القائمة الرئيسية

الصفحات

العاقل من عرف شرف مواسم الرحمات

التقوى أحصن جُنة يعتصم بها الخائفون وأوثق عروة يستمسك بها المتمسكون فطوبى
للمتقين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون:( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31)حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا(32)وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا(33)
النبأ: ٣١ – ٣٦.
الغنيمة الغنيمة، البدار البدار قبل فوات الأوان ففي هذا الشهر المبارك شهر رمضان أبواب الجنة مفتحه وأبواب الجحيم مغلقة والشياطين مسلسلة والمنادي ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة من ليالي هذا الشهر المبارك فاستبقوا الخيرات وسارعوا إلى الطاعات وإياكم والبخل فمن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ففاعل الخير غانم وتارك الشر سالم.
إن الكيس العاقل من عرف شرف مواسم الرحمات ورغب فيها إلى الله – تعالى – بالباقيات الصالحات فشهر رمضان نوع الله فيه للمؤمنين سبل الطاعة وخصال الإيمان فمن أجل الطاعات في هذا الشهر المبارك الصيام إيماناً بالله – تعالى – واحتساباً للأجر عنده ففي الصحيحين قال رسول الله – صل الله عليه وسلم -: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
إن من أبواب الخير في هذا الشهر المبارك قيام ليله احتساباً ففي الصحيحين قال – صل الله عليه وسلم -: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فطوبى لمن هو قائم آناء الليل ساجداً وراكعاً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قلوب خاشعة وأعين دامعة وألسن بذكر الله وتلاوة كلامه لاهجة( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
السجدة: ١٧. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
إنه من سبل البر والإحسـان في شهر رمضان قيام ليلة القـدر وما أدراك ما ليلة القدر:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)
القدر: ٣ – ٥. ليلة القدر ليلة عتق ومباهاة وقربة ومناجاة يفرق فيها كل أمر حكيم وفي الصحيحين قال – صل الله عليه وسلم -: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
ألا وإن من بوابات البر الكبرى التي ازدان بها هذا الشهر كثرة قراءة القرآن الكريم فهذا شهر القرآن( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
البقرة: ١٨٥. فاستكثروا عباد الله من تلاوته وتدبره وسماعه والاهتداء بنوره (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)
الإسراء: ٩. ومن المحفوظ من هدي النبي – صل الله عليه وسلم – أنه كان يختم القرآن في رمضان ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: (كان جبريل يعرض على النبي – صل الله عليه وسلم – القرآن كل عام مرة فعرض مرتين في العام الذي قبض فيه) لكن انتبه يا عبد الله لم يكن ذلك هذّاً كهذ الشعر ولا نثراً كنثر الدقل بل وقوفاً عند عجائبه وتدبراً لآياته:( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)
ص: ٢٩. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
إن من أبرز سمات شهر رمضان الإحسان قولاً وفعلاً، جوداً وبراً وكرماً فالنفوس زاكية بالصيام والقيام وقراءة القرآن فإن الحسنات من الأعمال يذهبن السيئات ومن جزاء الحسنة الحسنة بعدها روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – قال: (كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة)، فأحسنوا عباد الله إن الله يحب المحسنين أحسنوا في طاعة الله وأحسنوا ببذل ما تحبون فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإياكم والبخل والشح ووساوس الشيطان(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
البقرة: ٢٦٨. يمنعكم من البر والإحسان( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
: ٢٦٨. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
عباد الله: إن من أبواب الطاعة في هذا الموسم الكريم قصد البيت العتيق بالعمرة فإن العمرة في رمضان تعدل حجة فالحمد لله عظيم الإحسان يعطي على القليل الأجر العظيم إلا أنه ليس من البر والإحسان إضاعة الواجبات في سبيل فعل المسنونات والمستحبات فإن من الناس من يشغل ذمته بالديون أو يضيع البنات والبنين ليجاور في مكة أو طيبة وليس هذا من الإحسان بل الإحسان فعل الواجبات وفقه مراتب العبادات والمسابقة إلى الخيرات. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
إن من طرائق التقوى في هذا الموسم الكريم ما داوم عليه نبينا – صل الله عليه وسلم – من اعتكاف العشر الأخير من هذا الشهر ففي الصحيحين أن النبي – صل الله عليه وسلم – كان يعتكف العشر الأخير من رمضان والاعتكاف أيها الناس لزوم بيت من بيوت الله طاعة لله ورغبة في الدار الآخرة، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة فـ: طوبى لمن كانت التقوى بضاعته في شهره وبحبل الله معتصماً اللهم أعنا على الطاعة والإحسان ووفقنا إلى ما تحب وترضى من الأقوال والأعمال.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))
فاطر: ١٥.
فاتقوا الله أيها الناس(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
البقرة: ١٨٣. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
إن من أوسع الطرق الموصلة إلى الله – تعالى- وأقصرها في هذا الشهر وفي بقية العمر دعاء الله – تعالى – وسؤاله وإنزال الحوائج به فـ (الدعاء هو العبادة) (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
غافر: ٦٠. وفي الحديث: (من لم يسأل الله يغضب عليه) فأكثروا أيها المسلمون سؤال الله ودعاءه في الشدة والرخاء في السراء والضراء اسألوه من خير الدنيا والآخرة وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
البقرة: ٢٠١. تحروا مواطن الإجابة فإن للصائم دعوة مستجابة وأرجى ما تكون عند فطره وفي كل ليلة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه وذلك كل ليلة وفي آيات الصيام قال الله – تعالى-:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
البقرة: ١٨٦. فادعوا الله بقلوب خاشعة منكسرة ذليلة ملحة سلوا الله كل شيء سلوه الدقيق والجليل فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع واعلموا أن خير ما تسألونه الله – تعالى- في الدنيا والآخرة الهداية(اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
الفاتحة: ٦. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
هذه أبواب الخير مشرعة وسبله ممهدة فاستبقوا الخيرات قبل فواتها.
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلاً
بقلم: فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد ابن عبد اللّه المصلح

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...