نشرت مجلة النهار العربي اللبنانية فيما يشبه المقال، لكاتبه خيرالله خير الله، الذي لم يأتي في مقاله بفكرة علمية محترمة، ولا بمعلومة حقيقية يستطيع دعمها بحجة ولو واهية.
وللأمانة فالمقال لا يستحق الرد عليه لأن مضمونه هزيل ومحتواه متناقض، ولكن أحببت ان لا أفوت الفرصة لممارسة التوعية و للتواصل مع قراء النهار العربي المحترمين.
بدأ الكاتب كلامه بوصف جبهة البوليساريو بالأداة الجزائرية الإيرانية، وجبهة البوليساريو هي المعترف لها دوليا, حركة تحرر تمثل شعبها في قضيتها التي اعتنقها الدكتور جورج حبش ،وهوغو تشافيز ،وهواري بومدين ،ومعمر القذافي، وفيديل كاسترو ونيلسون مانديلا وكل محرري افريقيا (بان افريكان) الذين يقولون بأن تحرير افريقيا سيبقى ناقصا مالم تتحرر الصحراء الغربية وغيرهم كثير من رموز التحرر العالمي
لم يستحي خير الله خير الله من التموقع ضد رأي هؤلاء المناضلين الأمميين العظام ، في قضية اعتبرتها الأمم المتحدة قضية تصفية استعمار واعتبرتها منظمة عدم الانحياز قضية تحرر واعتبرتها محكمة الإتحاد الإفريقي مسألة احتلال عسكري أو استيطاني، واعتبرتها محكمة العدل الدولية ومحكمة العدل الأوروبية ارض متمايزة ومنفصلة عن أي قوة أخرى ، وكل هذه المنظمات والمؤسسات اعتبرت جبهة البوليساريو حركة تحرير تمثل شعبها، ولابد أن خير الله خير الله حصل على مقابل وثمن بهيض ليغرد خارج السرب ويصفها بالأداة دونما برهان ولا حجة.
ولاحقا تعرض في شبه المقال إلى أن عملية قصف السمارة تكون انتقاما من الإحتلال المغربي الذي يدعم غزة حسب زعم خيرالله خير الله الكاذب وأنا أسأل خير الله خيرالله: هل اسقاط جبهة البوليساريو لأكثر من سبعة وعشرين طائرة مغربية ،وأسر أكثر من اربع آلاف جندي مغربي وقتل أكثر من عشرين ألف جندي مغربي كذلك كان انتقاما؟!!!! هل يبدو حقا للكاتب خير الله خير الله أن المغرب يدعم فلسطين؟؟؟!!!!!، وكأنه لم يعلم بعد بخيانة النظام المغربي وتطبيعه،بل كأنه لم يشاهد شريطا لوزير خارجيته بوريطة وهو يترحم على الصهاينة ويصف الفلسطينيين بالإرهابيين، لقد قلب خير الله خير الله الحقائق وكأنه لا يزال في تسعينيات القرن الماضي حيث كانت قوى الأوليغارشيات العربية المتحالفة مع الكيان الصهيوني تتضامن تكتيكيا مع الفلسطينيين لذر الرماد في عيون شعوبها.
ويبدو أن الرجل يعيش فكريا في الماضي أو أن فكره لا يتطابق مع الشروط التاريخية الموجودة اليوم وكان يكون أقرب للصواب لو قال بأن جبهة البوليساريو صعدت من حربها التحررية التي بدأت في نسختها التانية منذ الثالث عشر نوفمبر ألفين وعشرين تضامنا مع دماء غزة وليس العكس لأن الإحتلال الإسرائيلي والمغربي متحالفان أمنيا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا باتفاقيات معلنة ولم تعد سرية كما كانت فيما قبل.
وفي سابقة من نوعها تكلم الشبه كاتب عن استهداف المدنيين، وهنا لابد من لفت انتباهه إلى أن المستوطنين والجنود ومساعدو قوات الإحتلال يسمون في القانون الدولي :مرتزقة وجزء من جريمة الإحتلال، بل إذا أردنا أن نتكلم عن المدنيين المحميين بالقانون الدولي فقد قصفتهم طائرات الإحتلال المغربي بالفسفور الأبيض و النابالم المحرمة دوليا وأردت منهم الفين واربعمئة قتيل بين النساء والأطفال، وأن النسبة المئوية للمدنيين الصحراويين المخفيين قسرا في سجون الإحتلال المغربي هي الأكبر عالميا. وأن المقابر الجماعية التي تحوي الأطفال القسر الموثقة دوليا شاهدا على جرائم الإحتلال المغربي.
بل إن مجموع شهداء قصف الطيران المسير المقتنى من الكيان الصهيوني يفوق المئة من المدنيين نساء، ورجالا وأطفالا من ثلاثة جنسيات مختلفة ولكن يبدو ان الكاتب عبد الله عبد الله لم يعلم بهذا وإلا لن يرتكب زلته.
دس الرجل أنفه في شأن الزلزال المغربي وعالجه برواية القصر، ولم يكلف نفسه وضع الحدود الفاصلة بين القصر والشعب المغربي الشقيق التي باتت جثة أبنائه وبناته ضحايا الزلزال رحمة الله عليهم اسبوعا كاملا بدون دفن ودفنوا من دون إحصاء.
وأنا في الحقيقة سأتفق مع الشبه كاتب في كون الإخوة المغاربة خرجوا للتضامن مع فلسطين رغم القمع والتنكيل ،خرجوا رغم أن المخزن منع الدعاء لفلسطين حتى في المساجد خرجوا متحدين (بفتح الحاء) النظام العميل، كون ألفين وخمسمئة مغربي مهددين بإخلاء منازلهم لأن المخزن يدعي انها ملكا للصهاينة الذين باعهم الحسن الثاني مستوطنين في أرض الشام, في بداية ستينيات القرن الماضي فهل أصبحوا اليوم مستوطنين في دولة الماروك.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن اسأل السيد خير الله خير الله عن موقفه من القضية الفلسطينية لأنه وطيلة الشبه مقال يذكر اسرائيل ولا يصفها بالمحتل، ويذكر الفصائل الفلسطينية ولا يصفها بالمقاومة
ونحن نفهم قبل أي كان أن موقف الرجعية العربية من القضية الفلسطينية وموقفها من التحرر العربي والعالمي بشكل عام محكوم بعلاقتها بالإمبريالية العالمية و موقعها الوظيفي لهذه الإمبريالية وينبع من تربتها الإيديولوجية ولهذا لا فرق بين موقفكم من القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية وقضايا أمريكا اللاتينية وقضايا الإنسانية العادلة, انتم مصطفين في الطرف الآخر.
وأنا أعتقد من أنه أكثر من لسان الرجعية العربية التي وصفها الدكتور جورج حبش رحمة الله عليه في العائق الحقيقي أمام التحرر العربي
إن الشعوب العربية اليوم في حاجة إلى أقلام حرة إلى نخبة يتطابق وعيها والشروط التاريخية الراهنة، إلى من يعون الواقع الموضوعي وينقلونه بشكل علمي إلى الإدراك الجماعي ،لم تعد الشعوب العربية جاهلة ولا مغفلة ولم تعد الشعوب تتعامل مع أقلام الكذب والتجهيل الناشطة في خدمة المشروع الصهيوني بالكلمة المقروءة.
بل أصبحت هذه الجماهير تمتلك المعلومة وتمتلك آليات التحليل والنقد التي بواسطتها تكشف التناقض في آرائكم ، وتحاصر أكاذيبكم، لقد إنتهت وظيفتكم في مغالطة الرأي وتجهيل الجماهير لأن وعيها أضحى متقدا ومشاريعها التحررية أصبحت واضحة، إن الشعوب اليوم ترفض البروباغندا الرخيصة،وتتجه بخطى حتيتة نحو الحرية والإنعتاق والتضامن الإنساني الكوني.
و ككل مرة، أترحم على الشهداء الميامين الذين رسموا بدمائهم الزكية طريق الحرية
بقلم حسان ميليد علي ـ بوليساريو ـ