القائمة الرئيسية

الصفحات

ما يجب ان يذكره الشعب السوري


لاشك أن الشعوب في أوقات محنتها تتسع ذاكرتها وتقوى ، ولاشك  أن الشعب السوري الآن يسجل للتاريخ  كل من أعانه وهو في عين العاصفة الحمراء والهوجاء، ودماء بنيه تسيل في شوارع مدنه العتيقة وحواريها   المجيدة ، فيما يتشرد الآخرون في المنافي ودول الجوار اتقاء لشر نظام الأسد الذي لم يتقن يوما غير القتل تحت كل العناوين .
أقول هذا الكلام ليقيني أن السوريين يحفظون في قلوبهم كل من أعانهم ولو بكلمة ، لأذكرهم أن شقيقهم  الشعب الصحراوي ، لم ينساهم ولم يتخاذل عن نصرتهم ، لكنه هو نفسه يواجه ما يواجهون وأكثر منذ أزيد من ثلاثة عقود، فصمت المجتمع الدولي عن جرائم الأسد ، وصراعه فيما بينه بحساب المصالح ، هو ذاته ما يعانيه الشعب الصحراوي، من صمت مخزي عن جرائم الحسن الثاني ومن بعده وريثه محمد السادس، وفيتو روسيا الحاضر خدمة للأسد ونظامه، يقابله عندنا تحرك فرنسا وضغطها  - دون حاجتها للفيتو-  خدمة للعرش المغربي ، ورغم أن لاجئينا  يوفق عددهم عدد اللاجئين السوريين ،ورغم أن ماساتنا طال عليها العهد – احتل المغرب الصحراء الغربية 31 أكتوبر 1975 ومازال جاثما على صدرها إلى اليوم – ورغم أن العرب تنكروا لنا جميعا باستثناء الجزائر ، وليبيا حسب مزاج العقيد- في حين هم ينقسمون بشان سوريا، بل أن جلهم يدعوا صراحة إلى تسليح المعارضة السورية، ويدعمها بالمال والإعلام الذي هو عصب الحروب الحديثة ومفتاح النصر فيها(الجزيرة والعربية أكبر القنوات العربية وأبعدها تأثيرا)، وهو ما لم  ولن يفعلوه مع الشعب الصحراوي  مادامت ذات الأنظمة قائمة،ورغم أن تمديد مأمورية عنان هي لشهر واحد كما يصر معظم أعضاء مجلس الأمن، خلافا للتجديد السنوي لبعثة الأمم المتحدة المتواجدة بالصحراء الغربية منذ 1991  تاريخ وقف إطلاق النار بين البوليساريو والمغرب، رغم كل هذا و أكثر ، نعلن ولائنا وانحيازنا للبشرية دون تمييز عنصري أو ثقافي أو ديني أو طائفي، ونؤكد على دعمنا غير المشروط للشعب السوري في محنته وهو  يواجه آلة دمار عمياء ووحشية غير مسبوقة  .
فسوريا الشعب والحضارة والتاريخ والتعدد تعني لنا الكثير، ولا نقبل تحت أي مسمى او مصلحة التضحية بها وبشعبها ، ولا نتردد في تسمية الأشياء بمسمياتها ، فما يجري في سوريا جريمة مكتملة الاركان يرتكبها نظام الاسد وعصابته العائلية،ضد إرادة شعب في الحياة الكريمة طال صبره أكثر من اللازم، على الاهانة والظلم ، فما يجري في سوريا لا علاقة له بالمقاومة  او المؤامرة عليها، إنما هي انتفاضة شعب  يريد ان يتنفس بشكل طبيعي تحت سماء الله .
ليس في الصحراء الغربية وسوريا بترول ، وبالتالي حظ الشعبين  ليس كحظ الكويتيين او الليبيين، او دول الخليج عموما ، يجب ان لا ننسى ان في البحرين ثورة، لذا عليهما ان يقتلعا أشواكهما بيديهما، وان لا يعولا على أي قوة مهما كانت فليس لهما  بعد الله  الا شعوبهما التواقة الى الحرية  وقدسية الشهداء، كما قال الراحل الكبير ممدوح عدوان.
ما زال ينقصني شهيد/يا أيها الأهل الذين تزاحموا في السوق/ساقهم الولاة كما تُساق النوق/حوَّلهم دعاة الأمر جوفاً صارخين/كما يصيح البوق/يلزمني شهيد/يا أيها الأصحاب والأطفال والأزهار/والشجر المغرد في دمي/ما زال ينقصني شهيد/يا أيها الأولاد والأحفاد والأجداد/يلزمني شهيد.
كم من شهيد يا ممدوح على سوريا أن تسدده ثمنا حتى يرحل الأسد؟ فلو فرضنا ان النظام السوري مقاوما او ممانعا وانه لهذه الأسباب يواجه مؤامرة دولية عاتية ، ماذا يضيره لو  استجاب لشعبه او لجزء كبير منه وتنحى عن الحكم ، حقنا للدماء وصونا لسوريا الدولة من الانهيار والدمار ، لكن الاسد بتشبثه المرضي بالكرسي وتضحيته في مقابله بدولته ووطنه وشعبه  كما هو حال كل الحكام العرب ، كشف عن الوجه العائلي والطائفي للنظام والذي ليس من مصلحته التنازل او التداول على السلطة لان كل الإمبراطورية التي بناها بالفساد والسرقة ستنهار ، فالنظام السوري ليس اكثر من عصابة تدير بلد ، هي ذات العصابة التي حكمت مصر وتونس وهي ذات العائلة التي حكمت ليبيا واليمن ، كل الأنظمة العربية  دون استثناء، وجهها طائفي او قبلي ومنطقها مافيوي ، ولا علاقة لها بمفهوم الدولة الحديثة على الاطلاق .
لكن ربيع العرب حتى وان كان بطعم الصقيع و قسوته ، سيكنس كل الاصنام التي تألهت، وسرقة قوت شعوبها ، باسم الثورة ، ورهنت مستقبلها باسم المؤامرة ، وتابدت في الحكم باسم المصلحة والوطنية وغيرها من الادعاءات السخيفة.
لقد كان مخيم اكديم ازيك في العيون عاصمة الصحراء الغربية  المحتلة اكتوبر 2010 والذي دام شهرا خارج المحيط الحضري للمدينة يتحدى سلطات الاحتلال المغربي، ولم تستطع تفكيكه الا باستعمال القوة المفرطة ، عشرات الاف الجند والقوات الخاصة ، وفيالق القوات الامنية ، وسط صمت العالم ، وعجز مجلس الامن ان يصدر بيانا ادانة حتى، بسبب النفوذ الفرنسي . كان هذا المخيم اول براعم الربيع العربي ، الذي ازهر بعد ذلك في تونس واثمر في مصر ، وكان مخاضه عسيرا في ليبيا واليمن ، ثم سوريا الان  والبحرين  المسكوت عنها.
المشكلة انه لا نظام يعتبر من الآخر وكل يظن نفسه غير الآخر، قالها حسني ان مصر ليست تونس والنتيجة معروفة ، وكذلك قالها الأسد ، تشابهت قلوبهم . وكذلك الشعوب العربية  ، تشابهت تطلعاتها للحرية ، ولدولة القانون  وللديمقراطية وللكرامة ، وتشابهت تضحياتها ، ثمنا لغد افضل تمتلك مصائرها فيه بيدها .
بقلم: اسلامه الناجم ـ كاتب وصحفي من الصحراء الغربية

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...