القائمة الرئيسية

الصفحات

" لعاد, هذا هو تخمام, الرجلي, إلي جابر الإشتراكية, ألا الله, إسلك على خير".


قرر الشباب الدارس بالإتحاد السوفيتي, تكوين وفد للتفاوض مع وزير التعليم, حينها, الخليل ولد سيد أمحمد.
مهمة الوفد المفاوض, كانت تتلخص في إقناع الخليل برفع منحة الطلبة الدارسين في الإتحاد السوفيتي من 50 دولارآ في الشهر, إلي 100 دولار.
كانت, ال 50 دولارآ, تصل مرة كل 6 شهور و كنا نختار أحدنا, للسفر للجزائر لجلب هذه المنحة و كان ثمن تذكرته ذهابآ و إيابآ, يقتطع من المنحة الجماعية, بنسبة معينة من كل منحة.
كنت, عضوآ في الوفد المفاوض.
دخلنا, علي الخليل, رحمة الله عليه, و وجدناه, جالسآ علي الأرض و أمامه كم هائل من الأوراق المبعثرة علي الطاولة و المرتبة في رأس الخليل.
بدأت, عملية التفاوض, بأسئلة عامة عن الوضعية في الإتحاد السوفيتي و عن مشاكل الدراسة و مصاعبها.
الخليل, كان يجيد الإنصات.
نحن, نتحدث بحماس و الخليل, كان ينظر لنا من تحت نظارته بهدؤ.
حاولنا, التفنن في الخطابة و في  الحديث عن ثمن الحليب و عن مصاريف النقل و عن ثمن ملابس الشتاء( خصوصآ, لنا نحن, جماعة سيبيريا).
تحدثنا, عن" الشابكات"*, و عن الأحذية الشتوية المصنوعة من جلود الكلاب.
تحدثنا عن ثمن التذاكر من موسكو, لمدينة" إركوتسك"*
تحدثنا و تحدثنا و تحدثنا.
و الخليل, يستمع و يبتسم في صمت.
إحدي" الطافيلات", الدراسات, معنا بالإتحاد السوفيتي و ألتي كانت ضمن الوفد المفاوض, فقدت صبرها من صبر الخليل و قالت عبارة باللغة الروسية.
إلتفت لها الخليل, رحمة الله عليه مبتسمآ.
هذه, الشابة, لم تكن تعرف, بأن الشهيد الخليل, درس بالإتحاد السوفيتي.
غمزها, أحد الشباب, فأجابت بالروسية"...لا أضيعوا وقتكم, الصيد ما طايح منو شي".
إبتسم الخليل, مرة أخرى.
الشهيد الخليل, لم يقاطع, لم يتذمر, لم ينظر لساعته.
تحدث كل أعضاء الوفد.
ضحك الخليل, رحمة الله عليه, ضحكة فيها بحة من أثر التدخين و قال..." أيوا, راني أعطيتكم أنا هذي 100 دولار, أيوا قولوا لي, أشلاهي يوكلوا اللاجئيات الصبح...".
لم نبك و لم نضحك.
قال بإبتسامته المعهودة,..." لعاد, هذا هو تخمام الرجلي إلي جابر الإشتراكية, ألا الله إسلك علي خير...أيوا, ألا طلبوا مولانا, إسهل أنا فمفاوضاتنا مع جهة سويسرية مانحة...ألا, الله, يجعلكم تعودا مباركين....أنتوما, ألا أقراو و توف....".*
خرجنا من عنده بنصف رضا و بنصف أمل و بنصف حلم , و لكن بكل الحقيقة.
خرجنا من الوزارة و قلنا, ل " الطفلة", ألتي تحدثت أمام الشهيد الخليل باللغة الروسية, "....يعطيك من كسران لعمر أطبق و أثلت أمفارد, أنتي أشكلمك, قدام الخليل باللغة الروسية,و هو خريج الإتحاد السوفيتي...؟".
قالت..."قولوا, حق مولانا...".
قلنا, ألها حق مولانا و حق رسول و حق مائة مصحف.
قالت..."يالفظيحة, يقلع, أمو....".
رحم الله الشهيد الخليل و جزاه الله عنا كل خير.
لقد كان نعم, الأب و نعم الأخ و نعم الناصح و نعم الرفيق.
لقد كان, ثائرآ بحق.
كان,ثورة متنقلة و كان " بيليغريم" * من الطراز الرفيع.
دخلها نقيآ و خرجها نقيآ.
لقد, كان هناك جيلآ, أجبر السهر و أرفود الوغرة, بآش تقرأ بقية الأجيال.
جزاهم الله عنا كل خير . 
د : بيبات أبحمد.

# الشابكة, باللغة الروسية, تعني غطاء الرأس, المصنوع من جلد الثعالب و قد إستخدمناه طيلة دراستنا بسيبيريا. 
# التذاكر, من الجزائر لموسكو, كانت علي حساب الجبهة, و التذاكر من موسكو لسيبيريا, بالقطار, كانت تأكل الكثير من المنحة و بالطائرة, تأكل نصفها.
# نجح الخليل, رحمة الله عليه, في التفاوض مع الجهة المانحة و وسع أعلينا فدراستنا, إوسع عليه فقبرو.
"بيليغريم", عبارة أو مفهوم, يعني, أشد مراحل نكران الذات.
في بداية ظهورها, كانت تعني المسرح المتنقل, و مع مرور الوقت, صارت تستخدم للتعبير عن الإنسان الذي يحمل همآ أو فكرآ , يتنقل به عبر الزمان و المكان.

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...