القائمة الرئيسية

الصفحات

جرائم ترتكب في صمت...الطائرات المسيرة المغربية واستهداف المدنيين في الصحراء الغربية.


مقدمة: الصحراء الغربية كانت مستعمرة من قبل إسبانيا، كونها قوتها الإدارية. وفي الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، تُعرَّف الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي بأنها "أقاليم لم تصل شعوبها بعد إلى الحكم الذاتي الكامل، بما في ذلك الصحراء الغربية".
لكن حركة الاستقلال بدأت أيضًا في الصحراء الغربية نفسها، مع إنشاء جبهة البوليساريو في عام 1973، التي شنت منذ ذلك الحين حرب عصابات ضد إسبانيا. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1975، "تنازلت" إسبانيا عن الإقليم للمغرب وموريتانيا، في اتفاق غريب، بعد ذلك انسحبت موريتانيا، ووسع المغرب المنطقة الخاضعة لسيطرته .
بعد حرب استمرت 16 عامًا، في عام 1988 اتفقت السلطات المغربية وجبهة البوليساريو على ما يسمى بخطة التسوية، التي وافقت عليها الأمم المتحدة في عام 1991. واتفقا على إجراء استفتاء يختار فيه الشعب الصحراوي بين الاستقلال أو الاندماج في المغرب. ومن أجل تنفيذ الاتفاق المذكور، تم إنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية ، والتي كان من المقرر أن تشرف على وقف إطلاق النار وتنفيذ استفتاء تم تأجيل إجراؤه منذ ذلك الحين بسبب رفض حكومة المغرب لتنفيذه.
الصحراء الغربية مقسمة بجدار عسكري هو الأطول في العالم وهو الذي فرق بين افراد الشعب الواحد أكثر من غيره، وفي الواقع فإن الجزء الشرقي من الجدار يسيطر عليه الجيش الصحراوي بينما الجزء الغربي يسيطر عليه المغرب.
أكثر من ثلاثين عاما، كان على الشعب الصحراوي أن ينتظر الأمم المتحدة لتأخذ على محمل الجد حجم المشكلة والعواقب المحتملة، كانت ثلاثون عاما من الانتظار وامام افق مسدود.
تلك العقود الثلاثة التي لم يسود فيها لا السلم ولا الحرب، انهارت عندما شن المغرب هجوما عسكريا يوم الجمعة 13 نوفمبر 2020 في منطقة الڴرڴرات جنوب غرب الصحراء الغربية، حيث كان المدنيون الصحراويون يتظاهرون سلميا . ووفقًا للملاحظين، فإن الهجوم يعد انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 1991.
نتيجة لهذا الهجوم، اعتبرت جبهة البوليساريو وقف إطلاق النار مع المغرب منتهكًا واعلنت حالة الحرب وأصدر الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، مرسومًا بوضع حد لالتزام وقف إطلاق النار الموقع في عام 1991، والذي ساهم في تمهيد الطريق نحو مواجهة عسكرية بين الجانبين في الصحراء الغربية .

تصعيد جديد، ونماذج لضحايا جدد.

تجددت الحرب بين الطرفين: الطائرات بدون طيار المعامل الجديد.

تستعرض هذه الدراسة بتحليل أهم آثار استخدام الجيش المغربي للطائرات المسيرة على الضحايا المدنيين وذلك من خلال استبيان على الضحايا والبينات المتعلقة بهم.

يتم تعريف الطائرة بدون طيار على أنها تلك المركبة البرية أو البحرية أو الجوية، والتي يتم التحكم فيها عن بُعد أو تلقائيًا. في الواقع، يمكننا أن نجد في ترسانتها طائرات بدون طيار، ولكن أيضًا طائرات برية أو بحرية وهو التعبير الذي يمكن أن يطلق على أي مركبة في حالة عدم وجود أي إنسان على متنها .

من المؤكد أن ظاهرة الطائرات بدون طيار ليست عنصرًا جديدًا تمامًا في سياق النزاعات المسلحة. هناك سوابق من الطائرات المسيرة لأغراض المراقبة في كل من الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، والتي تم تكييفها منذ حرب فيتنام للمهام القتالية، كان ذلك مع حملة NATO في كوسوفو (1999) عندما "بدأوا يفكرون في فائدة اقتران صاروخ بالطائرة بدون طيار، مما أدى إلى إنشاء الطائرة المسيرة “Predator“ومسلحة بصواريخ Hellfire ". في وقت لاحق، مع هجمات 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من حرب ضد الإرهاب، كان ذلك عندما حلقت أولى الطائرات المسلحة بدون طيار فوق أفغانستان (2001) والعراق (2003)

من جانبه، المغرب بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أصبح هذا البلد الأخير أحد أهم موردي العتاد والتكنولوجيا العسكرية للمغرب، والتي تشمل الطائرات بدون طيار خاصة بالمراقبة والاستطلاع وغيرها من الاستخدامات والوظائف المتعددة وحتى "الانتحارية".

لاقتناء هذه التكنولوجيا من طرف المغرب لم يكن ممكنا إلا بالدعم المالي التقليدي من الممالك العربية التي ستكون مسؤولة عن تغطية نفقات هذه المشتريات.

هذه التكنولوجيا الرائدة والمتطورة لم تؤد إلا إلى تأجيج الصراع مع جبهة البوليساريو، والأخطر من ذلك هو نقل واستنساخ مشكلة الشرق الأوسط إلى دول شمال إفريقيا وعلى أبواب أوروبا.

وليس عبثاً، فقد حذرت الجزائر من "مخاطر جسيمة لانحرافات إقليمية خطيرة".

بعد إدخال المغرب للطائرات بدون طيار في تصعيد جديد، بادر المكتب الصحراوي لتنسيق الاعمال المتعلقة بالألغام SMACO، وعلى الرغم من أنه يقر بأنه لا يتوفر على بيانات شاملة بالكامل، نظرًا لصعوبة الوصول إلى المعلومات، بسبب تنوع المصادر، وكذلك لأسباب أمنية في مسرح هذه الجرائم ومع ذلك، فقد أجرى المكتب مسح لطبيعة هذه العمليات لتحديد آثار هذه الأسلحة على السكان المدنيين.

وعند استطلاع وملاحظة ظروف هذه الهجمات في الزمان والمكان، يُلاحظ بوضوح أن المغرب وسّع مسرح العمليات الجغرافية لطائراته العسكرية بدون طيار بأغراض تتجاوز الأهداف العسكرية أصلا. وإذا احتكمنا من خلال الحقائق، فإنه لم يأخذ في الاعتبار أي قيود مكانية أو زمنية ومما لا شك في أن هذه الهجمات تشكل انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان الأساسية ولميثاق الأمم المتحدة.

ووفقًا لخبراء القانون الدولي، فإن الهدف من النزاع ليس تدمير الخصم بشكل منهجي، بل بالأحرى "إخضاع العدو بأسرع طريقة ممكنة وبأقل تكلفة من الأرواح البشرية". من جانبه، ينص مبدأ الإنسانية على حظر "الأسلحة والمقذوفات والمواد وطرق شن الحرب التي تتسبب في ضرر في غنى عنه أو معاناة لا داعي لها ".

1. أين ومتى تم تنفيذ الهجمات.

كما سبق وذكرنا، تم فصل السكان الصحراويين من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق إلى منطقتين على جانب واحد من الجدار، يعيش أولئك الذين يقاومون في الأراضي التي يحتلها المغرب في حالة من الإقصاء الاجتماعي والعنف المؤسسي، الاحتجاجات والرموز المؤيدة لتقرير المصير يتم قمعها بشدة، وكثيراً ما يتعرض مواطنوها للتعذيب، وتتجلى العدالة بغيابها.

تعيش المجموعة الأخرى من السكان الصحراويين في مخيمات اللاجئين في الأراضي الجزائرية، في واحدة من أكثر الصحاري قسوة في العالم، وتدار هذه المخيمات من قبل الحكومة الصحراوية، وتعيش بفضل المساعدات الإنسانية.







ومن نافلة القول إن الطائرات بدون طيار لديها إمكانات كبيرة للطيران فوق مناطق مختلفة وبعيدة للغاية، حيث يمكنها التحرك بسرعة فوق الصحاري أو التضاريس الوعرة أو غير المنتظمة مع انبعاث صور عالية الجودة في الوقت الفعلي بفضل الأجهزة المتاحة، مثل الكاميرات، أجهزة الاستشعار والأشعة تحت الحمراء والأقمار الصناعية حيث يمكنها التمييز بدرجة عالية من الدقة بين الأهداف العسكرية والسكان المدنيين.

ومع ذلك فقد تم حصر حدود حظر تلك الأسلحة وأساليب شن الحرب "التي تسبب أذى أو معاناة لا داعي لها". بينما يشير الحد الآخر إلى حظر الأسلحة التي يكون استخدامها عشوائيًا واعتباطيا، أي أنها لا تملك القدرة على "توجيه نفسها ضد هدف عسكري محدد ".

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التكنولوجيا المتطورة، فمن المناسب التذكر في هذا السياق أنه وفقًا لمسح نتائج الهجمات التي نفذتها الطائرات المغربية بدون طيار ضد المدنيين، يمكن إثبات بالأدلة والبراهين ما يلي:

• تمت كل هذه الاعتداءات في مناطق صحراوية مكشوفة، قاحلة، خالية وجدباء من الغطاء النباتي حيث من السهل جدا التحقق حتى من ألوان واشكال السيارات، ناهيك عن أمتعة الضحايا ووسائلهم للتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

• وقعت هذه الهجمات في مناطق تقع على بعد عشرات الكيلومترات من الجدار المغربي ومن الواضح أيضا أن هؤلاء المدنيين لا يشكلون أي تهديد للجيش المغربي، ولا هم بالقرب من مكان الاشتباكات العسكرية. وذلك يعززه أن 65٪ من الهجمات وقعت مباشرة على خطوط الحدود الدولية.

• وكما ذكر مكتب SMACO في التقرير السابق ، فإن هذه الهجمات وقعت في مناطق لا ينشط فيها الجيش الصحراوي، مما يعني أن العديد من الضحايا مكثوا لعدة ساعات وأيام دون أن تقدم لهم خدمات المساعدة الطبية والإجلاء. وما قضية امبارك السباعي مع صديقه الذي قتل في إمريكلي ، حيث مرت أكثر من 17 يومًا دون الاستفادة من دفن لائق وكريم، حسب تصريح صديق له . ويخشى أصدقاء وأقارب الضحايا المغامرة خوفًا من تعرضهم للقصف بطائرات مسيرة مغربية، كما هو الحال مع الشاب ديديه محمود اهويبيتا حيث تعرض للهجوم مباشر بصاروخ أثناء محاولته مساعدة بعض الضحايا الذين قُتلوا في 24 نوفمبر 2022 في آحفير الحدودية الصحراوية الموريتانية.

كما ان هذه الاعتداءات والهجمات تسببت في نزوح جماعي للسكان الأصليين باتجاه مناطق أكثر أمانًا، ووفقًا للحكومة الصحراوية، كان حوالي 30 إلى 40 ألف شخص يعيشون بشكل مستمر أو متقطع في الأراضي المحررة واضطرت هذه المجموعات من الناس التي كانت تقطن في مجتمعات صغيرة في التفاريتي وامهيريز وآغوينيت وميجك وبئر لحلو إلى مغادرة خيمهم ومنازلهم قسراً بسبب هذه الهجمات العشوائية أو دخول الأراضي الجزائرية، بينما فر آخرون إلى الأراضي الموريتانية. جاء هذا النزوح نتيجة العنف الذي مورس ضدهم من خلال هجمات الطائرات بدون طيار من المغرب، والتي ولّدت، كما هو الحال في اماكن أخرى، إحساسًا بالرعب بين الرجال والنساء والأطفال، مما أدى إلى ظهور ظواهر القلق والتوتر والصدمة بين السكان.

ولا يقتصر تأثير استخدام الطائرات بدون طيار على السكان المدنيين على الأشخاص المتأثرين مباشرة بالعواقب المادية والاجتماعية والاقتصادية للهجوم، بل ستتأثر حياة وسلوك السكان بالكامل بحيث ان نمط الحياة والنشاطات مشروط بالتحليق المستمر في الأجواء من هذه الأجهزة والخوف من التعرض لهجوم في أي وقت . ويمكن تفسير ذلك على الواقع ميدانيا من خلال إعادة “استقرار “العديد من العائلات الصحراوية في الأراضي الموريتانية وعلى بعد كيلومترات فقط من الحدود الصحراوية، ووفقًا لشهود عيان، فهم غالبًا ما يلاحظون تحليق الطائرات المغربية بدون طيار.

خلال 2020 و2021 و2022، بلغ نسبة الهجمات 4٪ و45٪ و51٪ على التوالي. بينما الأشهر الأكثر كثافة للهجمات هي بهذا الترتيب، نوفمبر هو الذروة بنسبة 51٪، وفي سنتين متتاليتين، بينما أقل معدل تم تسجيله في أشهر الصيف.



للتذكير في نوفمبر 2021 وبعد اقل من شهرين لاستلام المغرب لأول دفعة من الطائرات التركية “″Bayraktar TB2 في 17 سبتمبر 2021 قام المغرب بقتل على الأقل 19 ضحية من جنسيات صحراوية، جزائرية وموريتانية في شهر(واحد). جدير بالذكر ان هذا العدد يقارب 16% من مجموع ما قتلت إدارة أوباما خلال 8 سنوات

2. ما هي المجموعات البشرية الأكثر عرضة للخطر؟

إن أهم شرط لاعتبار الشخص مشاركًا مباشرًا في الأعمال العدائية هو وجود صلة (رابطة محاربة) بين الأنشطة التي يقوم بها شخص معين أو مجموعة من الأشخاص وتطور الأعمال العدائية .

عند تحليل طبيعة هذه المجموعات وخاصية كل منها، لوحظ أن الهجمات لم تتبع أي "أنماط سلوك مشبوهة"، ولم يكن من الممكن إثبات علاقة أو صلة بين هذه الجماعات والجيش الصحراوي. إن تحليل البيانات سيكون أكثر إثارة للقلق إذا قمنا بمقارنة وتصور كثافة السكان في الكيلومتر المربع، أي أنها أراضي مهجورة تماما، ما يسهل كشف نوعية أي نشاط والفصل بدون عناء يذكر بين نوعية الأهداف المحتملة.

وفقًا لتحليل إحصاءات بروفايل وأنشطة ضحايا هجمات الطائرات المسيرة، يمكننا أن نؤكد أن الفئات الأكثر استهدافا هي: المسافرون، البدو، المنقبون عن الذهب، التجار والرعاة / مربي الماشية.




ولكن من خلال هذه الهجمات النوعية والانتقائية، يستخلص انهم من خلالها محاولة تحقيق أهداف أخرى ذات طابع استراتيجي خطير، مثل محاولة التأثير سلبًا على تدفق النقل والتبادل التجاري بين الدول المجاورة، وترهيب وبث الرعب والذعر بين المدنيين الأبرياء.

3. توزيع الضحايا حسب الفئة العمرية والجنسية وحسب الدول.

من المعروف أن الطائرات بدون طيار مجهزة بأحدث التقنيات في اكتشاف الأهداف بواسطة الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار والأشعة تحت الحمراء والكاميرات وما إلى ذلك مما يسمح لهذه الطائرات بتحديد وبالتفصيل أي نوع من الأهداف، بغض النظر عن طبيعته، في أي وقت من النهار أو الليل، وفي 360 درجة.

ولقد أجرى SMACO دراسة حول ما مجموعه 61 هجومًا بطائرات مسيرة مغربية على المدنيين، والتي تركت حصيلة بين الوفيات وضحايا ما لا يقل عن 80 شخصًا من جنسيات مختلفة.

ويبين النطاق العمري للضحايا حسب الجنس أن 98.7٪ من الضحايا هم من الرجال مقابل 1.2٪ من النساء. وفيما يخص الاعمار، فإن 96.1٪ هم من الكبار، مقابل 3.8٪ من المراهقين من الإجمالي العام للضحايا، في حين أن أكثر من 94٪ هم دون سن الأربعين.

خلال هذين العامين والشهرين من الحرب، تباينت النسبة المئوية في أرقام المتضررين من البلدان، حسب المناطق التي تعرضت للهجوم وفصول السنة. على سبيل المثال، حتى 9 أبريل 2021، عندما تركزت معظم الهجمات في الشمال، كان 60٪ من الضحايا صحراويين، بينما كان 14.5٪ موريتانيين، و8.3٪ جزائريين، و17.1٪ أشخاص دون تحديد جنسياتهم. - بعضها في حالة تحلل، والبعض الآخر متفحم أو بدون وثائق.



وعلى سبيل المثال، وبعد عشرات الهجمات التي شنتها طائرات مسيرة مغربية في جنوب الصحراء الغربية بعد شهر ابريل من سنة 2021 بنسبة 64٪ من العدد الإجمالي للهجمات، أصبح عدد القتلى الموريتانيين 46٪، بزيادة قدرها 32٪ في الأشهر الستة الماضية من سنه 2022 مقارنة بالتقرير السابق (أبريل 2021).

وبحسب مصادر مختلفة، قُتل مواطنون موريتانيون في جنوب الصحراء الغربية، لا سيما في أكليبات الفولة، ميجك، اڴليبات الفولة وآغزومال وتاغزومالت، أزڴولة وآغوينيت واڴراير ليبيار واڴليب البورة وإمريكلي وآحفير وأتويزرفات والزعزاعيات ولورويات من بين مناطق أخرى.

ويبقى العدد الإجمالي للضحايا بين القتلى والجرحى: الصحراويون يمثلون 45٪ من القتلى و38٪ جرحى؛ بينما أصيب 43٪ من الموريتانيين مقابل 54٪ وفيات. 4٪ جزائريون و12٪ مجهولون.

وبسبب هذه الهجمات، يموت العديد من الضحايا على الفور، ومن ينجو من الضربات يقضي ساعات طويلة دون أن يصل أي شخص إلى مكانه، وفي كثير من الأحيان يموتون بسبب نقص وتأخر المساعدة والإخلاء.

وينقل الاكثر حظا منهم إلى المركز الطبي في مدينة ازويرات الموريتانية المجاورة لتلقي العلاج ".

من ناحية أخرى، لم يكن المواطنون الجزائريون المتجهين الي موريتانيا آمنين، حيث قتل ثلاثة جزائريين، وحرقت شاحنتاهم في الفاتح من نوفمبر 2021 أثناء قيامهم برحلة عبر خط الرابط بين "أنواكشوط ورقلة" على بعد 14 كيلومترًا من بلدة يئرلحلو الصحراوية.

الغريب أن المغرب، بعد ما قتل ثلاثة مواطنين جزائريين في يوم 1 من نوفمبر 2021، عاود مرة أخرى في نفس اليوم، ولكن في عام 2022، حيث قتل خمسة موريتانيين بين منطقتي أغزومال وتاغزومالت .

هذه الاعتداءات التي تعرض لها مواطنو دول الجوار، والتي أدت إلى وقوع عشرات الضحايا بين القتلى والجرحى إضافة الي التهجير، أثارت أيضًا الكراهية والاستياء والحقد بين سكان المناطق تجاه المغرب. وقد ضاعفت هذه الهجمات على سكان الصحراء الغربية وموريتانيا والجزائر مخاوف في مختلف قطاعات الطيف السياسي في هذه البلدان.

ووصفت الرئاسة الجزائرية، في بيان صحفي، جريمة القتل بأنها جبانة وبربرية "مشيرة إلى عدة عوامل تشير إلى قيام قوات الاحتلال المغربية في الصحراء الغربية بارتكاب هذا القتل الجبان بأسلحة متطورة" ، مستنكرة "الممارسات العدوانية التي تشبه تكرار أعمال إرهاب الدولة واكتساب سمات عمليات الإعدام خارج نطاق القانون ".

كما ندد بهذه الهجمات المتحدث باسم الحكومة الموريتانية الناني ولد شروقة الذي أكد استياء حكومته من مقتل مواطنين موريتانيين في قصف بطائرة مسيرة مغربية داخل أراضي الصحراء الغربية .

وعلى الرغم من أن الطائرات بدون طيار ليست سلاحًا يحظره القانون الإنساني الدولي نظرًا لطبيعتها العشوائية، فإن استخدامها في إطار أي نزاع مسلح يجب أن يخضع في جميع الأوقات لمبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية والإنسانية.

.

4. ما هي الأنشطة - الأسباب الأكثر خطورة؟

عمليا بات من المؤكد ان أي شخص أو سيارة مدنية تعبر أو تكون داخل الأراضي الصحراوية تعتبر مستهدفة مسبقا من قبل الطائرات المسيرة للجيش المغربي.



ولكن استنادًا إلى تحليل أخطر الأنشطة التي قد تكون مميتة، ووفقًا لقاعدة البيانات المتاحة للعينة الي تمت معالجتها، أن أكثر من يتعرض لخطر الهجمات هم الباحثون عن الذهب بنسبة 50٪، وتشمل هذه الهجمات المباشرة على موقع التنقيب، وكذلك السفر ذهابًا وإيابًا من وإلى هذه الاماكن. 30٪ تقابل اعتداءات على مسافرين في أماكن متفرقة وطرق مختلفة من الصحراء العربية؛ و19٪ تتعلق بأنشطة أخرى مختلفة وكذا استهداف مباشرة لبنى التحتية.

5. أهم الخسائر مادية.

حتى الآن، لم يتم بعد إجراء تقييم نهائي لآثار هذه الهجمات على ممتلكات المدنيين وغيرها من المرافق والبنية التحتية ذات الاستعمال العام.

إلا أنه تم تدمير أكثر من 51 سيارة وعربة بمواصفات مختلفة. 86٪ سيارات من نوع الدفع الرباعي بين تويوتا ونيسان ولاند روفر. 9.8٪ شاحنات ومركبات كبيرة و3.9٪ صهاريج لتوفير مياه الشرب للعائلات والمجتمعات السكنية والبدو. وقد تم تدمير 29٪ من هذه السيارات في عام 2021، مقابل ما يقرب من 62٪ تم تحطيمها في عام 2022.






الغالبية العظمى من السيارات، 51٪ مملوكة للصحراويين، في حين أن نسبة 35٪ للموريتانيين و5.8 ٪ للجزائريين.

يمكن أن نستنتج من هذه البيانات أن عدد السيارات المدمرة يتناسب عكسيا مع عدد الضحايا، ذلك مفاده أن أكبر عدد من الضحايا الموريتانيين كانوا ممن يبحثون عن الذهب وغالبا ما يسافرون في مجموعات، بينما الصحراويين، ‒ عدا بعض المنقبين عن الذهب ‒ غالبا ما يسافرون في مجموعات صغيرة وهم رحالين بسطاء.

بالإضافة إلى هذه الخسائر المادية، فإن الجيش المغربي يستهدف سبل عيش الصحراويين ويستمر في تكتيكاته القذرة الموجهة ضد سبل عيش العديد من العائلات الصحراوية التي تقيم أو كانت مقيمة في الأراضي المحررة. حيث شوهدت عدة قطعان من جثث الجمال منتشرة في أماكن مختلفة نتيجة قصف الجيش المغربي. وتعتبر الإبل أهم مصدر للعيش. إن عمليات الإبادة هذه تركت عشرات العائلات بدون أبسط الموارد للبقاء على قيد الحياة .




6. هل المغرب أحترم مبادئ التمييز والتناسب والحاجة العسكرية والإنسانية.

تعتمد تناسبية أي هجوم على الأهمية العسكرية للهدف على النحو المنصوص عليه في المادة 51.5) (ب) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، وتعتبر هجمات عشوائية، وبالتالي فهي محظورة.

ولقد تحقق SMACO من معلومات حول حالتين، واحدة مدنية والأخرى عسكرية، لم يتم احترام هذه المبادئ.

الحالة الأولى كما ذكرنا هي قضية الشاب ديديه محمود اهويبيتا حيث قُتل عندما أصيب بصاروخ من طائرة مسيرة يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في منطقة آحفير الحدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية.

اما الحالة الأخرى ، وهي الحالة العسكرية الوحيدة التي شملتها هذه الدراسة ، لأنه تم التحقق منها لإثبات هذه الفوارق و التجاوزات ، وهي حالة الشاب خطرة بشرايا ، الذي بحسب رفيقه المقاتل الآخر أحمد سالم إبراهيم محمد ، الذي كان يقود السيارة ، قال:"لقد تعرضنا للهجوم إلى الشرق من تميمشيت أغزومال ، في 25 نوفمبر / تشرين الثاني ، حوالي الساعة 1:20 مساءً ، أصابنا الصاروخ الأول ، ومن شدة الصدمة قُذفت أنا من السيارة ، وبقت هذه الاخيرة مندفعة حركيا عشرات الأمتار حتى توقفت ... و حضر رفيقي لمساعدتي ، حيث حاول عبثًا أن يأخذ بي بعيدًا ، وفجأة أطلقوا صاروخًا مباشرًا آخر عليه ولم أر سوى سحابة من الدخان ، وأصابتني عدة قطع من جسده مثل الشظايا.

سيارة مدنية أخرى، يقول الناجي، قدمت لإنقاذنا، وإذ بها يصيبها صاروخ ثالث، وتوفي ركابها الثلاثة الذين كانوا كلهم منقبين عن الذهب.




7. هل استخدم المغرب الذخائر الحرارية ضد المدنيين؟

تتوفر الطائرة المسيرة التركية Bayraktar TB2 من بين معدات أخرى على صواريخ جو - جو شامل لنظام MAM قادرة على إصابة أهداف على مسافة تصل إلى 8 كم أو 14 كم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام رؤوس التجزئة القابلة للاستبدال أو الضغط الحراري أو التراكمي معا.



بقايا ذخائر الطائرة المسبرة التركية معروضة في متحف الجيش الصحراوي.

وبحسب مشاهد يأبى لها الجبين وذلك إثر ظهور جثث متفحمة في الهجمات التي حدثت في بعض المناطق وخاصة شمال تاغزومالت ومناطق اخرى حيث تسببت في الوفاة الفورية لما لا يقل عن خمسة من الباحثين عن الذهب، بينما أصيب آخرون بجروح خطيرة. وبعد فحص للصور بات من المؤكد ان هذه الهجمات استهدفت ابرياء بالذخائر غير التقليدية. ولا يستبعد أن تكون هذه الذخائر حرارية.

جثث متفحمة لم يمكن التعرف عليها

جدير بالذكر أن أوكرانيا رفعت شكوى ضد روسيا بإطلاق قنابل حرارية ضد المدنيين، امام محكمة الجنايات الدولية

هذه الذخائر هي فئة فرعية من الأسلحة الحجمية، وتتألف من خزان وقود واثنين من عبوات ناسفة منفصلة. عند إطلاق الشحنة الأولى، تنفجر الشحنة الأولى وتشتت جزيئات الوقود، بينما تشعل الشحنة الثانية الوقود والأكسجين المشتت في الهواء، مما ينتج عنه موجة صدمة من الضغط الشديد والحرارة. ولمزيد من التفاصيل يمكن مشاهده الفيديو

8. مقارنات

لقد أكد مكتب الصحافة الاستقصائية أنه بين عامي 2010 و2020، قام بتتبع والتحقيق في هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار وغيرها من العمليات السرية في باكستان وأفغانستان واليمن والصومال.

وإذ ما قمنا بمقارنة بين هذه الهجمات في هذه البلدان والصحراء الغربية كما يتضح من الرسم البياني، يعكس ذلك أنه داخل هذه البلدان الثلاثة التي هاجمتها الولايات المتحدة الأمريكية، فقط اليمن يتجاوز تلك التي ارتكبها المغرب في الصحراء الغربية. وإذا أضفنا المعدل السنوي لهذه الهجمات التي استغرقت زمنيا ما مجموعه 32 عامًا بين هذه البلدان الأربعة، حسب معدل الهجمات سنويا، يتضح أن 40٪ منها كانت موجهة ضد المدنيين في الصحراء الغربية، في غضون عامين فقط!






9. الاستنتاجات والعوامل التي يجب أخذها في الاعتبار.

الجانب الأول الذي يجب التأكد منه هو طبيعة ونطاق هجمات الطائرات بدون طيار، أي ما إذا كان يمكن اعتبار أن الهجمات المذكورة قد تجاوزت العتبة المطلوبة لتصنيفها على أنها "هجوم مسلح"، على النحو المطلوب في ميثاق. الأمم المتحدة، حول مفاهيم الدفاع المشروع ، حيث ان في هذه الحالة لم يكن من الممكن التحقق من إقامة أي رابطة أو صلة بين هؤلاء الضحايا المدنيين والجيش الصحراوي.

وإذا كانت حماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية مشمولة بالبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949، فكيف يمكن تبرير غياب وتدخل المؤسسات الكبيرة مثل الصليب الأحمر الدولي؟ وعدم الاهتمام الي حد الإهمال لمؤسسات والمنظمات غير الحكومية مثل Human“ “Rights Watch ومنظمة العفو الدولية “Amnesty International“ التي يجب أن تراقب وتتابع هذه الجرائم. وبطبيعة الحال ان هذا الغياب لن يؤدي إلا إلى تقوية العناد المغربي لمواصلة ارتكاب هذه الانتهاكات مع الإفلات التام من العقاب.
الغريب والصادم أن المغرب كذلك، لا رسمياً ولا غير رسمي، اعترف بخطأ مهاجمة هؤلاء المدنيين، ولم يعرب عن تعازيه لأسر الضحايا، ناهيك عن أي عملية تعويض، بل إنه يرفض أي مسؤولية واعتذار لعائلات ودول الضحايا.
لمزيد من التفاصيل:
موقع المكتب على النت والفيسبوك
www.smaco-ws.com
https://www.facebook.com/SMACOws
حرر بالشهيد الحافظ بوجمعة، 22 يناير 2023

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...