن الصحراء الغربية ليست جزءاً من المغرب، “الصحراء الغربية والمغرب إقليمان منفصلان ومتميزان”، وبالتالي فإن أي اتفاقيات تجارية تشمل الإقليم دون موافقة شعبه تُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.

قرار فبراير 2018: أكدت المحكمة أن اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يمكن أن تشمل المياه الإقليمية للصحراء الغربية دون موافقة الشعب الصحراوي.

قرار سبتمبر 2021: في هذا القرار، ألغت المحكمة الأوروبية بعض الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مؤكدة أن استغلال موارد الصحراء الغربية دون موافقة واضحة من الشعب الصحراوي يشكل انتهاكًا صريحًا لمبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية.

طعن المفوضية الأوروبية ضد قرار المحكمة لعام 2021 في محاولة دنيئة منها للإبقاء على الاتفاقيات التجارية مع المغرب سارية المفعول، بحجة أن المصالح الاقتصادية والسياسية للاتحاد الأوروبي في المنطقة تبرر استمرار تلك الاتفاقيات.

في 4 أكتوبر 2024، وبعد ثماني سنوات من دراسة الملف وإصدار ثلاث قرارات كل منها تزكي الأخرى، لم يتملل القضاة قيد أنملة ولم يصبهم شك في صحة ومصداقية القاعدة التي اتخذوا عليها قرارهم حول القضية المرفوعة إليهم سنة 2016. يأتي اليوم المروكي بوريطة ليتطاول على المحكمة ويتهمها ب”الجهل التام بحقائق الملف”، الشيء الذي يجعل منه أضحوكة أمام الرأي العام، خاصة الأوروبي الذي يثق في قدرة وكفاءة قضاته ومحاكمه.

إن المخزن، وعلى رأسه القصر الملكي، أصيب بالهستيريا والارتباك وأصبح أمام قوة الضربة لا يولي على شيء، مما جعل الملك نفسه يقاطع في آخر لحظة المشاركة في القمة الفرنكوفونية التي أكد لماكرون حضوره شخصياً، خاصة أنه في عين المكان في منتجعه في باريس. إن الانتصار المجلجل الذي حققه الشعب الصحراوي والذي من حقه أن يفتخر ويعتز به، قد يشكل سابقة قانونية تصدر عن أعلى محكمة أوروبية تؤكد أن الصحراء الغربية ليست ضمن السيادة المغربية، كما أن هذا القرار سيكون بمثابة حجة لدى من يمكن أن يعترض على سياسات أو اعترافات دول أوروبية “بمغربية الصحراء”، لأنه يفترض بهذه الدول أن تحترم قرارات صادرة عن محكمة العدل الأوروبية، وهذه حقيقة تخيف القصر الملكي وتنسف كل ما حصل عليه من مكاسب سياسية أضاع فيها وبذر أموال الشعب المغربي، بل تضرب في الصفر كل الأوهام بحسم ملف الصحراء الغربية، والعاقبة ستدور على القنصليات الأفريقية الموجودة في المناطق المحتلة من الجمهورية الصحراوية التي ستقاد بلدانها غداً إلى المحاكم الأفريقية بناءً على موقف القضاء الأوروبي بانتهاكهم لسيادة دولة عضو في الاتحاد الأفريقي. أما دولياً، فلا أحد اليوم يشك في أن المغرب دولة استعمارية لا سيادة لها على الصحراء الغربية، وطن الشعب الصحراوي.
إذ الشعب الصحراوي يهنئ نفسه وهو على أبواب تخليد الوحدة الوطنية، نهيب بالأقلام الصحراوية إلى إعطاء للحدث ما يستحق وأن يكونوا سنداً للدبلوماسية الصحراوية في خطة العمل المستقبلية التي يُفترض أن تكون هجومية لكن مدروسة بعناية من حيث الأسلوب والاستراتيجية والأداة.
بقلم: محمد فاضل الهيط

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...