نشط السفير الفرنسي لدى المملكة المغربية السيد كريستوف لوكورتيه Christophe LECOURTIER محاضرة بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية بالعاصمة المغربية محاضرة ادلى خلالها بالإعتراف أن فرنسا تشارك عسكريا فى الحرب ضد الشعب الصحراوي و هي من يعرقل مجهودات المجتمع الدولي الرامية إلي تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية من خلال موقعها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن تتمتع بحق النقض ( الفيتو).
سفير الجمهورية الفرنسية، بلد الإعلان عن حقوق الإنسان و المواطن، لم يدخر جهدا، أثناء محاضرته، لكي ينال رضى المخزن المغربي.
زحف سفير الجمهورية الفرنسية على بطنه و إنحدر و تدحرج و سقط فى قاع البئر أمام مدرج ملأته المخابرات المغربية بالكاميرات و بأشباه الصحفيين الذين اتوا لطرح الاسئلة المحضرة سلفا فى إدارة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DST ) ليجبروا سعادته على قبول إستنطاق علني و مصور أثناء المحاضرة المزعومة إلتى تحولت هكذا إلى محاكمة إعترف فيها السيد لوكورتيه بالدور الفرنسي الرئيسي فى النزاع الصحراوي-المغربي.
حكى سعادة السفير و اجتهد فى البحث عن المفردات و الجمل التى تشفي غليل الجمهور المخزني، المتلبس بعباءات الطلبة، الذى كان من ضمنه الاسير السابق الطيار علي نجاب.
محاولات السفير الفرنسي النجاح فى مهمته المتمثلة فى ارضاء المخزن بعد سنتين من الجفاء بين البلدين دفعته إلى نفض الغبار عن ملفات كانت باريس و الرباط تتستران عليها او على الأقل لا ترغبان في الدخول فى تفاصيلها.
الدبلوماسي الفرنسي الذي ينتمي إلى اللوبي الموالي للرباط وصل به التودد و المجاملة إلى إستعمال كل الأوراق و حجج الإقناع. إلا أنه بدل أن يعلن لهم، عن ما كانوا ينتظرون، أن فرنسا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، الذى لا يعتد به من الناحية القانونية، قال لهم، عوضا عن ذلك، أن فرنسا كانت دائما إلى جانب المغرب، قبل أي كان فى إشارة إلى " تصريح" ترامب ، و الدليل القاطع على ذلك انها قامت بتحطيم وحدات البوليساريو و استعملت فى ذلك طائرات الجاغوار التابعة لسلاح الطيران الحربي الفرنسي المرابط فى السنيغال، و ان فرنسا، يضيف السفير لوكورتيه، وقفت منذ سنة 1975 إلى جانب المغرب، الذى كان محاصرا و يعاني من العزلة، بحيث أنها إستغلت وضعيتها القانونية كعضو دائم بمجلس الأمن، يتمتع بحق الفيتو لتأييد المغرب في قضية الصحراء الغربية و الدفاع عن اطروحته.
السفير لوكورتيه صرح بأن فرنسا هي التى حررت فى باريس ما يسميه المغرب بمقترحه للحكم الذاتي فى محاولة للتملص من تنظيم الإستفتاء بهدف مصادرة حق الشعب الصحراوي فى تقرير المصير و الإستقلال.
شكرا سعادة السفير على الصراحة و الوضوح التام و الشفافية المطلوبة.
نعم، الصحراويون يعرفون ما ذكرتم. إلا أن ما ذكرتم هو قليل من كثير.
لم تخبروا المستمع و المتابع أن الشعب الصحراوي لا يقاتل القوات المغربية الغازية و لا يواجه دبلوماسية الرباط، و إنما يحارب البلد الوصي على النظام العلوي الذى صنعه الماريشال ليوطى و "شرعته" إتفاقيات ايكس ليبان (Aix-les-Bains.)
نعم، سعادة السفير.. لقد نسيت أن تخبر المغاربة كذلك أن الاركان العامة لجيشهم يقودها عمليا، من خلف الستار، ما يسمي بالمتعاونين العسكريين الفرنسيين الذين يشرفون كل شيء و يرسمون خرائط الانتشار و يوجهون التشكيلات.
فالضباط الفرنسيون هم من اقترح إنشاء الوحدات الكبري مثل أحد و الزلاقة و الآراك و غيرها و عندما فشلت فى مواجهة جيش التحرير الشعبي الصحراوي اقترحوا بناء الأحزمة الدفاعية و قاموا بتصميمها بالتعاون مع الضباط الاسرائيليين و الإشراف على بنائها و تركيب الرادارات على طولها.
و لماذا لم تذكر، يا سعادة السفير، تسليحكم للمغرب بطائرات الميراج و الدبابات و الناقلات و جميع أنواع الأسلحة و الذخائر بما فيها مدفعكم من طراز 105 الذي كنتم قد انسحبتم به بعد هزيمتكم فى حرب الهند الصينية و الذى غنمه أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي ليكون من ابرز الشهود على تحول بلد منشإ الإعلان عن حقوق الإنسان و المواطن إلى نظام يركع أمام ابشع و اتفه الديكتاتوريين مثل بوكاسا (Bokassa ) و موبوتو (Mobutu ) و بونغو (Bongo ) و محمد السادس (M6).
تدل محاضرة كريستوف لوكورتيه أن النظام الفرنسي تناسى أن الشعب الفرنسي انتفض ضد حكم الملك لويس السادس عشر (Louis XVI) و قام بقطع رأسه شهر يناير 1793 بعد الإعلان عن قيام النظام الجمهوري المبني على قيم الحرية و الديمقراطية و المساواة فى تصريح بتاريخ 26 اوت 1789.
يظهر أن فرنسا لم تستوعب إلى حد الساعة أن طردها من لدن شعوب دول غرب افريقيا يعود إلى اتباعها للسياسة الإستعماربة التى افصح عنها لوكورتيه فى محاضرته.
فرهان فرنسا على الانظمة الفاسدة العميلة لباريس، مثل نظام محمد السادس، للحفاظ على مصالحها ضد حرية الشعوب و سيادتها ينسف دعاية الحكومة الفرنسية حول الدفاع عن الشرعية الدولية و مبادئ القانون الدولي و تدخل فى تناقض تام مع المبادئ السامية التى بشرت بها الثورة الفرنسية.
لا شك أن فرنسا رهنت مصالحها بالأنظمة الديكتاتورية المعادية لشعوبها، مثل النظام الإقطاعي المخزني فى الرباط، و كأنها تبحث عن بعث الروح فى نظام الملك لويس السادس عشر.
العدوان على الشعب الصحراوي الذى كانت فرنسا هي من سطر، بمعية إسبانيا، حدود بلاده مع المملكة المغربية، و المعترف بها دوليا، لن يعود بالمنفعة على باريس بل سيضر بمصالحها الاستراتيجية.
شكرا، سعادة السفير، على هذا الوضوح الذى رفع اللبس نهائيا عن حقيقة الحرب العدوانية ضد شعب الجمهورية الصحراوية و على تسليط الضوء كذلك على ربط فرنسا لمصالحها مع كرسي محمد السادس و هذا ضد حقوق الشعب المغربي و رغبته في الإنعتاق و تطلعاته إلى الحربة و الديمقراطية و ضد استقرار بلدان المغرب الكبير و وحدة شعوبه و تعاونها على أساس إحترام سيادتها و وحدة أراضيها.
امحمد/البخاري 11 ابريل 2024.