و خلال إقامتي للعمل في المملكة الأردنية الهاشمية , تم تعيين أحد الشباب" الأردنيين " , الذين درسوا معي بروسيا , تم تعيينه في الديوان الملكي الأردني .
كان , هذا الشاب و منذ أيام الدراسة , يعرف بأنني أحمل همآ و بأنني إبن آخر من أبناء وطننا العربي السقيم .
صديقى , "الأردني" , كان من أصول فلسطينية و كان إبن مخيم " الزرقاء ", للاجئين الفلسطينيين في الأردن .
في شتاء سيبيريا الطويل و علي "طبلة" الشاي الصحراوي كنا نتحدث كثيرآ عن ألآم و أحلام شعبينا.
صديقي " الأردني ", من مواليد نكبة 1967 , فر مع من فر من أبناء شعبه من أمام آلة الدمار الهمجي الإسرائيلي و أنا تركت الديار مع من إستطاع من أبناء شعبي الفرار نهاية سنة 1975 من أمام آلة التقتيل و التشريد المغربي .
بعد حصولنا علي شهادة الدكتوراه , شاءت الأقدار , أن نلتقي مرة أخرى في الأردن .
كان , كثيرآ ما يزورني في بيتي , لأنه صار مدمننآ على أتاي الصحراوي .
كنت , أول من إتصل به, حين علم , بأنه تم تعيينه في الديوان الملكي .
إتصل , و قال,..".يا صحراوي....يرونها بعيدة و نراها قريبة #....لقد تم اليوم بحمد الله و توفيقه تعيين محسوبك في الديوان الملكي , مكلفآ بملف....حط الشاي عالنار.
وصل, صديقنا " الأردني", و معه مرسوم تعيينه ( في الأردن , مراسيم التعيين , تسمي" الإرادة الملكية", و فيه الإرادة بالتعيين و المهام و الصلاحيات بدقة).
هنيته, علي الثقة الملكية و ضحكنا كثيرآ و تذكرنا أيام كنا نعيش علي الكفاف.
و حين, هم بالنهوض, قال و هو يبتسم, ربنا إقدرنا, نخدم الشعب الصحراوي...الشعب الصحراوي شعب شهم و شعب يستاهل كل خير, و لكن ظلم ذوي القربى , أشد مرارة يا بوحميد....
بعد مدة لا أتذكرها بالضبط , إتصل بى, صديقي" الأردني", و قال يا أبو حميد , شيك # و ستأتيك سيارة سوداء, ترقيم ملكي, و تقف في نهاية شارع" عبد الله غوشا", أمام بناية " الزهران"....أركب السيارة و لا تكثر كلام .
"شيكت", و في الوقت و في المكان المحددين, وجدت سيارة سوداء, ترقيم ملكي في إنتظاري.
دخلت القصر الملكي من أوسع أبوابه و إلتقيت بأهل القصر.
و كان صديقي" الأردني", يبتسم مع أهل "الحل و الربط" في الأردن.
لم , أخف بأنني صحراوي و بأنني أنتمي لجبهة" البوليزاريو", و أعتقد بأن صديقي" الأردني", - جزاه الله عني كل خير - , قد قام بالواجب , قبل دخولي.
دردشت, مع أهل "الحل و الربط" في الأردن و سيأتي الوقت الذي, سأحدثكم فيه عن فحوى هذه الدردشة, لأن المجالس أمانات.
كنت, شعرت قبل ذلك, بأن الله سيمن علي بلقاء أهل "الحل و الربط" , فجهزت نفسي, قبل سفري للأردن.
كان, المرحوم البخاري ولد أحمد, رحمه الله, قد أعطاني صورة لبعض أعيان مدينة االداخلة المحتلة مع جلالة الملك حسين, خلال مروره على المنطقة , في رحلة من"كناريا", متجهآ لبلده, الأردن.
في منتصف" الدردشة", أدخلت يدي في جيبي و أخرجت الصورة.
نظر لها, "أهل الحل و الربط" في الأردن و سألوني عن علاقتي بهؤلاء الأشخاص؟
قلت لهم, هذا المرحوم والدكم و هؤلاء أهلي, و والدكم, لن يمر في طريقه للملكة, إلا علي من يربطه به دم أو نسب أو مصلحة أو قضية....
قال, "أهل الحل", هل يمكننا عمل" فوتو كوبي", لهذه الصورة؟
قلت, هذه هدية مني, لكم و للشعب الأردني المضياف.
قال," أهل الحل", ما هو سبب قدومكم للأردن؟
قلت, كنت, أنتظر هذه اللقاء فقط.
إبتسم , "أهل الحل و الربط".
قلت في نفسي, ما دام الله فتح لي أبواب القصر الملكي, اليوم, فإنني, سأرفع سقف مطالبي.
طلبت, أن يسمح لي" أهل الحل", بأن يتم إستقبال وفدآ من أهلي من طرف أهل المملكة.
و بعد دردشة قصيرة, إلتفت "أهل الحل", لصديقي"الأردني", و قال..."شو رائك, تزور أهلك بالصحراء؟"...
ودعت, "أهل الحل", و رجعت لمكان سكناي, و أول ما قمت به كان الإتصال بالرئيس محمد عبد العزيز, رحمة الله عليه.
لم, أستطع قول كل شيء في الهاتف.
قلت له, فقط, سيادة الرئيس, " أنا في المملكة الأردنية الآن و أعتقد بأن هناك موضوعآ, يستحق النقاش...".
قال, رحمة الله عليه, وشمزلت تعدل فم....شوف, اول طيارة و أسقم إلاه...
وصلت لمطار تيندوف و إتجهت رأسآ, لخيمة الشهيد محمد عبد العزيز.
قدمت له"تقريرآ" مفصلآ, عن كل ما دار بيني و بين " أهل الحل"في الأردن.
طرح, علي بعض الأسئلة.
قال, و ماذا تقترح الآن ( و هذه الصفة الفريدة في الرئيس الراحل , هي سبب كتابة هذه العجالة ), قلت له, الجماعة, يقترحون, إرسال"وفد"لزيارتنا هنا في المخيمات.
قال, رحمة الله عليه, و الله....و الله, مرحبا بيهم و سهلا.
ناقشت, مع الشهيد الرئيس, وقت الزيارة و بعض التفاصيل و رجعت للأردن و تم تنظيم الزيارة لمخيمات العزة و الكرامة.
إستقبلتنا في مطار"تيندوف", سيارة تابعة للرئاسة, و مدير ديوان الرئيس و الرجل الطيب, سيدي محمد ولد أحميم, رحمة الله عليه .
كان الوقت متأخرآ, و بتنا ليلتنا ب"النخيلة", و في الصباح, تم نقلنا لرئاسة الجمهورية.
إستقبلنا الرئيس, الشهيد, بالترحاب و بإبتسامته المعهودة و تناولنا معه إفطار الصباح.
قال, الرئيس, لمدير ديوانه,...."توكلوا علي مولانا, راهو إحانيكم سالم ولد لبصير في ولاية" الداخلة".
في ولاية"الداخلة", و في خيمة إحدى"عريفات" الولاية, و هي الآن ممثلة للجبهة في إحدي مقاطعات المملكة الإسبانية, عند دخولنا كان في إنتظارنا والي الولاية و بعض أعضاء المجلس الولائي و كوكبة من الشعراء و كان بين الحضور , الأخ العزيز, وزير النقل الحالي, السالك محمد أمبارك, أمد الله في عمره.
في صباح اليوم التالي وبعد وجبة الإفطار, "خبط "أعضاء الوفد"الشارة", رفقة الوالي, و ركبنا سياراتنا و كانت"أعناياتنا", الرابوني.
وصلنا لمقر إستقبالنا في "النخيلة", و بعد إستراحة قصيرة, إتصل الرئيس, رحمه الله, و قال, يجب التوجه لمدرسة "27", فبراير, فورآ , ستكون السيدة خديجة حمدي في إنتظاركم.
وصلنا لخيمة الرئيس, و كانت السيدة خديجة حمدي, في إنتظارنا.
وجبة سريعة و التحرك للمشاركة في ندوة بمقر " الشهيدة النعجة".
إنبهر, أعضاء الوفد, بقدرة المرأة الصحراوية علي التعبير و الحضور القوي للعنصر النسوي في تأطير الندوة و تنشيطها.
في صباح اليوم التالي, إتصل الرئيس - الشهيد , و قال, قائد الناحية العسكرية الثانية, إبراهيم ولد أحمد محمود - إكريكاو- , في إنتظاركم.
تحركنا و كان الوفد في قمة النشاط .
في الطريق للناحية العسكرية الثانية , و علي الشجرة التي" قيلنا " تحت ظلها, نزل عصفورآ, و قلت لأعضاء الوفد, هذا طائر, يسمى هنا, ب"بوبشير"*, و نزوله علي هذا الشجرة , يعني في المخيال الجمعي الصحراوي, بأنها بشارة خير.
وصلنا, للناحية العسكرية الثانية و وجدنا أكريكاو و بعض أطر الناحية في إنتظارنا.
وجبة غذاء سريعة و لمحة سريعة عن الناحية و جلسة سمر .
سحرت الناحية التانية الوفد.
و في الصباح, غفل الوفد راجعآ للرابوني.
نظم, الشهيد - الرئيس, مأدبة غداء علي شرف الوفد بحضور أعضاء الأمانة الوطنية و بعض أعيان المجتمع الصحراوي, أتذكر منهم , الأب أمهمد ولد زيو . تحدث الشهيد عن كفاح الشعب الصحراوي و عن مسيرته و تحدث عن الحاجة لوقوف أحرار العالم مع الشعب الصحراوي في كفاحة من أجل نيل حريته و إستقلاله.
لقد كان, رحمة الله عليه, خبيرآ في فهم عقليات الشعوب و في فهم نفسيتها.
و " الوطي أكبال , علي جرح منطقة الشرق الأوسط...".
تحدث, عن معاناة المنطقة و عن دور قواها الحية في الأخذ بيد شعوب المنطقة نحو الرقي و الإزدهار...".
لم, يتحدث في السياسة إطلاقآ, و لكنه تفنن ليلتها في ممارسة السياسة.
كان, سريع البديهة, يركز على التفاصيل, يسأل ثم يتوكل على الله .
أجمل ما في الرئيس - الشهيد , محمد عبد العزيز, كان قدرته المذهلة, علي إكتشاف نقاط القوة في كل ما يمكن أن يشكل نقاط ضعف, بالنسبة للقضية الصحراوية.
كان, يعرف , أين يجب أن يتقدم ( و هذا , يخص معاركه السياسية و العسكرية), و أين يجب أن ينسحب و أين يجب " أن يكب لعندو من التعمار".
لقد سحرت كاريزما , الرئيس, محمد عبد العزيز الوفد الأردني و عندو رجعوهم للأردن, أوصلو رسالة الشعب الصحراوي و السيد الرئيس , ل"أهل الحل", في الأردن.
فقدنا, فيك, أخآ, و ابآ و ناصحآ, سيادة الرئيس .
لقد , أحسسنا, من بعدك باليتم.
لقد, كان المرحوم, أمة.
د : بيبات أبحمد .
# ترونها, بعيدة و نراها قريبة, عبارة للرئيس الراحل, ياسر عرفات, و يتحدث فيها عن رؤيته, لمستقبل الدولة الفلسطينية.
# " شيك ", عبارة , يستخدمها المشارقة, و تعني, إختيار, أحسن كوستيم و أحسن كرافت و أحسن حذاء .
# عند, رجعونا للأردن, و في أمسية من أمسيات الأردن, قال أحد أعضاء الوفد..."يا شباب, الصحراويين, عندهم عصفور, إذا زارك, فإنتظر بشارة خير.
لقد زارنا , عندما كنا في مخيمات البوليزاريو.
أنا بدي أترشح للبرلمان الأردني, و لو ما أفوز, لا ألعن أبو عصفور الصحراويا, "أبو بشير".